اسم الكتاب: قضايا المساواة بين المرأة والرّجل- دراسة نقديّة.
اسم المؤلف: أمل بنت عثمان السنيدي.
عدد الصفحات: 201 صفحة.
الناشر: مركز باحثات لدراسات المرأة.
نبذة عن الكتاب:
يَعِجُّ العالَمُ المعاصِرُ بشتَّى الصِّراعاتِ الإنسانيَّةِ والمُعارَضاتِ الفِكريَّةِ، ولعلَّ مِن أبرَزِها قضيَّةَ المُساواةِ بين المرأةِ والرَّجُل؛ فهي تُعَدُّ أساسًا فِكريًّا للحَرَكة النِّسْويَّةِ الغربيَّة؛ عُقِدَت مِن أجلِها المؤتمراتُ، ووُقِّعَتِ الاتِّفاقيَّاتُ؛ بقَصدِ فَرضِها على الأُمَمِ كُلِّها، وقد برَزَت حول قضيَّةِ المساواةِ سِهامُ الشُّبُهاتِ؛ تَشكيكًا في المُسَلَّماتِ، وتأويلًا للقطعيَّاتِ.
وهذا الكتابُ يُبيِّن خطرَ هذا الأمرِ، ويكشِفُ عَوارَه؛ باستعراضِ أبرَزِ القضايا والاعتراضاتِ حول موضوعِ المساواةِ بين المرأةِ والرَّجلِ، وتوضيح ما فيها مِن خَلطِ الحَقِّ بالباطلِ.
وقد اشتمل الكتابُ على مقدِّمةٍ وتمهيدٍ وثلاثةِ مباحِثَ، وخاتِمةٍ.
فذكرت الباحثةُ في المقدِّمة أهميَّةَ الموضوعِ وأسبابَ اختياره، ومنها:
– شيوعُ الأثَرِ الضَّارِّ للشُّبُهاتِ حول قضايا المُساواة بين المرأةِ والرَّجُل في العالَمِ الإسلاميِّ.
– تغييرُ أحكامِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ في عددٍ مِنَ البلدان الإسلامية؛ تأثُّرًا بالشُّبُهاتِ المعاصِرَة حول قضايا المساواةِ.
– تطوُّرُ الأساليبِ، وتعدُّدُ المناهِجِ المختلفة في تناوُلِ قضايا المساواةِ بين الرَّجُل والمرأةِ؛ مما يتطَلَّبُ سدًّا لتلك الثَّغرات المعاصِرةِ.
ثم أوضَحَتْ أهدافَ الدِّراسة، وهي:
– التَّعريفُ بأبرَزِ قضايا المُساواةِ بين المرأةِ والرَّجلِ.
– بيان الموقِفِ الإسلاميِّ مِن قضايا المُساواةِ بين المرأةِ والرَّجل.
– التَّأكيدُ على التَّمايُزِ العادِلِ بين المرأةِ والرَّجل في الإسلامِ.
ومِنَ الجَديرِ بالذِّكر أنَّ الباحثة نبَّهَت على أنَّها اقتصَرَت على أبرَزِ القضايا المتعلِّقة بمساواةِ المرأةِ بالرَّجُل، ولم تلتزِمْ بذِكرِ كُلِّ الشُّبهاتِ.
وفي التَّمهيد عَرَّفَت الباحثةُ مُصطلحَ المساواةِ، فذكرَتْ تعريفَ المساواةِ في المجالِ الإسلاميِّ، وأنَّ عُلَماءَ الشريعةِ لم يُفرِدوا مُصطَلَح المساواةِ بمفهومٍ مُستقلٍّ، وأنَّهم غالبًا يُورِدونَ لَفظَ العَدلِ.
وأشارت إلى أنَّ مصطلحَ المساواةِ شاع في الخطابِ الإسلاميِّ المعاصِر، وقد برز معناه في اتِّجاهَينِ:
الأولُ مقارِبٌ للمفهومِ الغَربيِّ. والاتِّجاه الثاني اتِّجاهٌ يُدرِكُ الاختلافَ والتَّمايُزَ بين المجالِ الغربيِّ والمجال الإسلاميِّ.
ثم تناوَلَت تعريفَ المساواةِ في المجالِ الغربيِّ، وذكرَت أنَّها تُعدُّ نقطةَ اختلافٍ جَوهريَّةً في المجال الغربيِّ، كما أنَّها أحدُ مُنطَلقاتِ الفكر الغربيِّ، وناتج الصِّراع التاريخي في الغرب أثناء بحثِه عن مُنطَلقات بديلةٍ عن تلك التي حطَّمَها ونزَعَ قُدسيَّتَها.
ثم أشارت إلى لمحةٍ تاريخيَّة عن فكرةِ المساواة بين المرأة والرَّجل
فقالت إنَّ دعوةَ المساواة تشمَلُ المرأةَ والرَّجل منذ أن ظهرَتْ على لسانِ اليَهودِ، وإنَّ المرأة في أوروبا عاشت قرونًا مُظلِمةً، فكانت في نظَرِ الكنيسةِ هي أصلَ الخطيئةِ، ورأسَ الشَّرِّ، ولم تكن المرأةُ الأوروبيَّة تتمتَّعُ بأيَّةِ حقوقٍ؛ ولأجلها قامت الثَّورة الفرنسيَّة تحت شعار: (الإقطاع والمساواة والحرية)
ثم تناولت في المبحث الأول قضايا المساواةِ في المجال السياسي، وتكلمت فيه عن:
– قضيَّة المساواة في الوِلاية العامَّة، وأنَّ مسألة الوِلاية العامَّة للمرأة لم تكن مثارَ جَدَل عند علماء المسلمينَ قديمًا، أمَّا في العصر الحاضر فقد أصبحَتْ هذه القضيةُ مثارَ جدلٍ كبيرٍ، ثم ذكرَت أبرَزَ الشُّبُهاتِ في هذا الأمر، ومنها:
- الزَّعم بأنَّه لا يوجَدُ نصٌّ قاطِعٌ في منعِ المرأةِ مِن الوِلايةِ العامَّة.
وردَّت بأنَّه قد دلَّت الأدلَّة المتكاثِرةُ على حُرمةِ تَوَلِّي المرأةِ للمناصِبِ العامَّة؛ قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] فإن كان اللهُ عزَّ وجلَّ مَنع المرأةَ مِن وِلايةِ الأسرةِ، وهي أصغَرُ ولاية، فمِن بابِ أَولى مَنْعُها مِنَ الوِلاية العامَّة.
وكذلك حديثُ أبي بكرةَ: (لقد نفعَني اللهُ بكلمةٍ أيَّامَ الجَمَل: لَمَّا بلغَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ فارسًا ملَّكوا ابنةَ كِسرى؛ قال: ((لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوْا أمرَهُم امرأةً)) ) وغيرها من الشُّبُهات.
ثم تحدَّثَت عن قضيَّة المساواة في الشَّهادة، وممَّا ذَكَرته من الشُّبَهِ في هذا الأمر شُبهةُ:
دعوى معارضة حديث: (أليس شهادةُ المرأةِ مِثلَ نِصفِ شَهادةِ الرَّجل) للقرآنِ الذي يدلُّ على الاكتفاءِ بشهادةِ امرأةٍ واحدةٍ في مقابِلِ رجُلٍ واحدٍ، ونقلت قولَ كاتبٍ سعوديٍّ يكتب باسمٍ مستعارٍ (بن قرناس) أنَّ قولَه تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] ليس المقصودُ منه أنَّ المرأةَ بنصف شهادةِ الرَّجل؛ لأنَّه إذا لم تَضِلَّ الشَّاهدةُ الأولى، وأدلَتْ بشهادَتِها كاملةً، فلن نحتاجَ لسَماعِ شَهادةِ الأخرى.
وأجابت بردودٍ على هذه الشبهة، منها: أنَّ هذا القولَ لا يعدو كونَه فهمًا خاصًّا للنَّاقِدِ لم يقُلْ به أحدٌ من المُفَسِّرين.
ثم إنَّ الآيةَ أثبتَتِ الدُّيونَ بشهادةِ رَجُلينِ، وفسَّرَت معنى الرَّجُل بأنَّه ذكَرٌ، دون الأنثى، وأمَّا الشبهة فقد خالفت منطوقَ الآية عندما اعتَدَّت بشهادةِ امرأتينِ فقط أو رجلٍ وامرأةٍ واحدة. وغيرها مِنَ الشُّبُهات والردود.
وفي المبحث الثاني تكلَّمت عن قضايا المساواة في المجال المالي:
فتحَدَّثَت عن قضيَّة المساواة في الإرث، ومن الشُّبهات التي ذَكَرَتها الباحثةُ ورَدَّت عليها شُبهةُ:
تاريخيَّة نُصوص ميراثِ المرأةِ، وكان من ردودِها على ذلك:
أنَّ ربطَ النَّصِّ بلَحظَتِه التاريخيَّة تحَكُّم وتقَوُّل على النَّصِ بدون دليلٍ، ويؤدي إلى عَبَثيَّة مكشوفة للتَّعاطي مع النَّصِّ.
وأن حَصرَ أحكامِ الميراثِ في زَمَنِ الرِّسالة يعارِضُ عالمَيَّة الرِّسالة، وحُجِّيتَها على الخَلقِ.
وأنَّ نظام الميراثِ خلافةٌ إجباريَّةٌ في المالِ، ويتمُّ تقسيمُها بإرادةِ الخالِقِ وأوامِرِه التي شَرَعها، فلا تحتاج إلى إيجابٍ مِن الموَرِّث ولا قَبولٍ من الوارِث، ويترتَّبُ على ذلك أنَّه لا يجوزُ لأحدٍ أن يعدِلَ أو يغَيِّرَ في الفَرضِ.
ثم ناقشت قضيَّةَ المساواة في النَّفقة، وتناولت عددًا مِنَ الشُّبَه، منها:
أنَّ النَّفَقةَ على المرأةِ إهانةٌ لها وسيطرةٌ رجاليَّة عليها، ومِمَّا ردَّت به الباحثةُ: أنَّ المرأةَ في بيتها كالموظَّفِ في شَرِكَته؛ يعمَلُ ويقبِضُ أجرًا، ولا يُمكِنُ القولُ بأنَّ الموظَّفَ عالةٌ على الشَّرِكة، فكذلك المرأةُ، ولا تُعتبَرُ النَّفقة إهانةً لها؛ فالحقوقُ بين الزَّوجة والزَّوج متبادِلةٍ.
بينما خَصَّصَت الباحثةُ المَبحث الثالثَ لقضايا المساواةِ في المجالِ الاجتماعيِّ:
فتكلَّمت عن قضيَّة المساواة في القِوامة، وأوردَت عددًا مِنَ الشُّبُهات مع الرَّدِّ عليها، منها: أنَّ القِوامةَ استعبادٌ للمرأةِ وسَلْبٌ لكَرامَتِها.
وأجابت أنَّ هذا الأمرَ مَردودٌ بنَصِّ الشَّارِع في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] فلم يقُلِ: الذُّكورُ قوَّامونَ على الإناثِ؛ لأنَّه ليس كلُّ ذَكَرٍ قائمًا على الأنثى.
وأنَّ القِوامةَ في الشَّريعة الإسلاميَّةِ ليست تسلُّطًا ولا قهرًا، وليست سلبًا لحقوقِ المرأةِ، بل هي تقديرٌ وتشريفٌ، ورِفعةٌ لِشَأنها، وإقرارٌ بكَرامَتِها.
وأنَّ وُجودَ بعضِ الظَّواهر السَّيئةِ في الاستبدادِ بالقِوامة؛ لا يعني أبدًا عدَمَ صلاحيَّةِ هذه الدَّرجة؛ فالعَدلُ ألَّا نُحمِّلَ القِوامةَ أخطاءَ الغالينَ.
وفي تناوُلِها لقضيَّة المساواة في الطَّلاق عَرَضَت لبعض الشُّبُهاتِ بالرَّدِّ والنَّقد؛ منها شبهةُ: أنَّ الطَّلاق عُنفٌ ضدَّ المرأة، وممَّا قَرَّرَته الباحثةُ في ردِّها على تلك الشُّبهة: أنَّ هذا الحُكمَ الشَّرعيَّ أبعَدُ ما يكون عمَّا يُسمَّى بالعنف؛ إذ هناك ضوابِطُ وآدابٌ دعا إليها الإسلامُ قبل الطَّلاق، ينبغي على الرَّجُلِ أن يتأدَّبَ بها، ولعلَّ مِن أبرَزِها ألَّا يُصارَ إلى الطَّلاقِ إلا بعد مَسيسِ الحاجةِ إليه.
وأنَّ الطَّلاقَ حلٌّ نِهائيٌّ وعلاجٌ حاسم لِما استعصى حَلُّه على الزَّوجين، ويمكِنُ العودةُ إلى الزَّواج بالرَّجعة بغيرِ شُهودٍ ما دامَتِ المرأةُ في العِدَّة، أو بعَقدٍ جديدٍ بعد انتهاءِ العِدَّة، وذلك بعد فترتينِ: بعد الطَّلقةِ الأولى، وبعد الطَّلقة الثانية، فتلك فترتان لمراجعةِ الحِساب، وتقديرِ الظُّروفِ.
ثم كانت الخاتمةُ، وتناوَلَت فيها أهمَّ النتائج، ومنها:
– أنَّ للمُساواةِ في الفِكرِ الغربيِّ مفهومًا معارِضًا للشَّريعةِ الإسلاميَّة الموافِقة للفِطرة الرَّبانيَّة.
– أنَّ دعوى المساواةِ بين المرأةِ والرَّجلِ إغفالٌ لمفهومِ العَدلِ الذي قامت عليه العلاقات في الإسلامِ.
– أنَّ قضايا المساواةِ في المجالِ السياسيِّ والقَضائي والمالي، تُعَدُّ مثارَ جَدلٍ كبيرٍ؛ بسبب ضغطِ الواقِعِ المعاصِر في ظِلِّ الاستيرادِ المُطَّرِد لنُظُم الغَرب.
وأشارت في التوصيات إلى أنَّ أحكامَ الشَّريعة التي تُوجِبُ التَّمايُزَ العادِلَ بين المرأةِ والرَّجُل تُواجِهُ تحدِّيًا قادمًا من الغَربِ؛ وعليه يلزَم:
– بثُّ الوعيِ لأفراد المجتمعاتِ عبرَ إنشاءِ مَراكِزَ متخصِّصةٍ في قضايا المرأة؛ لتتبُّعِ قضايا المساواة والرَّد عليها.
– إقامةُ دَوراتٍ علميَّة في تحريرِ المُصطلحات الأممِيَّة، وبيانُ حقيقةِ المصطَلَح في الواقِعِ المعاصِر، وتوضيحُ الموقِف الشَّرعيِّ منه.
المصدر: الدرر السنية.