في ذكرى وفاة علي عزت بيجوفيتش
بقلم محمد صبرا
يقول بيخوفيتش رحمه الله : ((“اخاف ان اموت وانا رئيس وانا لا احب أن ابقى رئيسا مدى الحياة”))
يقول عبد الوهاب المسيري متحدثاً عن على عزت بيجوفيتش في تقديمه لكتاب : ( الإسلام بين الشرق و الغرب ) و هو من أهم الكتب التي ألفها علي عزت بيجوفيتش : (( هو مفكر ورئيس دولة، يحلل الحضارة الغربية ويبين النموذج المعرفي المادي العدمي الكامن في علومها وفي نموذجها المهيمن، ثم يتصدى لها ويقاوم محاولتها إبادة شعبه. ولكنه في ذات الوقت يستفيد من اجتهادات المفكريين الغربيين المدافعين عن الإنسان، ولعل إيمانه بالإنسان الذي ينبع من إيمانه بالله وإدراكة لثنائية الطبيعة البشرية، هو الذي شد من أزره إلى أن كتب الله له ولشعبه النجاة، وهو الذي مكنه من أن يلعب هذا الدور المزدوج .. دور المجاهد والمجتهد، ودور الفارس والراهب ))
ويقول بيخوفيتش : (( الصلاة لا يمكن أدائها إلا بضبط الوقت والإتجاه في المكان الصحيح فاحتاج المسلمون إلى علم الفلك, والزكاة تحتاج إلى إحصاء ودليل وحساب, سنجد أن المجتمع المسلم بدون أن يمارس أي شيء إلا هذه الأعمدة الخمسة يجب عليه أن يبلغ حداً أدنى من الحضارة , معنى هذا أن الإنسان لا يستطيع أن يكون مسلماً ويبقى متخلفاً. وتاريخ العلوم الإسلامية تبين لنا أن تطور جميع الميادين العلمية في القرن الأول قد بدأت بمحاولات تحقيق الفرائض الإسلامية بأكبر دقة ممكنة. ))
ولد رحمه الله في ٨ أغسطس ١٩٢٥ بمدينة بوسانا كروبا البوسنية لأسرة بوسنية عريقة في الإسلام وتوفي في مثل هذا اليوم عام 2003 ، وهوأول رئيس جمهورية للبوسنة والهرسك بعد انتهاء الحرب الرهيبة في البوسنة، وقبل ذلك كان ناشطاً سياسيا وفيلسوفا إسلاميا، عني بدراسة العلاقة بين الشرق والغرب، وماهية الإسلام، وله مؤلفات مهمة في هذا السياق.
وله أقوال مأثورة كثيرة نذكر منها على سبيل المثال : «ليست الصلاة مجرّد تعبير عن موقف الإسلام من العالم ، إنما هي أيضٍا انعكاس للطريقة التي يريد الإسلام بها تنظيم هذا العالم»،
وقال أيضًا: «إذا كان من الممكن استلام السلطة بالوعود ، فإن المحافظة عليها لا تكون إلا بالنتائج»،
و«يعاني الإنسان في السجن من نقص في المكان وفائض في الزمان».
تعلم «بيجوفيتش» في مدارس مدينة سراييفو وتخرج في جامعتها في القانون، وعمل مستشارًا قانونيًا على مدى 25 سنة ثم اعتزل وتفرغ للبحث والكتابة، وفي جمهورية يوغسلافيا السابقة بزعامة قائدها القوي «تيتو»، كان «بيجوفيتش» معارضًا بارزًا، وسجن عدة مرات، وكثيرًا ما كان يتهم من قبل أطراف صربية وكرواتية بأنه من داعمي الأصولية الإسلامية.
ونشأ «بيجوفيتش» في وقت لم يكن في البوسنة والهرسك التعليم الديني جزءًا من المناهج الدراسية، وكان على وعي بأهمية أن يتعرف على دينه ويقرأ فيه قراءة مستفيضة، فاتفق هو وبعض زملائه في المدرسة أن ينشئوا ناديًا مدرسيًا للمناقشات الدينية سموه «ملادي مسلماني» أي «الشبان المسلمين»، التي تطورت أنشطتها لاحقًا لتشمل الأعمال الاجتماعية والخيرية، وضمت قسمًا للفتيات المسلمات.
واستطاعت جمعية «الشبان المسلمين»، أثناء الحرب العالمية الثانية، أن تقدم خدمات فعالة في مجال إيواء اللاجئين ورعاية الأيتام، كما تطورت معرفيًا من أفكار جاء بها بعض الطلاب البوسنيين الذين تعلموا في الأزهر بالقاهرة، وحينما احتلت النازية الألمانية مملكة يوغسلافيا وأحالتها جمهورية فاشية، قاطعت جمعية «الشبان المسلمين» النظام الفاشي، فحرمها هذا النظام من الشرعية القانونية.
كان «بيجوفيتش» قد جاء رئيسًا لجمهورية البوسنة والهرسك، 19 نوفمبر 1990، وظل يشغل موقعه الرئاسي حتى 1996، ثم أصبح عضوًا في مجلس الرئاسة البوسني من 1996 إلى 2000، ويعتبر كتابه «الإسلام بين الشرق والغرب» درة كتبه، ومن كتبه الأخرى «الإعلان الإسلامي» و«الهروب إلى الحرية» و«مذكراتي» الذي ضم سيرته الذاتية.
حاز على جوائز كثيرة منها : جائزة «الدفاع عن الديمقراطية الدولية» من المركز الأمريكي للدفاع عن الديمقراطيات والحريات، وجائزة «دبي الدولية للقرآن الكريم» تقديرًا لجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، وجائزة «شخصية العام للعالم الإسلامي» في 2001 إلى أن توفي رحمة الله عليه في مثل هذا اليوم 19 أكتوبر 2003.
(المصدر: رسالة بوست)