في عامها الـ74.. هالينا الأوكرانية تواظب على العربية منذ إسلامها
حركتها المثقلة في عامها الـ74 لا تحول بينها وبين تعلم اللغة العربية، ورجفة اليد لا تمنعها من الكتابة بخط جميل، كما يقول معلموها.
قصة الأوكرانية هالينا سيرهييفنا مع اللغة العربية فريدة من نوعها، بدأت قبل أربع أعوام عندما اعتنقت الإسلام، فسرعان ما انكبت بجد ونشاط على دراسة الحروف وتوصيلها ومحاولة نطقها بشكل صحيح، والهدف قراءة وحفظ ما تيسر من آيات وسور القرآن.
اللغة والقرآن
الجدة هالينا، كما يناديها المقربون في مدينة لفيف، تحرص على حضور دروس اللغة العربية الأسبوعية في المركز الثقافي الإسلامي بالمدينة رغم كل الظروف، في حين قد يغيب باقي الطلاب بسبب الطقس أو الانشغال، كما يقول مراد سليمانوف معلمها وإمام المركز.
ويضيف سليمانوف: “الجدة هالينا حالة نادرة، فعادة يقبل من اعتنق الإسلام حديثا على قراءة ودراسة الكتب التي تشرح خصائص الإسلام، أو تعلم الفقه، أما هي فتركز على اللغة والقرآن”.
الجدة الطالبة
قالت الجدة هالينا لـ”الجزيرة نت”: “أشعر أن الوقت يداهمني، وعليَ التعلم بسرعة؛ أُحضر معي إلى الدرس سورا وآيات، وأحاول أن يكون تطبيق العربية عليها بدلا عن الجمل والكلمات المستخدمة لتعليم الصغار”.
“لا أشعر بصعوبة، بل أحولها إلى أمر مشوق، فأنا مربية متقاعدة، كنت أستخدم هذا الأسلوب مع الأطفال، والآن أطبقه على نفسي، وأرى النتيجة”، تضيف مبتسمة.
مدارس العربية
في الكثير من مدن أوكرانيا، تنتشر مدارس تعليم اللغة العربية، فمنها نحو 40 مدرسة أسبوعية في المراكز والجمعيات الإسلامية، ويومية خاصة أو بدعم سفارات، كالليبية واليمنية والعراقية في العاصمة كييف، التي تدرس مناهج دولها.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، ظهرت مدارس “مستقبلنا” الأوكرانية النظامية في مدن كبرى ككييف وخاركيف وقريباً في أوديسا، وهي تدرس المنهاج الأوكراني بالأوكرانية، تضاف إليه مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية.
كما ظهرت مؤخرا مراكز متخصصة في الترجمة وتعليم العربية ولغات أخرى، وأضافت مدارس ابتدائية أوكرانية خاصة بتعليم اللغات، أضافت لغة الضاد إلى مناهجها، هذا بالإضافة إلى تخصصات اللغة العربية الموجودة في عدة جامعات علوم وفلسفة واستشراق.
عشاق العربية
تختلف أهداف الراغبين بتعلم اللغة العربية في أوكرانيا، وهذا الاختلاف مردود إلى الفئات العلمية والثقافية والدينية والعمرية التي تقصدها.
حول هذه الفئات حدثنا الأستاذ علاء الغرباوي مدير مركز “سلام” لتعليم اللغات، فقال: “سابقا، كان أبناء الجاليات العربية يقصدون المدارس الخاصة ومدارس عطل نهاية الأسبوع، والهدف بطبيعة الحال حفظ اللغة، لكن استقرار شريحة واسعة منهم في أوكرانيا دفعهم للتحول إلى المدارس النظامية الأوكرانية، التي تدرس العربية”.
مسلمو البلاد
وتابع: “الكثير من مسلمي البلاد الأصليين، كتتار القرم مثلا، ومن مختلف الأعمار، يقصدون حتى اليوم المدارس الأسبوعية في المراكز الإسلامية، والهدف إحياء الدين والهوية التي طمست خلال سنوات الحقبة السوفييتية”، كما يقول.
ولفت الغرباوي إلى إقبال متزايد على تعلم العربية بين طلاب جامعات العلاقات الدولية والتجارة وعلوم الاستشراق، لأنهم يجدون فيها سبيلا نحو عالم قد يكون مليئا بفرص العمل الدبلوماسي والتجاري.
تلميذ فمعلم
ماميدي إبراهيموف شاب له مع اللغة العربية حكاية طويلة ومستمرة، فهو قرمي تتري دفعه والداه نحو تعلم اللغة والإسلام في الصغر، ثم كبرا فصار مدرسا.
بلغة عربية فصيحة تكاد تخلوا من أي خطأ، إلا من بعض الاستفسارات عن كلمات ومعاني، حكا للجزيرة نت قصته فقال: “حُرم والداي من تعلم وتعليم واستخدام العربية وحتى القرمية التترية في زمن الاتحاد السوفييتي، فدفعاني في القرم إلى المدارس الأسبوعية، ثم سافرت إلى اليمن للتخصص في علوم الفقه واللغة.
وأضاف: “أراد والداي أن أكون عالم دين، ولكني لم أرغب بالعمل كإمام، فعدت وأصبحت مترجما ومدرسا للغة العربية، أمثلها في محاضرات أمام طلبة الجامعات، وبهذا أصبحت شخصا نموذجيا في عيون شعبي القرمي التتري، كعالم دين، يتقن التترية والعربية معاً.
(المصدر: مجلة المجتمع)