فلسطين ـــ مقلة العين ـــ عربية إسلامية أبرز المحطّات في تاريخ فلسطين والحضارات التي تعاقبت عليها 3
بقلم أ. د. أحمد رشاد
اليبوسييون في فلسطين:
عرفت فلسطين في الألف الخامسة قبل الميلاد العموريّين واليبوسييّن الذين قدموا من الجزيرة العربيّة، واستوطنوا تلك البلاد، وكانت لهم حضارتهم وثقافتهم، كما كان لهم الفضل في تأسيس مدن فلسطين الكبرى، ومنها: القدس، وأريحا، وحيفا.
عهد الكنعانيين العرب:
في الألف الثّالثة قبل الميلاد جاءت قبائل من العرب يطلق عليها اسم الكنعانيين، وسكنوا تلك البلاد، واستوطنوا فيها، وفي عهدهم كانت فلسطين تسمّى أرض كنعان، ثمّ وفدت قبائل فلستين التي كانت تسكن جزائر في بحر إيجة إلى هذه الأرض، وشاركت الكنعانيّين فيها، وقد سمّيت فلسطين نسبة لهم.
عهد العبرانييّن:
في الألف الثّانية والأولى قبل الميلاد شهدت أرض فلسطين قدوم العبرانيّين، وهم بنو إسرائيل الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم، وتمكّن بنو إسرائيل من دخول الأرض المقدّسة التي حلموا بها في زمن النّبي يوشع بن نون، وعلى يد النّبي داوود عليه السّلام تمكّن بنو إسرائيل من هزيمة قائد الفلسطينيين جالوت في معركة فاصلة، وقد شهدت مملكة العبرانيّين مراحل قوّة وضعف انتهت بانقسام المملكة إلى مملكتين، هما: يهوذا، والسّامرة.
عهد الأشوريين:
في القرن السّابع قبل الميلاد جاء الأشوريّون من بلاد العراق ليحتلّوا أرض فلسطين، ويدمروا معابد اليهود فيها.
عهد البابليين:
في القرن الخامس عشر برزت قوّة أخرى، وهم البابليون، الذين استطاعوا من خلال قائدهم نبوخذ نصر من دخول فلسطين، والاستيلاء عليها، وسبوا اليهود إلى العراق في ذلك الوقت.
العهد الفارسي:
في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد تمكن الإمبراطور الفارسي قورش من هزيمة البابليين، واستطاع السّيطرة على الأرض المقدّسة فلسطين، وسمح لليهود حينها بالعوّدة مرّة أخرى إلى فلسطين.
العهد اليوناني:
في القرن الثّالث قبل الميلاد جاء الإسكندر المقدونيُّ إلى تلك البلاد، وسيطر عليها ليدوم حكمه فيها ما يقارب ثلاثمئة سنة اتّسمت بالعدل والتّسامح مع الجميع.
العهد الرّوماني:
في سنة 63 قبل الميلاد دخل الرّومان إلى فلسطين، واستولوا عليها، وظلّ حكمهم فيها حتّى الفتح الإسلامي لها.
الحكم الإسلامي لفلسطين:
في عام 636 للميلاد قدمت جيوش المسلمين لتفتح الأرض المقدّسة، فبقيت فلسطين قروناً عديدة تحت الحكم الإسلامي الذي لم تشهد له الأرض المقدّسة مثيلًا في العدالة والتّسامح، وتخلّل فترة الحكم الإسلامي الاحتلال الصّليبي للمدينة عام 1099م، والذي دام تسعين سنة حتّى تمكّن صلاح الدين الأيوبيّ سنة 1187م من إعادة فلسطين إلى الأمّة الإسلاميّة من جديد.
الاحتلال الصّهيوني لفلسطين:
في عام 1948 للميلاد أُعلن عن قيام دولة الاحتلال الصّهيونيّ على أرض فلسطين، وهي جاثمة على صدر هذه الأرض الطّاهرة إلى يومنا هذا ببطشها وطغيانها.
حملة نابليون 1799
حاولت فرنسا بقيادة نابليون غزو فلسطين بعد احتلال مصر، ولكن الحملة ارتدت مهزومة بعد وصولها إلى عكا، حيث فشلت في اقتحام المدينة بفضل تحصيناتها وبسالة قائدها أحمد باشا.
محمد علي
قرر محمد علي والي مصر عام 1838 توسيع ملكه بضم بلاد الشام، فنجح ابنه إبراهيم باشا في فتح العريش وغزة ويافا ثم نابلس والقدس. وقامت في نابلس والخليل ثورات شعبية احتجاجاً على شدة إبراهيم باشا في تعامله مع الأهالي وفرضه ضرائب باهظة. ولم يدم حكم محمد علي للشام أكثر من عشر سنوات لتعود مرة أخرى إلى الحكم العثماني.
الاحتلال البريطاني 1917
بعد انتصار القوات البريطانية على تركيا في الحرب العالمية الأولى بقيادة الجنرال اللنبي دخلت فلسطين عام 1917 تحت الانتداب البريطاني حتى عام 1948، حيث انسحبت مفسحة المجال أمام اليهود لإقامة دولتهم في فلسطين التي سميت إسرائيل. ونجحت العصابات الصهيونية بمساعدة كل من بريطانيا والولايات المتحدة في إلحاق هزيمة بالعرب في حرب 1948، وأعلنوا قيام دولة إسرائيل بعد غياب عن الساحة الفلسطينية دام لأكثر من ألفي عام.
عملت الولايات المتحدة على تنفيذ خطة التقسيم البريطانية. واستخدمت في ذلك اللجنة المشتركة التي جدت في عملها إلى أن أعلنت بريطانيا في نيسان 1947 تخليها عن الانتداب، ثم عقبها محاولات الأمم المتحدة التي انتهت بالتصويت على قرار التقسيم بالأغلبية في 29تشرين الثاني 1947.
تقسيم فلسطين
أرسلت بريطانيا لجنة ملكية إلى فلسطين وحددت مهامها في التثبت من الأسباب الرئيسية للاضطرابات والتحقق من كيفية تنفيذ صك الانتداب، وجاء تقرير اللجنة يؤكد أن أسباب الثورة العربية تتلخص في رغبة الفلسطينيين في نيل استقلالهم الوطني ورفضهم إنشاء وطن قومي لليهود. واقترحت اللجنة إنهاء الانتداب على فلسطين على أساس التقسيم وإبداله بنظام معاهدات على غرار ما جرى في العراق وسوريا، وإقامة دولتين إحداهما عربية وتشمل شرق الأردن مع القسم العربي الفلسطيني الذي حددته اللجنة، وثانيهما دولة يهودية في القسم الفلسطيني الذي ارتأت اللجنة أن يكون لليهود، وذلك شريطة أن تتضمن المعاهدتان ضمانات مشددة لحماية الأقليات في الدولتين، وأن تلحق بهما مواثيق عسكرية حول إقامة قوات البحرية والبرية والجوية والمحافظة على الموانئ والطرق والسكك الحديدية وأنابيب البترول.
وخارج حدود الدولتين دعت اللجنة إلى أن تكون هناك منطقة ثالثة تشمل القدس وبيت لحم، ويسهل عليها الاتصال بالبحر بواسطة ممر يمتد من القدس إلى يافا شمالاً ومدينتي اللد والرملة، واشترطت اللجنة أن تظل هذه المنطقة تحت الانتداب وألا يسري عليها تصريح بلفور، وتكون اللغة الإنجليزية هي اللغة الوحيدة فيها. واقترحت في مقابل خسارة العرب لأراضيهم أن تدفع الدولة اليهودية إعانة مالية للدولة العربية عندما ينفذ التقسيم. وبالطبع رفض العرب تقرير اللجنة، أما اليهود فرغم اقتراح اللجنة منحهم دولة يهودية فإنهم رفضوا التقرير لمخالفته وعد بلفور الذي يتعهد بمنح فلسطين كاملة لليهود.
وفي 13 سبتمبر/ أيلول 1937 عرض وزير الخارجية البريطاني إيدن سياسة بريطانيا إزاء مشروع التقسيم أمام عصبة الأمم واقترح إرسال لجنة فنية لوضع خطة مفصلة للتقسيم. وإزاء رفض العرب واليهود تأجل تنفيذ مشروع التقسيم، ثم نشطت المساعي البريطانية الأميركية لإقناع العرب بتلك الفكرة مرة أخرى عام 1945 من خلال لجنة التحقيق الإنجليزية-الأمريكية المشتركة، ومن خلال مشروعي موريسون وبيفن عامي 1946 و1947.
وتحول مسرح الأحداث من عصبة الأمم في الثلاثينات إلى أروقة الأمم المتحدة في الأربعينات، فأعلنت بريطانيا قرارها التاريخي بتخليها عن الانتداب أوائل أبريل/ نيسان 1947 وطلبت من الأمين العام عرض القضية الفلسطينية في دورة خاصة. وعقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 28 أبريل/ نيسان 1947 جلسة خاصة بالقضية الفلسطينية تقرر فيها تشكيل لجنة دولية للتحقيق. وبعد أربعة أشهر من إرسال اللجنة إلى فلسطين كان تقريرها مشابهاً لتقرير اللجنة الملكية البريطانية حيث أوصت بإبقاء الصفة الدينية لجميع الأماكن المقدسة، واعتماد الوسائل السلمية لإقرار أي حل.
وكانت التوصية الثالثة التي تعنينا في هذا العرض هي تقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية، وتتكون حدود الدولة العربية من الجليل الغربي ونابلس الجبلية والسهل الساحلي الممتد من أسدود جنوب يافا حتى الحدود المصرية، بما في ذلك منطقة الخليل وجبل القدس وغور الأردن الجنوبي، وتبلغ مساحة هذه الدولة 12 ألف كيلومتر مربع. أما المنطقة اليهودية فتتألف من الجليل الشرقي ومرج بن عامر والقسم الأكبر من السهل الساحلي ومنطقة بئر السبع والنقب، وتبلغ مساحة هذه المنطقة التي تعتبر أخصب الأراضي الفلسطينية 14200 كيلومتر مربع.
أما الأماكن المقدسة فتشمل مدينة القدس ومنطقتها وتوضع تحت الوصاية الدولية ويعين مجلس الوصاية للأمم المتحدة حاكماً غير عربي وغير يهودي لهذه المنطقة.
وفي جلسة عقدتها الأمم المتحدة في 23 سبتمبر/ أيلول 1947 تقرر تحويل المشروع إلى لجنة خاصة تشكلت من ممثلين عن كل الدول الأعضاء بما فيهم ممثل يهودي وآخر فلسطيني، وقد رفض المندوب الفلسطيني المشروع بعد استعراض تاريخي لجذور القضية الفلسطينية، في حين أعلن المندوب اليهودي موافقته على المشروع مع مطالبته لضم الجليل الغربي ومنطقة القدس إلى الدولة اليهودية. وفي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 طرح مشروع التقسيم للتصويت فصودق عليه بأغلبية 33 صوتاً مقابل معارضة 13 صوتا وامتناع عشرة دول عن التصويت. وفي 15 مارس/ آذار 1948 أعلنت بريطانيا انتهاء الانتداب على فلسطين وأعلنت الجلاء في أغسطس/ آب من العام نفسه وأكدت أنها لن تمارس أي سلطات إدارية أو عسكرية.
(المصدر: رسالة بوست)