في وداع الشيخ الزنداني
بقلم د. إبراهيم البحري (خاص بالمنتدى)
وأخيرًا غابت الشمس المشرقة، وهوى النجم الساطع، واندك الجبل الأشم، وطوي العلم المنشور، وترجل الفارس المعلم.. ومات الشيخ عبد المجيد الزنداني.
أخيرًا فقدت الأمة الإسلامية علما من أبرز أعلامها، شيخ العلماء، ورجل الدعوة والقرآن.
أخيرًا سكت لسان كان سيفًا على أعداء الله، لم يفل له حد، طالما أرعب المبطلين، أخيراً سكت لسان ظل يجلجل ويدوي خلال ستين عامًا، بالدعوة إلى الله، يحشد الناس ألوفًا ألوفًا في ساحته، ويجمعهم صفوفًا صفوفًا على دعوته.
مات الشيخ الزنداني، مجاهدًا مهاجرًا في قلب المعركة، لم يلق السلاح، ولم يطو الشراع، بل ظل يصارع الأمواج، ويواجه العواصف التي هبت من يمين وشمال على سفينة الإسلام، تريد أن يبتلعها أليم، وأن تغرقها الرياح الهائجة.
ودع العالم اليوم العقل الذكي، والقلب النقي، والخلق الرضي، والعزم الأبي، والأنف الحمي..
ولد الشيخ وقد تدهورت الحالة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والدينية للمجتمع اليمني، فحلّ الجهل محل العلم، وحوصر الدين في أضيق نطاق، وما بقي منه عَبَثَ به الإماميون، الذين خدّروا الشعب بنشر الخرافات والبدع بما لهم من سلطان،
ولكن حكمة الله اقتضت أن يقيّض لهذا الشعب من يجدّد له أمر دينه، ويعود به إلى المنابع الأصيلة لهذا الدين الحنيف، فظهر الشيخ ومعه بعض إخوانه كرائدٍ لحركة فكرية دعوية فكان نعمةً منَّ اللهُ بها على هـذا الشعب المسلم في عسره وشدائده، وشعلة من نور أضاءت طريقه خلال حوالك الظلمات، فانطلق رحمه الله، معتمدًا على الله، مستنيرًا بكتاب الله وسنة رسوله _صلى الله عليه وآله وسلم، يعلّم جيلًا كادت تغمره ظلمات الجاهلية، ويربي أمة أراد عدوها أن يُدمرها، ويكافح أمية ألقت على الشعب أوحالًا من التبعية، ويعالج أمراضًا اجتماعية تغذيها إمامة طال ليلها.
ومن هـنا ندرك ثقل الأمانة التي تصدّى الشيخ لحملها، والغاية التي ضحى من أجلها، فكان رحمه الله قدوة للدعاة، ونارًا على المبطلين وأتباعهم، وخزيًا لأهل البدع والخرافة، فكان بحق عَلَمًا من أعلام الإسلام وأحد كبار المصلحين في القرن العشرين.
ما تمنيت أن تكتب سيرة علم من أعلام الأمة كما تمنيت أن تكتب سيرة شيخنا؛ لما عرف فيه ما لم يعرف في غيره من المعاصرين، فقد عرفت الشيخ بالصدق في الإيمان، والسداد في القول، والإخلاص في العمل، والرشد في الفكر، والطهارة في الخلق، والشجاعة في الحق، والمعاداة للباطل، والثبات في الدعوة، والمحبة للخير، والغيرة على الدين، والحرص على العدل، والبغض للظلم، والوقوف مع المستضعفين، والمنازلة للجبابرة والمستكبرين، مهما أوتوا من قوة.
عرفت الشيخ، فعرفت رجلًا يعيش للإسلام، وللإسلام وحده، لا يشرك فيه شيئًا ولا يشرك به أحدًا، والإسلام لحمته وسداه، ومصبحه وممساه، ومبدؤه ومنتهاه، عاش له جنديًا، وحارسًا يقظًا، شاهر السلاح، فأيما عدو اقترب من قلعة الإسلام يريد اختراقها، صرخ بأعلى صوته، يوقظ النائمين، وينبه الغافلين، أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكيه على الله تعالى.
عاش بالإيمان، وللإيمان، إن تحدث فعنه، وإن كتب وألف ففيه، وإن أسس جامعة فباسمه، وإن ذكر أسباب مرض الأمة فضعف الإيمان عنده السبب الرئيس، وإن ذكر العلاج لأمراض الأمة فزيادة الإيمان!!!
من مثله اشتغل بالعلم حتى صار رئيسا لهيئة علماء اليمن.
واشتغل بالتربية والدعوة فأسس المعاهد العلمية ثم جامعة الإيمان.
واشتغل بالسياسة فأسس حزب الإصلاح ووصل إلى عضو مجلس الرئاسة.
واشتغل في الإعجاز حتى أبرزه وأظهره، وأقام المؤتمرات في أنحاء كثيرة من العالم، منها عاصمة الإلحاد يومها موسكو.
واشتغل في الطب فحصل على براعة اختراع من الجهات ذات العلاقة في علاج الإيدز.
التقيت بعلماء ومصلحين كثر، وعندما يحدثون عن نشأتهم وبداياتهم، يذكرون الشيخ، وفضله عليهم، ودوره في نضجهم، ومسيرتهم العلمية والدعوية، وفي دراستي في السودان زرت البروفيسور يوسف حمزة، وهو عالم مشهور هناك يرأس المجمع الفقهي، فسألني عن مناطق في اليمن يعرفها كخمِر وحوث والشعِر وغيرها، فسألته إن كان هو أحد المبتعثين للتدريس في اليمن، فذكر لي أنه لم يكن من المبتعثين، بل استقدمه الشيخ الزنداني مع عشرة من الدعاة السودانيين إلى اليمن للدعوة إلى الله في السبعينات، ثم ذكر لي من نشاط الشيخ الزنداني وتفانيه في الدعوة يومها الكثير الكثير، ثم تيسر لي اللقاء بشيخ آخر من أبرز رجالات الدعوة في السودان ويرأس المجلس الأعلى للدعوة في ولايته وهو الشيخ عبد الرحيم الباهي، وهو في الثمانين من عمره، ولازال إمام مسجده وخطيبه، فحدثني أنه كان في اليمن، ورحل مع الشيخ الزنداني من صنعاء إلى صعدة وادي أبو جبارة، وظل معه تلك الفترة للدعوة والتربية، وذكر لي من نشاط الشيخ وصبره وطرائقه ما يحير العقول، من ذلك أن الشيخ لم يستطع الوصول إلى النساء فاستعان بمهندسين وصنعوا إذاعة محلية صوتية (راديو)، فكان الشيخ يتحدث فيها إلى البيوت، ونفع الله بها منفعة عظيمة.
هذا وغيره هو ما جعل العلماء يعرفون له قدره وفضله، بما فيهم مَن خالفوه وتكلموا فيه كالشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي_رحمه الله_، فقد حدثني الشيخ أبو حاتم الفاضلي وهو ممن رافق الشيخ مقبل في مرضه وسفره، حدثني بأن الشيخ الزنداني استأذن في زيارة الشيخ مقبل إلى مستشفى الثورة بصنعاء فأذن له فأنكر عليه بعض جلسائه، فلم يلتفت لهم، فزاره الشيخ الزنداني، فأحسن استقباله، وسأله عن المعاهد العلمية التي كان الشيخ الزنداني من أبرز مؤسسيها، وكان الرئيس علي عبد الله صالح قد أصدر قرارا بإلغائها، فأجابه بما جرى، فدعى الشيخ مقبل للمعاهد وللشيخ وسر الشيخ مقبل لزيارته سرورا عظيمًا، ولما انصرف الشيخ الزنداني قال الشيخ مقبل: “لو وضع هذا الرجل يده في يدي لملكنا اليمن”.
وقد سمعت شيخنا المحدث أبا الحسن السليماني الماربي حفظه الله ورعاه يذكر الشيخ الزنداني يوما إبان أحداث ٢٠١١م، وقال: “الشيخ صاحب دين وعقل، ولا يوجد شخصية في اليمن مؤثرة على الحكومة ومشايخ القبائل والتجار والجيش والعلماء مثله ولا ينكر فضله إلا جاهل أو حاقد حسود، ثم ذكر أنه يدعو العلماء فيجتمعون له بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم، ومما قال حفظه الله: “الزنداني يمثل نقطة التقاء ويلتقي عنده الفرقاء”، وهكذا يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه.
على أن البعض قد اختلف مع الشيخ الزنداني في قضية أو أكثر، وقد انتقده في بعض ما ذهب إليه من آراء البعض أيضًا؛ ولكنهم أجمعوا على صدقه وإخلاصه وغيرته إلا من شذ، وهو على كل حال على هدي السلف لم يخرق لهم إجماعًا متيقنًا، ولم يتنكب لهم طريقًا، وغاية ما انتقد فيه رحمه الله مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف، فإن أصاب فله أجران, وإن أخطأ فله أجر واحد، وقد سامح الجميع، وعفا عن الكل، ولقد سمعته أذناي، ووعاه قلبي يقول:
“أسامح كل من ظلمني وسبني وشتمني إلا من نسب إليّ القول بالدعوة إلى وحدة الأديان، فلن أسامحه حتى ألقاه بين يدي الله تعالى، لأنه نسب إلي الكفر!!!”.
لقد ترك الشيخ الزنداني بصمات واضحة على العقل الإسلامي، لا يمحوها اختلاف الليل والنهار، ليس بما ألف من الكتب، وما سجلت له من آلاف الدروس والخطب والمحاضرات واللقاءات فقط؛ ولكن أيضا بما مثّل من مدرسة، وجد الشباب فيها بغيتهم، إذ رأوا مثالا حيا للإسلام يمشي على الأرض، أغراهم بالاقتداء والاتباع لا بأقواله وتقريراته فحسب، بل بأفعاله وجهاده، وهمته وغيرته، وصبره وثباته، وزهده وخشوعه، وسمته وهديه الظاهر،
لقد رأى طلاب الشيخ وغيرهم فيه القدوة لما رأوا من الاتزان بين العقل والنقل، وبين الأصول والفروع، وبين الدين والدنيا، فلم ينسق وراء الذين يريدون أن يبطلوا النصوص باسم المصالح، ولا الذين يريدون أن يرفضوا المنقول باسم المعقول، ولا الذين يريدون أن يقيموا حربًا بين الإسلام والعصر، أو بين الإسلام والتطور، بل كان يسعى جاهدًا لأسلمة التطور…
قد عاش الشيخ رحمه الله عمره كله محاربًا للقوى المعادية للإسلام في الداخل والخارج، والتصدي لتياراتها، والعمل على هدم أوكارها، وهتك أستارها، وكشف عملائها، وهو هنا مقاتل عنيد، لا يستسلم ولا يطأطئ، ولا يلين يومًا.
وقف في وجه الاستعمار، وكشف عن حقيقته ودوافعه.
وفي وجه الشيوعية وبين خطرها.
وفي وجه الإمامية والتوريث، ودفع في سبيل ذلك ماله ومكتسباته!!
وفي وجه الصهيونية، التي اغتصبت الأرض المقدسة وشردت الأهل، وخططت لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان على أنقاضه.
وفي وجه التنصير، الذي يريد أن يسلخ المسلمين من عقيدتهم، ليصبح المسلمون عبيدًا للصليبية الغربية.
وقف في وجه الحضارة المادية ومحاولتها للسيطرة الإمبريالية، وإن لم ينكر ما فيها من عناصر إيجابية يمكن الاستفادة منها.
وفي وجه العلمانية اللادينية، التي تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، تريد الإسلام عقيدة بلا شريعة، وسلامًا بلا جهاد، ودينًا بلا دولة، واتباعًا أعمى للغرب شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع.
وقد وجدت الشيخ الذي يشتد ويحتد في نزاله الفكري، فيهدر كالموج، ويقصف كالرعد، ويزأر كالرعد، ويزأر كالليث، حتى إنك لتحسبه على منبره مقاتلًا في معركة، وتحسب لسانه الذي في فيه، كأنما هو السيف أو الرمح في يد ابن الوليد، وجدته إنسانًا رقيق القلب، قريب الدمعة، نقي السريرة، صافي الروح، حلو المعشر، كريم الخلق، باسم الثغر، موطأ الأكناف، عذب الحديث، سريع النكتة، بسيطًا متواضعًا، هينًا لينًا، بعيدًا عن التكلف والتعقيد والتظاهر والادعاء، تسبق العبرة إلى عينيه إذا سمع أو رأى موقفًا إنسانيًا، ويهتز خشوعًا وتأثرًا إذا ذكر الله والدار الآخرة، ولا يأنف أن يتعلم حتى من تلاميذه، يعترف لكل ذي موهبة بموهبته، لا يحسد ولا يحقد، يكره الظلم والتسلط على عباد الله، لا يحب أن يتسلط على أحد، ولا أن يتسلط عليه أحد.
لقد عاش الشيخ الزنداني حياته كلها حر الفكر والضمير، حر القلم واللسان، لم يعبّد نفسه لأحد إلا لربه الذي خلقه فسواه، لم يبع ضميره ولا لسانه لمخلوق كان. وكم حاول الكثير أن يشتروه، ولكنهم لم يقدروا على ثمنه، وكيف يمكن أن يشترى من يريد الله والجنة؟! ولقد تبوأ أعلى المناصب التي يسيل لها لعاب الكثيرين من عبيد الدنيا؛ فلم تلن له قناة، ولم يغره بهرج، كما لم يثنه وعيد، لقد كان يتمثل بالشافعي رضي الله عنه وهو يقول:
أنا إن عشت لست أعدم قوتًا وإذا مت لست أعدم قبرًا!
همتي همة الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفرًا!
ومما يذكر للشيخ الزنداني هنا: أنه كما رفض الخضوع لأهواء الحكام؛ فقد رفض الخضوع لسلطة العوام والجماهير، على حساب ما يراه حقًا في دينه، كما يفعل ذلك بعض (الأدعياء) الذين يحسبهم الناس (دعاة)، وما أعظم الفرق بين الدعاة والأدعياء!
صحيح لقد مات الشيخ الزنداني، ولكن أفكاره لم تمت، إن الأفكار لا تموت بموت أصحابها، إنها لم تزل حية ناطقة في كتبه المتميزة، التي انتشرت في المشارق والمغارب، وطبعت مرات ومرات، وترجم بعضها إلى عدد من اللغات، وفي تلاميذه المنتشرين في أنحاء العالم، الذين يحملون دعوته، ويتبنون رسالته.
لا أبالغ إن قلت بأن موته كان حياة لأفكاره ودعوته، فبمجرد أن فاضت روح الشيخ إلى باريها دبت الحياة في إنتاجه الفكري، وعطائه الدعوي، وفيوضاته الإيمانية.
إن أحداث الأسنان من شباب الدعوة وغيرهم، لا يعرفون الشيخ كما يعرفه معاصروه في السبيعينيات وإلى ما قبل هجرته إلى الخارج، وبموته سيعرفونه ويتذوقون سيرته، وقد رأوا الفضاء الإعلامي قد اهتز بموته كما لم يهتز بموت أحد من المعاصرين قبله فيما أعرف، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
أجد نفسي مضطرا للإمساك بقلمي كي يتوقف، فلست هنا مؤرخًا ولا كاتب سيرة، إن هي إلا خواطر فاضت بها المشاعر
وأنا أعلم بأن سيرة الشيخ – رحمه الله – ستكتبها مؤسسات وأفراد؛ ليطلع عليها من لم يعرف الشيخ، أما من عرف الشيخ فقد قرأ سيرته أفعالا وسلوكًا.
وإني لأرجو أن يوفق الله بعض الدارسين والباحثين أن يقدموا في أطروحاتهم العلمية دراسات إضافية عن الشيخ رحمه الله وعطاءاته الخصبة والمتنوعة، بما يليق بمكانة الشيخ العلمية والدعوية والإصلاحية؛ وليستفيد منها المصلحون.
أقول هذا لأن من الملاحظ على الإسلاميين أنهم لا يعطون مفكريهم وعلماءهم وأدباءهم ما يستحقون من تكريم وتقدير، ينزلونهم منازلهم، في حين يصنع غيرهم هالات مكبرة حول رجالاتهم، حتى يجعلوا من الحبة قبة، ومن القط جملًا!
وقد يقول قائل: إنكم تنظرون إلى الشيخ بعين الرضا، وعين الرضا لا تبصر العيوب، فحسبي أن أقول: إني لا أزعم أن شيخنا مبرأٌ من العيوب، فما هو بالملَك المطهر، ولا بالنبي المعصوم، وإنما هو بشر يخطئ كما يخطئ البشر، ويصيب كما يصيب البشر، ولكن أخطاءه وزلاته مغمورة في محيط حسناته وميزاته.
و”إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث”، فكيف إذا كان بحرًا لا تكدره الدلاء؟!.
والحق أن الآثار التي أنتجها الشيخ، وأن الخير الذي أجراه الله على يده، كل ذلك أثبت أننا أمام قائد كبير من قادة الفكر والتوجيه، وإمام فذٍّ من أئمة الدعوة والتجديد. بل نحن أمام مدرسة متكاملة متميِّزة من مدارس الدعوة والفكر والإصلاح، لها طابعها، ولها أسلوبها، ولها مذاقها الخاص. وتحتاج إلى دراسات عدَّة لإبراز خصائصها ومواقفها وآثارها. فليس الشيخ الزنداني ملك نفسه، ولا ملك جماعة أو حركة، ولا ملك قُطر ولا شعب، بل هو ملك الأمة الإسلامية جمعاء.
شيخنا الحبيب:
لقد فقدتك الأمة أحوج ما تكون إليك، فقدتك والمعركة بين الإسلام وأعدائه حامية الوطيس، والأعداء جاؤوا الأمة من فوقها ومن أسفل منها، فزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وظنَّ الناس بالله الظنون، {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب:11].
كنا في حاجة إلى عقلك الواعي، ولسانك السيف؛ ليصول ويجول، مدافعًا عن الحق في مواجهة الباطل، عن الإيمان في مواجهة الكفر، عن الإسلام المحاصر من الصادات الثلاثة: الصهيونية اليهودية، والصليبية الغربية، والصفوية الفارسية، ومن عملائهم في ديار الإسلام، ممن ينتسبون إلى الإسلام!!!
فقدناك يا شيخنا، والمؤامرة تُبيَّت، والمؤتمرات تُعقد لضرب الإسلام وحملته – بيد أبنائه – تحت أسماء خدَّاعة وعناوين كاذبة.
يريدون ألا يبقوا للخير جذوة تتقد، ولا للدعوة شمعة تضيء، ولا للصحوة صوتًا يجلجل، ولكنا تعلَّمنا منك أن كيد الله أقوى من كيدهم، ومكره سبحانه أسرع من مكرهم، ويده أشدُّ من أياديهم.
شيخنا الحبيب:
لا نجد كلمات في روعة بيانك نودِّعك بها، كل ما نقوله لك: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم اغفر لشيخنا الزنداني، وارحمه، ووسع له في قبره مد بصره، واجعله روضة من رياض الجنة، وأسكنه الفردوس الأعلى، وتقبَّلْه في عبادك المخلصين، واجْزِه خير ما تجزي به الأئمة الصادقين، واحشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وأجرنا في مصيبتنا فيه، واخلفنا فيه خيرًا، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، آمين.