في شهر رجب حرّر صلاح الدّين أولی القبلتين من الصّليبيّين!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
1. بعد انتصار البطل صلاح الدّين علی الصّليبيّين في موقعة حطّين حرّر أولی القبلتين من دنس المحتلّين وعامل من فيها معاملة حسنة طيّبة تختلف كلّيّا عن معاملة الصّليبيّين لسكّانها الأصليّين قبل عشرات السّنين حينما قتل الغزاة أهالي مدينة القدس من كهول ورجال ونساء وأطفال وقد وصل عدد ضحايا المجزرة آنذاك إلی سبعين ألف نسمة تمّت تصفيتهم جسديّا في ساحات المسجد الأقصی المبارك!
2. على النّقيض من ذلك عاملهم السّلطان صلاح الدّين معاملة حسنة ما زال كثير من الأجانب المؤرّخين يثنون عليه بسببها ومن الجدير بالذّكر انّ صلاح الدّين سمح للمحتلّين بمغادرة فلسطين في غضون أربعين يومًا بشرط أن يدفعوا فدية مقدارها عشرة دنانير عن كلّ رجل وخمسة دنانير عن كلّ امرأة ودينار واحد عن كلّ صبيّ غير بالغ!
3. أظهر هذا البطل المظفّر تسامحًا كبيرًا مع فقراء الصّليبيّين الذين عجزوا عن دفع الجزية استجابة لقول اللّه تعالی: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ وللّه درّ الشّاعر حيث يقول: (حَكمنا فكان العفو منّا سَجيّة : فلمّا حَكمتم سالَ بالدّم أبطحُ! وما عجبٌ هذا التّفاوت بيننا : فكلّ إناءٍ بالذي فيه يَنضحُ)!
4. بعد حياة حافلة بالجهاد في مرضاة ربّ العباد آن للفارس المقدام أن يترجّل وعن دنيانا الفانية أن يرحل فمرض رحمه اللّه مرضًا شديدًا وساءت حالته الصّحّيّة ثمّ دخل في غيبوبة طويلة لم يفق منها إلّا نادرًا وفي اللّيلة الثّانية عشرة من مرضه كلّف قارئا يتلو علی مسامعه آيات من الذّكر الحكيم وحينما وصل في تلاوته لقول ربّ العالمين: ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ تبسّم مع أنّه الذي لم يضحك قبل تحرير أولی القبلتين من براثن المحتلّين ثمّ أسلم الرّوح إلی بارئها ﷻ بعد حياة حافلة بمقارعة المجرمين عام 589 هـ 5. ردّدوا معي في الختام: تری هل يرجع الماضي؟ فإنّي: أذوب لذلك الماضي حنينا!