بقلم د. ياسر عبد التواب
قضاة على أبواب جهنم.. يصرون على اقتحامه.. ليتهم يدركون ويستوعبون أن الموت اقرب إليهم من شراك نعالهم.. وأنهم ربما يسبقون من حكموا عليهم إلى الآخرة.. ويومئذ لا يدلون بحجة، ولا ينفع عند الحكم العدل ادعاء الإكراه في استباحة الدماء ولا في الجور بالحكم.. حقا أخس الناس من يبيع دينه لدنيا غيره.
دعنا نتذكر أن الحقوق لا تسقط بالتقادم.. وأن قضاة معاصرين جعلوا عبرة لمن كان له قلب.. منهم عادل عبد السلام جمعة الذي كان خادما لمبارك وبرأ الجناة له في قضايا مهمة، مثل عبارة السلام، وصادر وحبس مظلومين كثر.. فلم يلبث حتى هلك بسرطان في فكه.. تأمل..!
وكان يبدي الندم لزائريه.. فالدنيا أهون شأنا، وسرعان ما تتقلب بأهلها.. والآخرة أعظم من أن تضحي بها من أجل إنسان فضلا عن بيع دينك من أجله!
ونقول:
حكى لنا القرآن كيف ستكون المواجهة يوم القيامة بين الطغاة وأعوانهم، وكيف أن الأعوان ينبرون للتبرؤ من الذنب معتذرين بأنهم كانوا عبيدي المأمور، فلا تنفعهم معذرتهم،وهذا جانب من هذه المواجهات التي حكاها القرآن:
المواجهة الأولى :
“وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ/31، 33]
المواجهة الثانية في قلب جهنم:
“وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ [غافر/47، 48]
المواجهة الثالثة :
“وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة/165-167]”
هذا هو مستقبل من يظلم متذرعا بالإكراه، لكن الواقع اليوم : أن النظام يختار من يوافقه الهوى في الظلم وسفك الدماء!
(المصدر: موقع الأمة)