مقالات

قرار “تحرير الخمور” يقابل برفضٍ واسعٍ في الجزائر

قرار “تحرير الخمور” يقابل برفضٍ واسعٍ في الجزائر

كانت تجارة المشروبات الكحولية في الجزائر تخضع سابقا لعدة شروط أهمها: “ضرورة الحصول على تراخيص مسبقة تنتهي صلاحيتها بموت مالكها، كما أنها غير قابلة للتنازل أو التوريث”، مما تسبب عمليا في تناقص عدد المحلات المسموح لها ببيع المشروبات الكحولية، وهو ما دفع الوزارة إلى إعادة النظر في القانون المنظم لهذه التجارة، وفي طريقة عمل المحلات المتخصصة ببيع هذه المشروبات، لتنتج قانوناً يخالف تقاليد وثقافة المجتمع الجزائري المسلم المحافظ.

فقد انتقدت شرائح واسعة من أوساط المجتمع، قرار “تحرير بيع الخمور” في البلاد والذي أقرته وزارة التجارة،

ولم تقتصر الانتقادات للقرار على الإسلاميين فقط، بل حتى عدد من أعضاء البرلمان، حيث وصفوا القرار بأنه “جريمة بحق الأمة بكاملها”

ومما أثار حفيظة المعارضين للقرار، هو موقف وزارة الشؤون الدينية التي أكدت “عدم تدخلها في القرار”.

الخمر متاح بلا قيود

وبحسب ما ذكرته “الجزيرة نت” فان هذا القرار الذي صدر قبل أيام، يحرر عملية بيع هذه المشروبات بالكامل، فبعد أن كانت تباع في أماكن محددة ووفقا لشروط صارمة، تصبح عملية البيع متاحة في كل المحلات التجارية والمقاهي العادية، الأمر الذي أثار سخط قطاعات واسعة من الجزائريين، وبشكل خاص المحسوبين على التيار الإسلامي.

وكان موضوع استيراد هذه المشروبات أثار سجالاً كبيراً بين الحكومة ونواب البرلمان المنتمين إلى التيار الإسلامي الذين حاولوا منذ العام 2004 تجميد عملية استيراد المشروبات الكحولية بجميع أنواعها، وتقول الحكومة إن إدراج عملية استيراد هذه المشروبات ضمن الموازنات العامة سنويا، يأتي تطبيقا والتزاما بالاتفاقية المبرمة مع “المنظمة العالمية للتجارة”، التي ألزمت الجزائر بتحرير كل أنواع الاستيراد.

ردود أفعال

فتح قرار وزارة التجارة بتحرير بيع الخمور في الجزائر نقاشا حادا بين طبقات المجتمع، حول الجدوى الفعلي من هذا القرار خصوصا وأنه لم يأتي بناءاً على طلب شعبي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح بابا للغضب الشعبي بعد الانتقادات التي وجهها أئمة المساجد، ومواطنون، وبعض الأحزاب،

حيث حذّرت في هذا السياق “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” من مغبة حدوث انتفاضة شعبية ضد تحرير بيع الخمور

فيما ارتأى بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى فتح صفحات خاصة تندد بقرار بن يونس.

وشهدت العديد من الولايات في الجزائر، استنفارا شعبيا، بسبب قرار وزير التجارة عمارة بن يونس والقاضي إلى بيع الخمور بدون ترخيص، حيث اعتبروا هذا القرار منافي لعادات وتقاليد المجتمع الجزائري، وهو الأمر الذي دفع بهم للاحتجاج، هذا بالإضافة إلى أئمة وخطباء المساجد الذي أكدوا على أن عمارة بن يونس تجاوز تعاليم الدين الإسلامي.

وعلى صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، دشن رواد موقع تويتر هاشتاغ #لا_للخمر_في_الجزائر، تعبيرا عن رفضهم، كما تداولوا مقطع فيديو لمقابلة تلفزيونية مع أحد شيوخ الزاوية العلمية لتحفيظ القران والذكر في الجزائر، ندد فيها بالقرار، وطالب بخطبة جمعة موحدة وتشكيل هيئة دينية لمنع تطبيق القانون.

الى ذلك، حذر مغردون من مغبة هذا القرار خصوصا على الشباب، فعلقت المغردة “لينا” بالقول : “لا لبيع الخمر في الجزائر، عيب فنصف الشباب ضائع والسبب هم التجار و غياب الرقابة #لا_للخمر_في_الجزائر.”

في حين، طالب كثيرون وزارة الشؤون الدينية بأخذ إجراءات تحول دون تطبيق القانون، كما رأى آخرون في هذا القرار هدما لثقافة البلاد وللتعاليم الاسلامية.

وفي هذا الصدد فتحت العديد من صفحات الفيس البوك الرافضة للقرار مثل صفحة: “مليونية جزائرية لمنع بيع الخمر حتى ولو بالترخيص”، كما كتبت آلاف المنشورات الرافضة للقرار.

إجرام بحق الأمة

من جهته وصف رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله القرار بأنه “عدوان على الدين” و”إجرام في حق الأمة”

 وأضاف متحدثا للجزيرة نت أن “الخمر أم الخبائث، وقد حرمها الله عز وجل في القرآن بأغلظ الألفاظ وأدقها”.

واعتبر جاب الله إقدام الحكومة على هذه الخطوة “دليلا إضافيا على عدوانها على الدين والأمة”، واعتبرها “شهادة على أن الطغمة العلمانية المتحكمة في صنع القرار ماضية في سياسات الإجرام في حق الأمة ودينها”.

وفي هذا السياق، كشف الداعية السلفي “عبد الفتاح حمداش” أن حركة صحوة المساجد التي يتزعمها، خرجت للاحتجاج منذ أسبوعين في حي بلوزداد بوسط العاصمة الجزائر تنديدا بالقرار الذي وصفه “بالجائر والفاسد والساقط”، مؤكداً أن “السلطة أثبتت باستسلامها للقرارات الدولية، عجزها عن اتخاذ قرارات سيادية تحمي دين الأمة وهويتها من الاعتداء”.

وقال حمداش:

إن “القرار يعكس وجهة نظر الوزير المعادية للدين الإسلامي ولأصالة المجتمع الجزائري”

 وأوضح أن “رئيس تركيا رجب طيب اردوغان يسعى إلى تزويد كل تركي بجهاز لوحي، بينما يسعى الوزير لتزويد كل جزائري بقارورة خمر”. والهدف من ذلك برأيه “تخدير المجتمع الجزائري وإلهاؤه”، بحسب “الجزيرة نت”.

تبرير

الحكومة الجزائرية بررت هذا القرار، بقولها أنه يأتي ضمن الاتفاقية المبرمة مع “المنظمة العالمية للتجارة”، والتي ألزمت الجزائر بتحرير كل أنواع الاستيراد، كشرط للانضمام اليها، وهذا ما أثار انتقادات المناهضين للقرار

والذين أكّدوا بأن “هذا الأمر وان كان فيه مصلحة للبلد فإنه لا يقارن بالمفسدة الكبرى المتمثلة بانتشار “أم الخبائث” بين أبناء المجتمع المحافظ

وأن الحكومة تستهين بشعبها وتضرب معتقداته وتقاليده عرض الحائط، حيث كان يجب أخذ آراء المواطنين في مثل هكذا قرارات مؤثرة ومصيرية قبل اقرارها”، حسب وصفهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى