في معركة لأجل الحجاب.. قضاء جنوب أفريقيا ينصر عسكرية مسلمة ضد الجيش
رغم أن قرار المحكمة -الذي حصلت عليه الرائد فاطمة إسحاق- سيسمح لها وللمسلمات في جيش الدفاع الوطني الجنوب أفريقي بارتداء الحجاب تحت غطاء قبعاتهن العسكرية، فإن هناك تحديا جديديا أمام المحكمة ضد سياسة الجيش.
وتشير نزيمة محمد المستشارة القانونية للرائد فاطمة إلى أن القرار الذي تم بعد سحب التهم الموجهة ضد الرائد فاطمة كان فوزا جزئيا، مؤكدة أن الخطوة التالية هي معالجة سياسة قانون ارتداء الملابس في جيش الدفاع من خلال المحكمة.
وأوضحت المستشارة -والتي كانت برفقة الرائد فاطمة، في حديثها مع الجزيرة نت- أنهم “ذاهبون إلى محكمة المساواة للطعن في السياسة التي ما تزال قائمة على الرغم من أنهم سحبوا التهم”.
وفي حين لا يُسمح للرائد فاطمة بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إلا أنها خرجت من المحكمة بابتسامة كبيرة وهي تضع القبعة العسكرية على رأسها.
وكان جيش الدفاع قد وجه لها تهم “التحدي المتعمد وعصيان الأوامر”.
وتعمل فاطمة أخصائية علم أمراض سريرية بالمستشفى العسكري بمدينة كيب تاون، وكانت جزءا من المؤسسة العسكرية على مدار السنوات العشر الماضية.
الضوابط العسكرية
وتضيف نزيمة محمد أن القيود على المسلمات بالجيش كانت تتمثل في أن غطاء الرأس (الحجاب) يجب أن يكون ضيقا، ويجب ألا يغطي الأذنين أو الرتب العسكرية ويجب أن يكون محايدا في اللون، بمعنى ألا يكون بعيدا عن لون اللباس العسكري.
وكان المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد مافي مجوبوزي قد ذكر -في الوقت الذي كانت المعركة حول الحجاب ما زالت مستمرة- أن الجيش تحكمه القواعد وضوابط اللباس التي تنظم وتفرض كيف ينبغي ارتداء الزي بشكل عام.
وأشار إلى أن الإطار التنظيمي ينص بوضوح على أنه “لا يجوز ارتداء أي ملابس أخرى بالزي الرسمي الذي يمثل جيش الدفاع الجنوب أفريقي كمؤسسة عسكرية، وبالتالي يتوقع من الأعضاء الالتزام بما هو منصوص عليه”.
وأوضح -في حديث لوسائل الإعلام- أن الانتماء الديني معترف به من قبل قوة الدفاع الجنوب أفريقية تحت توجيه وقيادة الجيش، مشيرا إلى أن “كل شخص ينضم إلى قوة الدفاع لا يدرس التدريب الأساسي فقط ولكن أيضا السياسات واللوائح بما في ذلك القوانين التي تحكم عضوية الجيش ورمزه”.
ما هو دور مجلس العلماء؟
وكان الجيش قد اتفق مع مجلس القضائي الإسلامي (مجلس العلماء) والفريق القانوني للرائد فاطمة، في يوليو/تموز الماضي، على إعفاء مؤقت يسمح للمسلمات العاملات في القوة بارتداء غطاء للرأس “خفيف” تحت القبعة العسكرية، إلا أن الضباط المسؤولين لم يلتزموا بالقرار لأن السياسة العامة لغطاء الرأس للمسلمات ما تزال غير واضحة، بحسب ما ذكره الفريق القانوني للرائد.
ومن جانبه خاطب مجلس القضاء الإسلامي المؤسسة العسكرية في أغسطس/آب الماضي، وحثها على “الإسراع في القضية باعتبارها ملحة” إلا أن الجيش لم يأخذ بالاعتبار هذا الخطاب.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الفريق القانوني أن مجلس العلماء لم يأخذ القضية “بجدية” مؤكدا أن مشاكل المسلمات في الجيش كانت موجودة منذ أكثر من 11 عاما، وأن “العلماء” على دراية كاملة واطلاع بكل تفاصيل القضايا والمراسلات التي حدثت، دون تدخل حقيقي من طرفهم لحلها، موضحا أن دور المجلس تجاه المسلمين يجب أن يكون أكثر “وضوحا وأفضل دعما”.
وأرجعت المستشارة القانونية هذا الأمر للعلاقة القوية بين مجلس العلماء والجيش، مؤكدة أن المجلس لم يقم بالتواصل مع الجيش بخصوص مشاكل المسلمين سوى مرة واحدة مؤخرا خلال السنوات الأخيرة.
في المقابل، قال مجلس القضاء الإسلامي -على لسان مولانا عبد الخالق- إنه ليس لديه علم بأي قضايا سابقة لعسكريين مسلمين مع المؤسسة العسكرية.
عنصرية
واستطاعت الجزيرة نت مقابلة عدد من المسلمين الذي استقالوا من الجيش أو أرغموا على الاستقالة بسبب “التوجه الديني” بحسب وصفهم.
وأوضح العقيد إكرام بكس -والذي يعتبر المسلم الوحيد بهذه الرتبة العسكرية الرفيعة- أنه تعرض “لمضايقات” طيلة فترة وجوده بالجيش بسبب خلفيته وتوجهه الديني، مؤكدا أن الأمر وصل إلى خصومات مالية ونقله من منصب إلى آخر ومنع ترقية إلى رتبة جنرال، إلى أن طُلب منه عدم دخول القاعدة العسكرية والتنحي نهاية الأمر.
وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هناك تفرقة عنصرية ضد المسلمين في الجيش، على الرغم من أن القضايا التي اطلع عليها كانت جميعها لضباط وعسكرين ذكور وإناث “غاية في الانضباط والاحتراف في العمل”.
وحصلت الجزيرة نت على شهادات من مجموعة من الضباط من ضمنهم العقيد بكس، على أن جزءا من المضايقات اللفظية التي تعرضوا لها كانت وصفهم بـ “طالبان أو داعش”.
وأوضح العقيد أنه لا يستطع الحديث بالتفاصيل عن قضيته لكونها ما تزال في المحكمة، إلا أنه أكد أن السياسة التي يتبعها الجيش تستهدف المسلمين فقط، ويمكن تغيرها فقط بإرادة حكومية.
والتقت الجزيرة نت بممرضة كانت تعمل في جيش الدفاع قبل عدة سنوات، إلا أنها قدمت استقالتها لعدم تمكنها من تحمل الضغط عليها من قبل رؤسائها.
وذكرت سويبة فيشر أنها تعرضت لمضايقات من المشرفين بسبب ارتدائها الحجاب على الرغم من سجلها وأدائها المميز الذي شهدوا لها به، مضيفة أنها لم تملك الشجاعة الكافية للنضال وأخذهم للمحكمة كما فعلت صديقتها الرائد فاطمة.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)