فلسطين.. بين عبد الحميد العثماني وحمد البحريني!!
بقلم د. أحمد زكريا
“إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل.. إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية.. وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع.. وربما إذا تفتت إمبراطوريتي يوما.. يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل”
بهذه العزيمة كان عبد الحميد، وبهذه الكرامة كان الخليفة الأخير للمسلمين، رفض أن يطبع، رفض أن يبيع القدس برغم أنه كان يملك، رفض السلطة التي ثمنها تراب فلسطين، لم يقبل المساومة، لم يقبل المهادنة في وقت كان يملك ما يساوم عليه.
فآهٍ لو عاش زمانا يساوم فيه البعض ليس على الأرض ففلسطين قد فقدت، بل يساومون على ما بقي من كرامة.
ويا ليت المطبعون والمهرولون إلى أحضان إسرائيل يسمعون كلام عبد الحميد الثاني – رحمه الله – حين صرخ قائلا:
“انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين ، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية.
ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون.
إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة”.
وداعاً أيها البطل،فقد عرفنا قدرك حين رأينا أمثال حمد الذي جعل من نفسه ملكا على قطعة أرض مساحتها:( 765.3 كم² )،يسيطر الشيعة على أكثر من نصفها،لا يملك من مقومات الدول شيئا يذكر،ومع ذلك هو ينصب مزادا لبيع فلسطين،ويدعو القوادين للنهش في عرضها،فلك الله يا عبد الحميد آن لأمتنا أن تعرف قدرك عندما ترى الأصاغر يجعلون من أرض فلسطين لعبة يرضون بها الصهاينة ليبقوا على كراسيهم الكرتونية،لكن ستبقى فلسطين عصية على البيع ،أبية على الصغار،عزيزة في مواجهة الخونة والفجرة!
ولذلك حق للأحرار أن يحزنوا لفقد السلطان المسلم عبدالحميد الثاني، وفاضت الأعين دما على رمز عزة المسلمين، الرجل الذي قال: لا بأعلى صوته في وجه اليهود، فخرج الشعراء يرثونه.
ومن أبلغ ما قيل فيه رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي :
ضجت عليك مآذن ومنابر وبكت عليك ممالك ونواح
الهند والـهة ومصر حزينة تبكي عليك بمدمع سحاح
والشـام تسأل والعراق وفارس أمحا من الأرض الخلافة ماح؟
نزعوا عن الأعناق خير قلادة ونضوا عن الأعطاف خير وشاح
من قائل للمسلمين مقالة لم يوحها غير النصيحة واح
عهد الخلافة فيه أول ذائد عن حوضها بيراعه نضاح
إني أنا المصباح لست بضائع حتى أكون فراشة المصباح
كما رثاه شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي، بقصيدة عن العهد الحميدي قال فيها:
وقد بعث الله الخليفة رحمة إلى الناس إن الله للناس يرحم
أقام به الديان أركان دينه فليست على رغم العدى تتهدم
وصاغ النهى منه سوار عدالة به ازدان من خود الحكومة معصم
وكم لأمير المؤمنين مآثر بهن صنوف الناس تدري وتعلم
ويشهد حتى الأجنبي بفضله فكيف يسيء الظن من هو مسلم
سلام على العهد الحميدي إنه لأسعد عهد في الزمان وأنعم
وأخيراً أقول
على الرغم مما يدور حول الدولة العثمانية من نقد ومؤاخذات ،لكن يبقى أن الكثير من المسلمين مازالوا يقدّرون قيمة هذا السلطان الذي خسر عرشه في سبيل أرض فلسطين التي رفض بيعها لزعماء الحركة الصهيونية.
وفي التلميح غنى عن التصريح.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)