فورين بوليسي: كراهية القوميين الهندوس للإسلام تنتشر على نطاق العالم
نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا يتحدث عن أن النزعة القومية الهندوسية ساعدت على نشر العداء للإسلام ومناهضته في جميع أنحاء العالم، وأن كندا متعددة الثقافات -على وجه الخصوص- تجد نفسها أمام مشكلة صدّرتها إليها هذه النزعة.
يوضح المقال الذي كتبه الصحفي ستيفن زو بالمجلة أن إدارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعرضت لانتقادات منذ مدة طويلة بسبب التمييز ضد ما يقدر بنحو 200 مليون مسلم في الهند، وتصاعدت التوترات بين هذه الأقلية الكبيرة والقوميين الهندوس الذين يدعمون حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى سن قوانين مقلقة، وإلى مضايقات خطيرة وعنف غوغائي قاتل في الهند.
وأضاف زو أن هذا العداء انتقل حاليا إلى خارج حدود الهند، إذ ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي والقوميون الهنود المتعصبون في الشتات وأنصار الحكومة القومية الهندوسية اليمينية في نشره على نطاق العالم، كما ساهم هذا الانتشار العالمي في خلق مشاكل دبلوماسية مضاعفة لحلفاء الهند.
في منطقة الخليج
ويقول الكاتب إن ذلك ظهر أيضا في منطقة الخليج، التي يعيش فيها ملايين المغتربين الهنود، مشيرا إلى أن العلاقات التي أنشأها مودي بعناية مع الأنظمة الخليجية مهددة بهذا العداء من قبل القوميين الهندوس المتطرفين المنتشر عبر الإنترنت. ومع أن الكثير من هذا العداء موجه إلى السكان المسلمين في الهند، إلا أنه اتخذ أيضا شكل منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تشوّه الإسلام بشكل عام، وكذلك تشوّه صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على نطاق عالمي.
ففي الغرب، وجد العداء والخوف الهندوسي من الإسلام شريكا متحمسا بين قوى أقصى اليمين، كما تُظهر ذلك التطورات الأخيرة في كندا متعددة الثقافات. وعلى سبيل المثال صوتت مجالس المدن في جميع أنحاء كندا في أبريل/نيسان الماضي للسماح ببث الأذان لبضع دقائق في اليوم خلال شهر رمضان المبارك، لأن الحكومة الكندية تأمل في تعزيز الشعور بالاندماج حيث تم إغلاق المساجد وأماكن العبادة الأخرى بسبب جائحة كورونا. وقد أثار هذا القرار رد فعل قويا عبر الإنترنت، حيث بدأ اليمين المتطرف هناك يشير إلى أن الإسلام قد اخترق المجتمع والسياسة الكنديين.
إسكات الأذان بكندا
وردد بعض أعضاء الشتات الهندوسي الكندي مثل هذه المشاعر، حيث غردوا بتعليقات تقول إن بث الأذان جزء من “حملة إستراتيجية إسلامية عبر العالم” وإن “مكبرات الصوت الصاخبة” لا يمكن أن تكون “سلمية”. ومنذ ذلك الحين، توقفت مكبرات الصوت بهدوء عن بث الأذان.
وكان أحد القادة الهندوس الكنديين واسمه رافي هودا، وهو عضو مجلس إدارة مدرسة إقليمية في منطقة تورونتو، نشر تغريدة أسفرت عن جدال يلخص العداء للإسلام والمسلمين من قبل القوميين الهندوس، إذ يقول في تلك التغريدة إن السماح ببث الأذان يفتح الباب لـ”ممرات منفصلة لركاب الجمال والماعز” ولقوانين “تلزم جميع النساء بتغطية أنفسهن من الرأس إلى أخمص القدمين”. وعندما تم التحقيق في التغريدة من قبل “الشبكة الكندية المعادية للكراهية”، نشبت حرب على تويتر. وجاءت عشرات الحسابات المؤيدة لنزعة العداء للإسلام، غالبا بأسماء مستخدمين تحتوي على سلسلة من ثمانية أرقام، وهو مؤشر شائع للحسابات الوهمية، للدفاع عن هودا، وأخذ الجدال المحلي على الفور طابعا دوليا.
شبكة هندوسية واسعة بالعالم
يُشار إلى أن هودا هذا متطوع في الفرع المحلي بكندا لمنظمة هندوسية يمنية قومية كبيرة تروّج للنزعة “القومية الهندوسية” ولها 500 فرع في 39 دولة حول العالم وتتبنى أيديولوجية تقول إن الهند هي أمة هندوسية بحتة، كما أن مودي نفسه عضو دائم بهذه المنظمة وكذلك أغلبية وزرائه.
ويقول الكاتب إن انتشار القومية الهندوسية اليمينية في كندا يتداخل مع جهود وكالات المخابرات الهندية “للتأثير سرا” على السياسيين الكنديين لدعم مواقف الحكومة الهندية من خلال التضليل والمال.
وكان معمل “ديس إنفو” التابع للاتحاد الأوروبي قد أعطى في الخريف الماضي لمحة عن الانتشار العالمي للقومية الهندوسية في تقرير يفصل شبكة تضم أكثر من 260 “وسيلة إعلامية محلية مزيفة في أوروبا” مؤيدة للهند تمتد عبر 65 دولة. وتحمل هذه المؤسسات الإعلامية أسماء المدن والبلدات الأوروبية المحلية، ولكن ليس لأي منها أي صلة حقيقية بالمواقع التي يزعم أنها تمثلها، وكلها تتميز بمحتوى مؤيد للهند ومناهض لباكستان. وقد تم تسجيل كل موقع إخباري من قبل مجموعة سريفاستافا، وهي شركة هندية أخذت العام الماضي سياسيين أوروبيين يمينيين في رحلة إلى كشمير، حيث التقوا بمودي.
لوبي هندوسي قوي بأميركا والغرب
ويمكن رؤية هذا الانتشار للعداء والكراهية للإسلام والمسلمين أيضا في جهود المغتربين الهنود الأميركيين والهنود العاملين في الولايات المتحدة الذين نظموا احتفالية “مودي هاودي” الخريف الماضي بمدينة هيوستن الأميركية التي حضرها 50 ألف شخص، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وغيره من السياسيين الجمهوريين والديمقراطيين. وكان الهدف من الاحتفالية هو تعزيز العلاقات بين ترامب ومودي، وكذلك حشد الشتات المتمركز في الولايات المتحدة حول حزب بهاراتيا جاناتا، وبالتالي تعزيز شعبية رئيس الوزراء في الوطن.
ويقول الكاتب إن المسؤولين المنتخبين في الدول الغربية أصبحوا يفكرون مرتين قبل انتقاد الهند، وهي قوة صاعدة ومؤثرة بالفعل، خوفا من إثارة غضب ناخبيهم. فبعد تنفيذ مذبحة ضد المسلمين في دلهي في فبراير/شباط الماضي، وهو أسوأ عنف طائفي شهدته الهند منذ سنوات، ظلت كندا صامتة تقريبا. وفي حديثه مع نظيره الهندي بعد أعمال الشغب، عرض وزير الخارجية الكندي مذكرة بقلق غامض، وانتقدته وسائل الإعلام الكندية بشدة. ولم يصدر عن رئيس الوزراء جاستن ترودو أي بيان، وأبدى الأعضاء الكنديون الهنود الأربعة في تجمع ترودو الليبرالي ممانعة مماثلة للتعليق، مما أثار انتقادات من المنظمات المجتمعية.
وبالمثل، ظلت الحكومات الأجنبية صامتة إلى حد كبير الصيف الماضي عندما جرد مودي كشمير ذات الأغلبية المسلمة من وضعها الخاص ووضعها تحت إغلاق عسكري وحشي. وقد أثار هذا الأمر مراقبون يتساءلون عما إذا كانت “جماعات الضغط المدافعة عن القومية الهندوسية في الغرب” قد نجحت في أهدافها في بناء نفوذ عالمي من الألف إلى الياء.
(المصدر: وكالات / مجلة البيان)