اسم الكتاب: الدرس العقدي المعاصر (قراءة تحليلية ناقدة للدرس العقدي عند السلفية والأشعرية والشيعة).
اسم المؤلف: عمرو بسيوني.
عدد الصفحات: 536 صفحة.
الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات.
نبذة عن الكتاب:
يأتي كتاب “الدرس العقدي المعاصر” للباحث الأستاذ: عمرو بسيوني ضمن دراسة الحالة المعرفية الاعتقادية الإسلامية، على مستوى الدرس، وقد صدر الكتاب عن مركز نماء للبحوث والدراسات ضمن سلسلة “قراءات في الخطاب الشرعي”، فيما يزيد عن (500) صفحة من القطع المتوسط.
هذا، وقد اختار الكاتب ثلاثة نماذج للحالة الاعتقادية، وهي: النموذج السلفي – الأشعري – الشيعي، وقد اعتمد في اختياره على معيارين رئيسين:
1- حياة النموذج في الواقع الإسلامي.
2- حيويته داخل تياره نفسه.
وبناء على هذين المعيارين؛ اختار الباحث السلفية السعودية كممثل لللتيار السلفي، والتيار الأزهري، وشريحة من التيار الأردني الأشعري، كممثل للتيار الأشعري، والتيار الحوزوي الأصولي، كممثل للتيار الشيعي. مقسما كل درس عقدي لتلك التيارات لدرس نظامي، وحر.
بدأ الكاتب الفصل الأول: بمدخل حول العقيدة والدرس العقدي تحدث فيه عن التعريف، والمصطلح، وتعرض لمسألة إطلاق لفظة (الاعتقاد – العقيدة) على مباحث الإيمانمع وجود المصطلح الشرعي (الإيمان).
ثم انتهى إلى أن الدرس العقدي يتأسس على جانبين: جانب بنائي، وجانب هدمي، مع الانتظام في ترتيب معين، صالح للنقل، والتعليم، بمناهج مختلفة، وفق المدارس الاعتقادية المختلفة.
كما تناول الكاتب في هذا الفصل الآثار الفردية والجماعية للنظام العقدي في الحياة، وأنها ترجع إلى خصائص العقيدة الإسلامية نفسها.
يقول الكاتب: “العقيدة كحياة معيشة لا تستمد من نص كلامي أو فلسفي سجالي أو إثباتي، لكن تستمد من القرآن الكريم والحديث النبوي، بتمامه، بالإيمان به كله، وتصديقه، والانفعال به، والعمل في ضوئه”.
وفي نهاية هذا الفصل تحدث الكاتب عن نشأة الدرس العقدي وغاياته وآثاره، ويرى الكاتب أنه “بطريقة أو بأخرى، وللمفارقة، دفع الإمام أحمد بالسجال الكلامي إلى ذروته، رغم جهوده وموقفه المبدئي الرافض، وبشدة، لعلم الكلام والسجالات المخترعة في العقيدة”. الخلاصة بحسب الباحث: “في البدء كان الإيمان، ثم كان الكلام”.
من الملاحظات الجديرة بالتأمل – والتي أثارها الكاتب – أنه رغم أن المسائل الكلامية الخلافية الأولى في الإسلام كانت حول الكفر والإيمان والقدر والإمامة؛ إلا أن الانشقاق الواضح، وتدشين السجال الكلامي؛ كان متعلقًا، أو متبلورًا، حول الصفات. وطرح منظارا تفسيريا لذلك.
وينتهي الكاتب في هذا الفصل إلى أن الدرس العقدي، النظامي؛ قد بدأ في الظهور من منتصف القرن الرابع، وبلغ تمامه في القرن الخامس، واستمر من ساعتها لقرون، مع تنوعات منهجية مختلفة.
في الفصل الثاني، الدرس العقدي السلفي، تحدث الكاتب عن النظام العقدي للسلفية، فعرفها، وذكر منهجها العقدي، وغير ذلك من المقدمات، ليبحث الدرس العقدي عند السلفية، وقد ذكر الكاتب أبرز الكتب في النظام العقدي السلفي الحر والنظامي، وأبرز شروح تلك الكتب وشُرَّاحها، ومناهج الجامعات – السعودية -، واهتم الكاتب ببلوغرافيا الدراسة النظامية والحرة لأن الكتاب يراد أن يكون مرجعًا يستفاد منه في البناء لدراسة حالة الدرس العقدي لأي من النماذج الثلاثة محل الدراسة.
وقد لاحظ الكاتب على الدراسة الحرة للنظام العقدي السلفي، على مستوى المقررات، عدة ملاحظات من أهمها:
1- أنها كتب ليست موضوعة للتدريس، واقترح تلافيًا لذلك الخطأ: “أن تتمم الطريقة التدريسية هذه المعايير. بأن ينظم المدرس درسه وفق الأسس التربوية والمعرفية الأنفع للطالب”.
2- تتفاوت الكتب المشروحة، من حيث إحاطتها بمسائل العلم، واقترح”أن يُختار للتدريس المقررات الأتم في موضوعها”.
3- الحضور الكثيف لكتب ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، وافتقاد الدروس للتنوع، مما يجعل الطالب يتعود على طريق واحدة في التفكير والاستدلال والتأصيل.
4- التركيز على كتب معينة من ذلك الإطار أيضًا، وبخاصة ابن تيمية، وهذا يقلل من الكفاءة العلمية للطلاب، والمدرسين معًا.
5-قلة، أو ندرة الدروس الموضوعية.
6- الميل إلى الاتجاه النصي الدليلي، والبعد عن البحوث العقلية، والكلامية، والفلسفية، إلا بالقدر المتعلق بالنصوص، وغالبًا ما يكون من خلال أعمال ابن تيمية، المشروحة في الدرس العقدي غالبًا، كالتدمرية.
7- انخفاض مستوى السقف للدروس المتعرضة للكلام على مستوى المقررات، فنادرًا ما نجد درسًا في درء التعارض، أو منهاج السنة في مجلده الأول، نظرًا لعسرهما.
وختم”بأن الدرس السلفي للعقيدة هو الدرس الوحيد الذي يهتم، على مستوى المقررات، بقراءة وتدريس الكتب القديمة للأئمة، ككتب أحمد، والطبري، وابن خزيمة، والمزني، ونحوها، ومع أن هذه سمة خاصة للمنهج السلفي، إلا أنه قليل، ليس غالبًا ولا كثيرًا”.
وأما على المستوى الأكاديمي، فقد لاحظ الكاتب على المقررات الدراسية عدة ملاحظات فصلها على حسب الجامعات محل الدراسة، غير أننا يمكننا أن نجملها في التالي:
1- عدم كفاية المقررات لبعض الجامعات.
2- التركيز على الأهداف المعرفية، وغياب الأهداف المهارية، والوجدانية.
3- تقليدية البحث، وغياب المعايير الواضحة في اختيار بعض الكتب والمقررات.
4- قِدم المقررات المتعلقة بالمذاهب الفكرية المعاصرة، والأديان، والإلحاد، وعدم مواكبتها للعصر.
وأثنى الكاتب على جامعة أم القرى بقوله: “نقرر أن كلية أصول الدين بجامعة أم القرى هي أهم جامعة سلفية في ذلك المجال”.
ومما اقترحه الكاتب، “أن يزيد المعدل المعرفي في الدروس الاعتقادية، بالتركيز على الجانب التأسيسي البنائي، ولا مانع من التعرض للمباحث الكلامية والسجالية المتعلقة في مقرر خاص، أو في نفس المقرر مع إحداث التوازن المناسب لصالح الاتجاه البنائي، ولاسيما في المراحل الأولى، قبل التخصص الكامل”.
كما رأى الكاتب، في ضوء قصور المقررات الذي تناوله بالتحليل: أن “المـُخْرَج السلفي في العقيدة هو طالب علم يحفظ أكثر مما يفهم، وأغلب معارفه العقدية شِعاريات”.
أما على مستوى طرق تدريس الشائعة في الدرس العقدي السلفي، في نطاق الدراسة الحرة؛ فقد قسمها إلى طرق ثلاثة: التقليدية، والتأصيلية، والحاشيجية. وأثنى منها على “الدروس التأصيلية”، وذكر من أبرز ممثليها أسماء مثل: (صالح آل الشيخ – يوسف الغفيص – سلطان العميري).
وختم بملاحظات حول طريقة الحاشيجية – نسبة للحاشية، على غرار الكافيجي نسبة للكافية – والتي يمثلها أحمد الحازمي. وحول بعض الملاحظات العامة للتدريس النظامي، الذي كان قصيرًا لأن الكاتب لم يحضره – على حسب تعبيره -.
وفي الفصل الثالث: الدرس العقدي الأشعري، عرف الكاتب بالأشعرية والأشعري، ثم تحدث عن المنهج العقدي الأشعري، ثم لخص المقولات الأشعرية الأساسية في الاعتقاد.
وعطفًا على الأشعرية تحدث المؤلف عن الماتريدية – النظام العقدي الأقرب للأشعرية -.
وفي دراسة الدرس العقدي عند الأشاعرة، بدأ الكاتب بالأزهر كمرجعية للأشعرية بداية من تاريخه وتطوره ودرسه العقدي، ناثرا بعض الملاحظات التحليلية والنقدية خلال ذلك التأريخ،مع وصف للمقررات العقدية في الفصول الأولى من المراحل التعليمية إلى المرحلة الجامعية الأزهرية.
ويسجل الكاتب ملاحظة على الانتشار الأشعري في مصر فيقول: “مصر، على سبيل المثال، التي تحتضن الأزهر، أكبر مرجعية أشعرية في العالم؛ لا تشهد انتشارًا كبيرًا للأشعرية على المستوى الجماهيري، ربما يرجع ذلك إلى طبيعة الدرس الأشعري الكلامي، الذي لا يسهل على غير الراغبين في تعلمه من المهتمين بهذا النمط من العلوم؛ فإن العوام يرغبون في تلقي الدروس البسيطة السهلة الواضحة عن أصول الدين”.
وأما الدراسة الأشعرية الحرة، فقد ذكر الكاتب أنها تشهد نشاطًا في الجامع الأزهر، وجامع السلطان حسن، ومضيفة العدوي، وبعض الكيانات التعليمية التي ظهرت بعد ثورة مصر (2011)، وأن بعض أساتذة جامعة الأزهر يدرس في الجامع (الأروقة) العقيدة الأشعرية كالدكتور حسن الشافعي، والدكتور جمال فاروق، وغيرهما.
وفي الأردن، التي اختارها الكاتب كنموذج إضافي للدرس الأشعري الحر، نظرا لطابع تلك المدرسة السجالي المميز؛ذكر الكاتب عدة رموز للعقيدة الأشعرية وأبرزهم الأستاذ سعيد فودة، كما ذكر غيره في بلاد أخرى، كنزار حمادي في تونس وغير هؤلاء.
وانتقل الكاتب لذكر أهم المتون والكتب في سلم الدراسة الأشعرية، في ببلوغرافيا طويلة، ثم ذكر ملاحظاته على الدرس العقدي عند الأشاعرة، على مستويي المقررات، وطرق التدريس. ونجملها كالآتي:
1- أن الكتب مَتْنية، جافة، معقدة الأسلوب، مما يصرف الجهد الأكبر، من المدرس والطالب في فك العبارات، ومحالة تجاوز التعقيد اللفظي والمعنوي الذي فيها.
2- بُعد المقررات عن أدلة الوحي.
3- قلة الاعتماد على الكتب المتقدمة للأشعرية.
4- ضيق المقررات المدروسة.
5- قلة الإحاطة بالفلسفات المعاصرة، بل عدم الإحاطة بالخلافات الأشعرية البينية.
6- عدم قيام المدرس بجبر الخلل المنهجي الذي في المقررات، كترتيب الدرس، وعنصرته، وتقديم المقدمات المنهجية اللازمة، بالإضافة لاختفاء المنحى النقدي الذاتي في الدروس.
7- عدم اتباع أي منهجية حديثة في التدريس.
وبخصوص الدراسة النظامية الأزهرية يقول الكاتب: “ينبغي أن نصارح القارئ أن النظام المنهجي، على مستوى البرنامج الدراسي، وعلى مستوى طرق التدريس، وما يتمثل بناء على ذلك من مُخرَج تعليمي، في حالة الأزهر؛ هو الأسوأ على الإطلاق من النماذج الثلاثة التي يتعرض لها كتابنا بالبحث: السلفي، والأزهري، والشيعي”.
“الأزهر الذي كان جامعًا، ثم أصبح جامعة؛ لم يقدر أن يصبح جامعة بالمعايير البيداجوجية الحديثة، ولا هو أصبح في لياقة الجامع القديم وقوته العلمية، ولا هو أصبح نموذجًا تلفيقيًا من الاثنين، لم يصبح شيئًا على الإطلاق”.
“ومن الواضح من سلوك العديد من الأزهريين، والمتأثرين بطريقتهم في التدريس أنهم يشعرون بالزهو والانتشاء، والاستعلاء على أقرانهم من السلفيين، الذين يتسمون بقلة المعرفة في تلك الجوانب، بما يستلزم ضعف مجاراتهم لهم في هذا المضمار، على أن نفس المضامين التي يدرسها الأزهريون، من الناحية المعرفية، هي أقل كثيرًا من المضامين التي يدرسها الطالب الحوزوي مثلًا، نظرا لتعمق المقررات الحوزوية في البحث الفلسفي، الأعقد كثيرًا من البحث الكلامي، وبخاصة في نسخه الكلامية المتأخرة التي يدرسها الأزهريون”.
هذه بعض الملاحظات التي لاحظها الكاتب على نظام الدراسة الأشعري، والذي يعد الأسوأ – بحسب وجهة نظر الكاتب – في الأنظمة الثلاثة محل الدراسة.
وانتقل الكاتب في الفصل الرابع للدرس العقدي الشيعي، فبدأ بالحديث عن التشيع تعريفًا، ونشأةً، وفرقًا، وعن منهجها العقدي العام، وقد حرر الكاتب في هذا البحث كثيرًا من القضايا المتعلقة بالتشيع من خلال نصوص أئمته وعلمائه.
ثم شرع الباحث بعد ذلك في الحديث عن الدرس العقدي الشيعي عبر الحديث عن الحوزات العلمية (الكيان التعليمي الشيعي، التقليدي والمركزي في آن واحد)، وتطرق الحديث لمراحل الدراسة الحوزوية، وبعض الإشكاليات التي تواجه الحوزة، وأكبر رموزها، وحركات الإصلاح فيها، في ملخص شامل، يكشف عن العديد من الملامح والتباينات الداخلية عند الشيعة المعاصرين.
واستعرض البحث ببلوغرافيا الدرس العقدي في الحوزات التقليدية، ثم استعرض الببلوغرافيا الموسعة التي يقدمها معهد الكلام الإسلامي التابع لمؤسسة الإمام الصادق، بزعامة المرجع الإيراني جعفر السبحاني.
وقدم الكاتب ملاحظات تفصيلية حول مناهج الحوزات، وحول مناهج معهد الكلام الإسلامي بصورة أخص وأوضح.
وفي خصائص الدرس العقدي الشيعي الإمامي، يقدم الباحث عددًا من الملاحظات، من أهمها:
1- الوفرة العلمية الكبيرة في المادة النقدية للحوزة العلمية، والاقتراحات التطويرية بشأن الدراسة فيها؛ من جانب الأقلام الشيعية نفسها، من أبرز القامات والمراجع، وصولا إلى المدرسين والباحثين الإماميين.وهو ما يعده الباحث سمة إيجابية في الدرس العقدي الشيعي.
2- الطريقة الحرة في الدراسة.
3- مشكلة اللغة في الدراسة الحوزوية وخاصة مع اللسان الفارسي.
4- مركزية الكتاب التقليدي.
5-تراجع مكانة الدرس العقدي في الحوزة.
6- ضعف الدراسات الحديثة المتعلقة بالشبهات الجديدة في الدرس الحوزوي.
7- وتحدث أيضًا عن نقد طرق التدريس الحوزوية المختلفة، على نحو تفصيلي، جامع بين التحليل، والنقد.
وعموما؛ تميز الكتاب في جانب الدرس العقدي الشيعي، وامتاز بكثرة الوصف والتحليل على حد سواء.
في خاتمة الكتاب، والتي يبدو من خلالها، وكما يشير الكاتب نفسه، أن هذا الكتاب يعد مقدمة وصفية نقدية من الكاتب لكتابة أكبر في التأسيس النظري لدرس علم الاعتقاد، على أسس العلوم التربوية الحديثة، مع مراعاة الخصائص المميزة للعقيدة الإسلامية في آن واحد.أكد الكاتب أن “من الواضح أن هناك فصامًا تامًا بين المشتغلين بالدرس العقدي، والإسلامي عمومًا، والنظريات والمفاهيم والجهود التي مضى على بعضها أكثر من مائة عام في المجال التربوي والتعليمي،وهي حالة متساوقة مع الفقر الإسلامي المدقع في كل ما يتعلق بالعلوم الإنسانية الحديثة”.
وتعرض للنقد الإجمالي لطرق الدرس العقدي، والتي يمكن إجمالها في الآتي:
1- الاعتماد على نظريات التعلم المعتمدة على نظريات الملكات العقلية، البالية: (ثوروندايك، سكينر)، والتي تُقرأ على أنها تراث في أدبيات سيكولوجيا التعليم، ولا تعتمد طرق التدريس أيَّ منهجية نظرية حديثة من نظريات التعلم.
2- على صعيد طرق التدريس لا نجد طرقَ تدريس مستخدمة أصلًا، إلا طريقة الإلقاء والتلقين،بالإضافة إلى عدم استعمال أي معايير علمية لإنجاح هذه الطريقة أيضا.
وهذا فضلا عن عدم الاعتماد على الطرق الأخرى.
3- عدم اهتمام الأهداف بالجوانب الوجدانية، والمهارية، ولو في صورة إعداد أبحاث حقيقية، أو استعمال المكتبة استعمالًا وظيفيًا لا تقليديًاأو شكليا، أو إعداد المختصرات، أو شرح درس، أو إقامة حلقة نقاش. وحتى الأهداف المعرفية هي تتوخى مستويات المعرفة الدنيا، كالتذكر والفهم، لا العليا، كالتحليل والتركيب والتقويم.
4- عدم الاستعمال الوظيفي للكتب المدروسة، بمعنى الاعتماد الكلي عليها، لا استعمالها كوسيلة للدرس.
5- عدم الوضوح في المعايير التي على أساسها تختار المناهج، أو تبتنى. ففلسفة هندسة المناهج ارتجالية، وليست أكثر من تسهيل وعنصرة للكتب القديمة. والأمر نفسه يقال عن مصادر اشتقاق الأهداف التعليمية. ففي الحالتين لا مراعاة لفلسفة المجتمع المعاصر، ولا طبيعة المادة، ولا الخصائص التربوية للطالب أو الدارس، ولا الخصائص الفنية في علم المناهج، التي على أساسها تصمم المناهج بطريقة تربوية وفنية صالحة للدراسة، ومعظِّمة للفائدة المتوخاة منها.
ويختم الكاتب كتابه بقوله: ((المشكلة الأعظم، في تقديري، ولذلك أُنهي بها في تلك الخاتمة العامة: هي غياب الروح النقدية شبه التام في الدرس العقدي.
فلا يوجد إخضاع لأي مسلمة من المسلمات للتفكير الناقد بغرض تحقيقها علميًا، أو التأسيس النظري لها على الأقل.
والأكثر إعضالًا أن نفس الدرس العقدي، بوضعه الذي هو عليه؛ لا يخضع لعملية نقدية ذاتية أصلًا، باستثناء الدرس العقدي الشيعي، الذي وإن كان يعاني غياب ومحاربة الفكر النقدي في سياق المباحث العقدية نفسها؛ إلا أنه أكثر الاتجاهات الدينية حرصًا على النقد الذاتي والتطوير، ولذلك يتوفر في هذا المجال قدر كبير من الأدبيات، كما لابد أن القارئ قد لاحظ)).
وأخيرًا: نرى أن هذا العمل، وما سيتلوه من أعمال مشابهة في الدرس الإسلامي للعلوم المختلفة كالفقه والحديث؛ يمثل خطوة بالغة الأهمية والضرورة لترشيد الخطاب الشرعي، وتوكيد إيجابياته، والمباحثة الحرة البنَّاءة في سلبياته، تحقيقًا للغرض الأساس، المتمثل في تجويده وتطويره، بما يخدم المعرفة والإنسان، على حد سواء.
المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات.