مقالاتمقالات مختارة

قتل الإخوة في الدولة العثمانية؟!

قتل الإخوة في الدولة العثمانية؟!

بقلم أ. محمد إلهامي

تكاثرت أسئلة الأحباب في موضوع قتل الإخوة في الدولة العثمانية الذي أثاره مسلسل ممالك النار، وبعضهم أرسل لي روابط منشورات كتبها “أوساخ” (هذا وصف وليس سبًّا، لأنه يكذب وهو يعرف أنه يكذب، نفاقا وسفالة).

ولقد كنت جمعت أفكار المقال في رأسي بين المواصلات وأوقات الفراغ ونحوه، ولكن للأسف لن يسعني الوقت لكتابته، لالتزامي بانشغالات أخرى.. فتعميما للفائدة سأضع هنا عناصر هذا الرد، لعله ينشط له بعض إخواني وأحبابي من الباحثين، ولعله يكون مفيدا لبعض من يبحث عن الأمر:

المحور الأول: حقيقة مسألة قتل الإخوة، وفيه:

1- إيراد الترجمة الدقيقة لنص قانون الفاتح المذكور بشأن قتل الإخوة.

2- إيراد الحكم الشرعي في القتل للضرورة والتفريق بينه وبين القتل للمصلحة

3- تحقيق كون الفاتح قتل أخاه الرضيع كما يزعمون.

ثم سنفترض جدلا أن كل ما سبق صحيح، فيلزمنا أن نسأل: ما الذي إذن دفع الفاتح لإصدار مثل هذا القانون؟.. وفيه ما سيسحبنا إلى:

4- إيراد الصراعات التي نشبت بين الإخوة واضطربت لها أحوال الدولة العثمانية قبل الفاتح.

5- موقف العلماء المعاصرين من قانون قتل الإخوة وأقوالهم فيه.

6- بيان المواقف التي جرى فيها تطبيق قانون الفاتح وقتل الإخوة في الدولة العثمانية

وهنا يجب التنبيه أن “الأوساخ” المذكورين يخلطون خلطا فظيعا بين هذه المسألة، وبين الصراعات التي نشبت بين الإخوة على السلطان فانتصر أحدهم فيها، أو أن يكون أحدهم تمرد على أخيه فانتصر عليه فقتله أو هُزِم فقُتِل.. فهذه الصراعات جرت في كل الدنيا ولم ينفرد بها التاريخ العثماني. ثم إن هؤلاء “الأوساخ” يدخلون في هذه المسألة قتل سلطان لولده بعد أن اتهمه بالخيانة، فكل هذه الأشياء خارج دائرة النزاع هنا.. المسألة التي نبحث فيها هنا محددة، وهي أن سلطانا قتل إخوته دون أي ذنب لمجرد التخوف من أن يسببوا مشكلات فيما بعد.. هذا الذي يجب بيان حدوثه.

وساعتئذ سيظهر حجم المبالغة والتهويل والأكاذيب.

المحور الثاني: قتل الإخوة في ميزان العثمانيين

سنفترض أن كل كذبهم ومبالغاتهم صحيحة، وأن العثمانيين حرصا على استقرار السلطنة والخلافة قد قتلوا إخوتهم، فساعتها نسأل:

7- هذا العمل في ذاته جريمة شخصية يحملها كل سلطان على ذنبه، بينما المصلحة التي أرادها لحفظ استقرار السلطنة هي مصلحة عائدة على كل المسلمين. حتى مع اعترافنا بأنه أمر غير شرعي وذنب عظيم.. فما الذي يؤرق العلماني العربي، أو السياسي البرجماتي الذي يهلك البلاد والعباد في سبيل استقرار الوطن ومصلحته العليا وأمنه القومي؟

فإنه لو صدق أن العثمانيين كانوا يفعلون هذا، فإنما فعلوا الذي تفعلونه الآن.. فإما أنكم مجرمين مثلهم، أو أنهم كانوا حريصين على بلادهم وأمتهم أمثالكم.. فأيهما تختارون؟

8- قتل الإخوة جريمة وعيب من عيوب الدولة العثمانية، سنضعه في الميزان أمام حسناتها التي منها الحفاظ على الإسلام لثلاثة قرون على الأقل، وحماية البلاد العربية من الغزو الأجنبي، وفتحها البلاد في سبيل الإسلام في شرق أوروبا وشمالها، والدفاع عن سواحل الجزائر والهند وعدن والخيلج العربي (الخليج العربي نفسه بقي عربيا بسيوف العثمانيين لا غيرهم، وإلا صار برتغاليا يتحدث البرتغالية كأمريكا اللاتينية التي لم تجد سيوفا عثمانية)، ثم فوق كل هذا إسقاطها الإمبراطورية البيزنطية العتيدة التي حلم الصحابة بفتحها وماتوا عند أسوارها.

فإذا سلمنا أنهم كانوا يقتلون إخوتهم لهدف الاستقرار، فقد جاء هذا الاستقرار بثمراته على المسلمين لثلاثة قرون على الأقل، ولستة قرون على الأكثر.. فإذا جئنا نحن بعد سقوط العثمانيين جميعا فلماذا سيكون حبنا للمقتول أولى من حبنا للقاتل الذي أثبت كفاءته في القيام بمهماته السياسية؟

9- ثم هذا سؤال لن تطرحه أكثر الكتابات التي تدافع عن العثمانيين.. هؤلاء الذين أنتجو مسلسل ممالك النار في السعودية والإمارات.. ألا يخجلون من أنفسهم ونحن نعرف ما فعله محمد بن زايد بأخيه خليفة بن زايد، وما فعله أبوه من قبل بأخيه شخبوط لمصلحة الإنجليز؟.. ألا يخجل محمد بن سلمان الذي يعرف الجميع ما فعله ويفعله بأمراء الأسرة الحاكمة من الاعتقال واستصفاء الأموال والإذلال؟

إنه لو كان لكم عشر معشار ما كان للعثمانيين من خدمة الإسلام فلربما التمسنا لكم العذر ووضعناكم معهم على سواء، أما وأنتم في حالكم هذا يستصفيكم ترمب ويذلكم ويهينكم ويسخر منكم وتفتحون له بلادكم قواعد عسكرية وفنادق زنا وخمور.. فبأي وجه تتحدثون عن خطايا العثمانيين؟!!

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى