(بقلم الشيخ د. ناصر العمر – رابطة علماء المسلمين)
جاءت هذه الآية في سورة الشمس بتحقيق نجاة النفس الزكية؛ لأثر نور الوحي وإشراقه في زكاة النفوس، ومن ثم فلاحها. وقد أقسم الله تعالى على هذه الآية بأحد عشر قسماً – هو أطول قسم في القرآن -، استهله بالشمس وما يرجع إليها؛ لأنه بوجودها يكون النهار ويشتد الضحى، وبغروبها يكون الليل ويتبعها القمر، متبعه بالبناء والمهاد حيث محلها وأثرها، والقسم بالنفس التي هي مناط التكليف ومحل الصلاح والفساد. فشأن تزكية النفس عظيم، فبها تكون النجاة ويتحقق الفلاح، وبضدها يكون الخسران المبين.
وتزكية النفس هي محور هذه السورة، قال الرازي: «المقصود من هذه السورة الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي»، وهي التي يكون بها التزكي، وعلى رأس الطاعات التي دعت إليها، والمعاصي التي حذرت منها: الترغيب في توحيد الله تعالى وطاعة رسله والإيمان بآياته، والتحذير من الشرك والتكذيب برسله وآياته.
وقد سُلك فيها مسلك التهديد؛ «تهديد المشركين بأنهم يوشك أن يصيبهم عذاب بإشراكهم وتكذيبهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، كما أصاب ثمود بإشراكهم وعتوهم على رسول الله إليهم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقدم لذلك تأكيد الخبر بالقسم بأشياء معظمة وذكر من أحوالها، ما هو دليل على بديع صنع الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره، فهو دليل على أنه المنفرد بالإلهية والذي لا يستحق غيره الإلهية، وخاصة أحوال النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضلال والسعادة والشقاء».
فمقصود السورة تزكية النفس بالتوحيد وتنقيتها من ضده، فإن من حقق التوحيد فأتى بالواجبات والمستحبات واجتنب المحرمات والمكروهات؛ أفلح، وهذا مناسب ظاهر للفترة المكية التي نزلت فيها السورة.
ومعنى الآية ما قاله الحسن البصري رحمه الله: «قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله عزّ وجلّ، (وقد خسر من دساها) أهلكها وأضلها وحملها على المعصية، فجعل الفعل للنفس».
وهذا المعنى الذي أتت به الآية هو جماع ما قيل في معنى التزكية إذا فهم معنى تحقيق التوحيد المقتضي للإتيان بالواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات.
وأما التزكية في اللغة والاصطلاح:
التزكية في اللغة مصدر زكى الشيء يزكيه، ولها معنيان:
المعنى الأول: التطهير، يقال زكيت هذا الثوب أي طهرته، ومنه الزكاء أي الطهارة.
والمعنى الثاني: هو الزيادة، يقال زكا المال يزكو إذا نمى، ومنه الزكاة لأنها تزكية للمال وزيادة له.
وعلى أساس المعنى اللغوي جاء المعنى الاصطلاحي لتزكية النفوس، فتزكية النفس شاملة أمرين:
أ – تطهيرها من الأدران والأوساخ.
ب – تنميتها بزيادتها بالأوصاف الحميدة.
وعلى هذا المعنى جاءت الآيات القرآنية بالأمر بتزكية النفس وتهذيبها، فالمراد بالتزكية في الشرع: تطهير النفوس وإصلاحها بالعلم النافع والعمل الصالح، وفعل المأمورات وترك المنهيات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض حديثه عن أمراض القلوب وشفائها: «والزكاة في اللغة النماء والزيادة، وفي الصلاح يقال: زكا الشيء إذا نما في الصلاح، فالقلب يحتاج أن يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح، كما يحتاج البدن أن يربَّى بالأغذية المصلحة له، ولا بدّ مع ذلك من منع ما يضرّه فلا ينمو البدن إلَّا بإعطائه ما ينفعه ومنع ما يضره، كذلك القلب لا يزكو فينمو ويتم صلاحه إلا بحصول ما ينفعه ودفع ما يضره، وكذلك الزرع لا يزكو إلا بهذا».
وقد جاء في تفسير التزكية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه الطبراني في «المعجم الصغير» وغيره عن عبد الله بن معاوية الغاضِري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ ذَاقَ طعْمَ الإِيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ فِي كُلِّ عَامٍ… وَزَكَّى نَفْسَهُ»، فقال رجل: وما تزكية النفس؟ فقال: «أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ».
الدعوة إلى تزكية النفس في القرآن:
لأهمية التزكية ولأنها وظيفة الرسل، جاء التنويه بها والدعوة إليها في القرآن الكريم على أضرب، منها:
1 – ذكر الله تعالى دعاء الأنبياء والرسل لهذه الأمة بها: كما في قول الله تعالى عن الخليل عليه السلام: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا 9وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}[الشمس: ٩، 10].
2 – ومنها التنويه بأنها غرض البعثة والامتنان بها: كما في قول الله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّـمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْـحِكْمَةَ وَيُعَلِّـمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٥١].. وآيات أخرى.
3 – ومنها بيان أنها دعوة الرسل من قبل: كما في قول الله تعالى لموسى عليه السلام: {اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى 17فَقُلْ هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى 18 وَأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات: 17-19].
4 – ومنها الثناء على أهل تزكية النفوس والإشادة بهم والتنويه بمكانتهم بخلاف غيرهم: ومن هذا قول الله تعالى: {عَبَسَ وَتَولَّى 1 أَن جَاءَهُ الأَعْمَى 2 وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى 3 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى 4 أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى 5 فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى 6 وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى} [عبس: ١ – ٧].
5 – ومنها بيان محل أهل التزكية في الآخرة ومآلهم: كقوله تعالى: {وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِـحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى 75 جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى} [طه: 75، 76].
6 – ومنها بيان حال من أغفل التزكية يوم القيامة ومآله: ومن ذلك قول الله تعالى: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ 6 الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: ٦، ٧]، فقد فسرها ابن عباس رضي الله عنهما بالتوحيد.
7 – ومنها بيان أن من يتزكى فإنما ينفع نفسه في الدنيا والآخرة: ومنه قول الله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإلَى اللَّهِ الْـمَصِيرُ} [فاطر: 18].
وتزكية النفس واجبة؛ لأن المعنى الشرعي للتزكية يدخل فيه تحقيقها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فلا شك في أن أصلها واجب، بل لا يتم إسلام المرء إلا به. ثم بعد ذلك هي درجات كمال واجب أو مستحب متفاوتة يتفاوت حكمها بحسب تفاوت أحكام مراتب الدين وشعبه. ففي صحيح مسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله! ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال:«لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين»، وهذا أحسن من الخلاف الذي دخل فيه بعضهم بناء على ظنه أن التزكية هي التخلق بالأخلاق الحميدة وترك الأخلاق الذميمة، وهذا ناشئ عن إشكال في فهم معناها الشرعي.
ولتزكية النفس ثمار كثيرة، من أهمها:
- الفلاح في الدنيا والنجاة في الآخرة، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا 9 وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: ٩، 10].
- راحة البال وسكينة القلب وطمأنينته وانشراح الصدر وسعته: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْـمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيمَانًا مَّعَ إيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح: ٤]، وقوله: {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125].
- الثبات على الدين والطاعة: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِـمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27].
أقسام تزكية النفس:
تنقسم تزكية النفس إلى قسمين رئيسين، هما: التحلية، والتخلية؛ فالتخلية: يقصد بها تطهير النفس من أمراضها وأخلاقها الرذيلة، أما التحلية: فهي ملؤها بالأخلاق الفاضلة وإحلالها محل الأخلاق الرذيلة بعد أن خليت منها.
وعلى الإنسان التعرف إلى مواضع النقص لديه، فإن من لم يشعر بالمرض ويتعرف إلى أسبابه لا يمكنه علاجه، ولكي يستطيع الإنسان الانتصار على نفسه ينبغي لـه أن يضع أسساً للتعامل معها في ثلاثة محاور:
1 – الإنصاف منها، وعدم تبرئتها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقتص من نفسه وهو المعصوم المسدد بالوحي، وتأمل قوله سبحانه: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [يوسف: 53].
2 – ترك الانتصاف لها من الآخر بأخذ الثأر لها والانتصار لها، فإنها ظلومة جهولة، وإذا كانت هي المظلومة فقد قال الله عز وجل: «ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور».
3 – محاسبتها دائماً، فإنه إذا غفل عنها أغوته وقادته إلى التهلكة؛ لأنها ظلومة {إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72].
وسائل تزكية النفس:
[قبل الخوض في تفاصيل وسائل التزكية، لا بدَّ من العلم أن تزكية النفوس لا سبيل إليها إلا عن طريق الشرع المطهر باتباع ما جاءت به الرسل عن رب العالمين].
وقد أشارت آية الجمعة السابقة إلى هذا المعنى في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّـمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْـحِكْمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة: ٢].
قـال ابن القيم: «فإن تزكية النفوس مُسلَّم إلى الرسل، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاّهم إياها، وجعلها على أيديهم دعوة وتعليماً وبياناً وإرشاداً.. فهم المبعوثون لعلاج نفوس الأمم.. وتزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشد، فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة، التي لم يجيء بها الرسل؛ فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب؟ فالرسل أطباء القلوب، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم، وعلى أيديهم، وبمحض الانقياد والتسليم لهم، والله المستعان».
وتزكية النفوس تتحقق بأمور كثيرة، من أهمها:
1 – التوحيد: وقد سماه الله تعالى زكاة في قوله: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ 6 الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: ٦، ٧]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: {لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} لا يشهدون أن لا إله إلا الله.
ولذلك قال موسى لفرعون وهو يدعوه إلى التوحيد: {فَقُلْ هَل لَّكَ إلَى أَن تَزَكَّى 18 وَأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات: 18، 19].
2 – الصلاة، فقد قرن الله تعالى بينها وبين التزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15].
3 – الصدقة: قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]، وقوله:{وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى 17 الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: 17، 18].
4 – ترك المعاصي والمحرمات: قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} [الشمس: ٩]، أي: زكى نفسه بفعل الطاعات، ثم قال: {وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}[الشمس: 10]، أي: خسر من دساها بالفجور والمعاصي.
5 – المحافظة على الفرائض؛ لأنها أفضل طاعة يتقرب بها العبد إلى مولاه: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه». والإكثار من النوافل لقول الله عز وجل: «… ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه…».
6 – محاسبة النفس: قال ابن القيم: «فإن زكاة (النفس) وطهارتها موقوف على محاسبتها، فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح ألبتة إلا بمحاسبتها… فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها فيمكنه السعي في إصلاحها». قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
6 – الدعاء: على العبد أن يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع ليصلح له نفسه ويزكيها، ولذلك كان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا».
7 – التوبة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: ٨].
8 – لزوم الاستغفار والذكر عموماً، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
9 – تدبر القرآن، فهو جلاء القلوب، وإذا صفا القلب زكت النفس: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
10 – مخالفة النفس والإنكار عليها وعدم تلبية رغباتها لأنها داعية للراحة والعصيان.
11 – توبيخها وتقريعها من أجل حملها على الطاعة.
12 – الإكثار من وعظها وتذكيرها بالموت والدار الآخرة.
13 – سوء الظن بالنفس والحيلولة بينها وبين الاغترار بالعمل والإدلال به على الله، فإن حسن الظن بالنفس يمنع من التزكية.
14 – تنقية العمل من حظوظ النفس وشوائب الرياء، فإن ذلك أساس الإخلاص فيه.
15 – الإقلال من النوم والأكل والكلام: فإن مما يعين على تزكية النفس عدم الإكثار من هذه الأمور الثلاثة والإفراط فيها، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله موجبة لقسوة القلب، وكثرة الأكل موجبة لكثرة النوم، وكثرة النوم موجبة للعجز والكسل، فضلاً عن أنها مضيعة للعمر.
16 – التحلي بالصبر واليقين: فبالصبر ينتصر العبد على شهوات نفسه فيحجزها عن المحرمات ويحبسها على الطاعات.
17 – تطهير النفس من أخلاقها الرذيلة؛ كالرياء والعجب، والشح والبخل، والحرص والطمع، والأمن من مكر الله.
18 – تحليتها بالأخلاق الحميدة الفاضلة بعد أن أصبحت جاهزة لها بتخليها عن الأخلاق الدنيئة، وهذه الأخلاق هي مثل: الإخلاص، والإنابة، والخوف من الله، والشكر، والتواضع.
ورمضان فرصةٌ عظيمة لتحقيق التقوى، وهل التقوى إلا تزكية النفوس وتطهيرها؛ تخليةٌ وتحلية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
وألحوا على الله بهذا الدعاء: «اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها».