قراءة في كتاب (التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم في دولة واحدة) للدكتور سورحمن هدايات
(خاص بالمنتدى)
إن موضوع هذا البحث هو «التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم داخل دولة واحدة»، ومن حيث اللغة إن كلمة «التعايش» تعني الاشتراك في الحياة على الألفة والمودة، وهي على وزن «تفاعل» الذي يفيد وجود العلاقة المتبادلة بين طرفين.
وسيراً على المعنى اللغوي تكون كلمة «السلمي» وصفاً مؤكداً لطبيعة «التعايش» ومثله: أمس الدابر. وعلى فرض وجود نوع من التعايش غير السلمي يكون الوصف مقيداً يخرج به نوع التعايش غير المسلمين.
وتشمل كلمة «المسلمين» هنا كل مستوياتهم، سواء على مستوى الأمة أو مجموعة أو فرد، كما تشتمل كلمة «غيرهم» جميع الطوائف غير المسلمة، جماعة أو فرداً.
ويراد بـ«داخل» التركيز على العلاقة الداخلية بين المقيمين في دولة واحدة من أهل الديانات المختلفة سواء بإقامة دائمة أو غير دائمة.
ويراد بـ «دولة واحدة» على عمومها سواء إسلامية، أو مسلمة وضعية، أو غير مسلمة.
ومصطلح التعايش السلمي كشعار سياسي يعني البديل عن العلاقة العدائية بين الدول ذات النظم الاجتماعية المختلفة، ومع هذا ليس هناك أي مانع للتوسع في استخدامه في ساحة العلاقات الاجتماعية بين أتباع الديانات المختلفة، وبالخصوص المقيمين في دولة واحدة.
أسباب اختيار الموضوع:
ومن أسباب اختيار الموضوع للدراسة ما يلي:
1- بات مصطلح «التعايش السلمي» شعاراً مطروحاً على ساحة العلاقة الدولية بين الشعوب، وهدفاً منشوداً يسعى إليه، ومع أهمية المفهوم السائد لهذا المصطلح -كما تقدم- فإن التعايش بين الأمم المختلفة الديانات أكثر خطورة من الأول، لا سيما إذا أقاموا في مجتمع واحد ودولة واحدة، إذ إن الاستقرار وبناء السلام بالداخل يأتي قبل الاستقرار وبناء السلام الخارجي، ومن ثم حرص كل مجتمع ودولة على التوصل إلى صيغة تضمن التعايش السلمي والبنائي بين أتباع الديانات المختلفة بها، سواء بهدي من الدين أو بفكر وضعي.
وعلى ذلك فإن معرفة الصيغة الإسلامية في هذه المسألة الشائكة ظل ضروريّاً وواجباً على أهله؛ من أجل التعايش الصحيح من أهل الديانات الأخرى.
2- وبسبب القصور في فهم الكثيرين من أبناء الإسلام لدينه من ناحية، وبروز محاولات هادفة تحت شعار «التسامح الديني» كإيجاد ديانة مشتركة وملتقى الأديان من ناحية أخرى، كثيراً ما يفهم التسامح الديني خطأ بأنه التقاء في كل شيء بين أتباع الديانات المختلفة ونقيض التميز في الخصوصيات الدينية خدمة للاستقرار والتعاون الاجتماعيين، فكانت الحاجة ملحة إلى توضح مفهوم إسلامي في هذا الخصوص، بيد أن عبارة الموضوع ليس بنفس الشعار، وذلك لتجاوز نطاق البحث في الأمور الدينية حسب المفهوم العلماني السائد إلى المجالات المختلفة، وهي في المفهوم الإسلامي من الدين كذلك.
3- إنه -حسب علم الباحث- لم يسبق أن كتب بحث في هذا الموضوع أو بنفس المحتويات التي يعالجها، وبالخصوص فيما يتعلق بمعاملة المسلمين لغيرهم إسلاميّاً في الأوضاع غير الطبيعية وفي الدول غير المسلمة وسط مجتمع غير مسلم.
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى معرفة الهدي الإسلامي على وجه صحيح في معاملة المسلمين لغيرهم في كل مجالات الحياة، وفي الوقت ذاته تصحيح فهوم خاطئة حول التسامح الديني والعلاقة السلمية بين المسلمين وغيرهم. كذلك إبراز مزايا الدين الإسلامي على سائر الديانات والنظم في ضمان الحياة الكريمة الآمنة المطمئنة للبشرية جمعاء وكيف أن سيادة الإسلام هو السبيل للخلاص مما عليه المسلمون من تقهقر وفقدان العزة ومما عليه البشرية من شقاء وتعاسة.
منهج البحث:
ولمعرفة الهدي الإسلامي فيما يتناوله الموضوع يتعين على الباحث الرجوع إلى مصدر الإسلام وهو القرآن الكريم وصحاح السنة، مع الاستعانة بكتب التراث والاستفادة من كتابات المعاصرين في المواطن التي نستسيغ ذلك والمحاولة قدر المستطاع لإبراز موقف الباحث من بين الآراء المسجلة كذا محل الاتفاق بينها.
ولمعرفة الأحداث التاريخية وتلمس الأوضاع الراهنة يرجع إلى بعض كتب السير والتاريخ المعتمدة والكتب التي تعالج الأوضاع الراهنة مع الاستفادة من كتب ومقولات غير المسلمين على سبيل الاستشهاد والمحاولة.
لإعطاء تفسير لكل ذلك، كما لا يقتصر التناول على سرد المعلومات، ومعرفة الموضوع والمشكلة بل ويعقب ذلك محاولة البحث عن الحل والجواب.
وقد جاء االبحث مرتباً على النحو التالي:
مقدمة
الفصل التمهيدي: الإسلام دين الإنسانية
المبحث الأول : رسالة الإسلام إلى البشرية.
المبحث الثاني : دعائم العلاقات الإنسانية في الإسلام.
المبحث الثالث : وضع العلاقات بين مختلف الديانات والأمم قبل فجر الإسلام.
الباب الأول: علاقات المسلمين بغيرهم
الفصل الأول: أساس العلاقات بين المسلمين وغيرهم.
المبحث الأول: نظرة الإسلام إلى واقع تعدد الديانات.
المبحث الثاني: القاسم المشترك بين الشرائع السماوية.
المبحث الثالث: أصل العلاقات الخارجية للأمة الإسلامية.
المبحث الرابع: حول الحرب في الإسلام.
الفصل الثاني: معاملة الإسلام لأهل الكتاب.
المبحث الأول: المراد بأهل الكتاب.
المبحث الثاني: التشريع الإسلامي بخصوص أهل الكتاب.
المبحث الثالث: نماذج لمعاملة المسلمين لأهل الكتاب.
الفصل الثالث: معاملة الإسلام للمشركين.
المبحث الأول: المراد بالمشركين.
المبحث الثاني: التشريع الإسلامي بخصوص المشركين.
المبحث الثالث: نماذج لمعاملة المسلمين للمشركين.
الفصل الرابع: معاملة الإسلام للمرتدين.
المبحث الأول: المراد بالمرتدين.
المبحث الثاني: التشريع الإسلامي بخصوص المرتدين.
المبحث الثالث: نماذج لمعاملة المسلمين للمرتدين.
الفصل الخامس: معاملة الإسلام للمنافقين.
المبحث الأول: المراد بالمنافقين.
المبحث الثاني: التشريع الإسلامي بخصوص المنافقين.
المبحث الثالث: نماذج لمعاملة المسلمين للمنافقين.
الباب الثاني: المسلمون وغيرهم كمواطنين لدولة واحدة
الفصل الأول: سيادة الإسلام المطلقة.
المبحث الأول: سيادة الإسلام ضرورة إنسانية.
المبحث الثاني: مظاهر سيادة الإسلام في الأوضاع الطبيعية.
المبحث الثالث: إقامة الدولة الإسلامية.
المبحث الرابع: دار الإسلام ونطاقها.
الفصل الثاني: رعاية الإسلام للأوضاع الاستثنائية.
المبحث الأول: ماهية الأوضاع الاستثنائية.
المبحث الثاني: الأدلة الخاصة برعاية الأوضاع الاستثنائية.
المبحث الثالث: شروط اعتبار الأوضاع الاستثنائية.
المبحث الرابع: ما يترتب على الأوضاع الاستثنائية.
المبحث الخامس: مظاهر سيادة الإسلام في الأوضاع الاستثنائية.
الفصل الثالث: التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم داخل الدولة الإسلامية.
المبحث الأول: مواطنو الدولة الإسلامية.
المبحث الثاني: وضع المواطنين وحقوقهم.
المبحث الثالث: ضمانات حقوق المواطنين.
المبحث الرابع: وضع الأجانب داخل الدولة الإسلامية.
المبحث الخامس: التزامات المواطنين.
المبحث السادس: نماذج للتعايش السلمي بين مواطني الدولة الإسلامية.
الفصل الرابع: التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم داخل الدولة الواقعية.
المبحث الأول: صور الدولة الواقعية.
المبحث الثاني: وضع المواطنين وحقوقهم.
المبحث الثالث: ضمانات التعايش السلمي بين المواطنين المختلفي الديانات.
المبحث الرابع: التزامات المسلمين في الدولة الواقعية.
المبحث الخامس: الطريق إلى الاحتفاظ بالكيان الإسلامي وتحقيق الحياة الإسلامية.
خاتمة البحث.
- أهم نتائج البحث.
- المقترحات.
