“فلسطين الجديدة” شطحة عقل إنجيلي متطرف
بقلم عبد الرحمن جعفر الكناني
أغرب خارطة على وجه الأرض قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لـ”دولة فلسطين الجديدة” المرسومة في “صفقة القرن”، بأوصال متقطعة، تلتقي افتراضيا في فضاء مفتوح، لا حياة لها تذكر فوق أرض منبسطة، مساحات متناثرة تحيط بها “إسرائيل”، فرض عليها طوق خانق قبل ولادتها رسميا.
دولة عزلت عن محيطها العربي، لا ممرات عبور لها دون المرور عبر بوابات “إسرائيلية”، حدودها التاريخية مع الأردن مسحت، لم تعد دولة جوار، لا جوار عربي لها، لا حدود خارجية لها سوى الحدود المفتوحة بين مصر وغزة.
سيفقد الأردن في “فلسطين الجديدة” حدوده مع الضفة الغربية “السلطة الوطنية الفلسطينية” التي يبلغ طولها 97 كيلومترًا، وتمتد على نهر الأردن والبحر الميت، نقطة المرور بينهما معبر حدودي واحد بين الضفتين الشرقية والغربية لنهر الأردن، يسمى بـ”جسر الملك حسين” الموجود منذ أيام الدولة العثمانية.
دولة “فلسطين الجديدة” بلا مصادر مياه !!
نهر الأردن الذي يفصل بين فلسطين والأردن، يقع تحت سلطة “إسرائيل” يبلغ طوله حوالي 251 كم، وطول سهله حوالي 360 كلم، ينبع من التقاء ثلاثة روافد وهي بانياس القادم من سوريا واللدان القادم من شمال فلسطين والحاصباني القادم من لبنان مشكلا نهر الأردن العلوي، ويمر في بحيرة الحولة في فلسطين التاريخية، ثم يصب في بحيرة طبرية، وتصب فيه روافد نهر اليرموك ونهر الزرقاء ووادي كفرنجة وجالوت .
المطارات والموانئ خارج حدودها، بما يجعلها دولة بلا سيادة اقتصادية، بوابات انفتاحها الوحيد على العالم عبر منافذ “إسرائيل” التي تستقطع كامل مستحقاتها من حركة تجارية واسعة النطاق.
فخطة الرئيس دونالد ترامب تسمح للدولة الفلسطينية باستخدام وإدارة المرافق في موانئ حيفا وأشدود، ومنطقة على الساحل الشمالي للبحر الميت، واستمرار النشاط الزراعي في وادي الأردن.
دولة منزوعة السلاح، لا جيش لها، سلاحها المسموح به قطعا خفيفة، يحق لأفراد الشرطة الوطنية استخدامها، تتكفل “إسرائيل” بحمايتها من أي تهديد خارجي، وهي لا حدود خارجية لها !!.
دولة لم يترك لشعبها حتى اختيار اسمها، فقد اتفق الرئيس دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو على تسميتها بـ “دولة فلسطين الجديدة” التي تودع رغما عنها فلسطين التاريخية.
فلسطين كانت غائبة في واشنطن، لم يمثلها أحد في إعلان “دولتها الجديدة” التي تلقت “بشائرها” عير وسائل الإعلام .
دولة بلا عاصمة، رام الله لن تكون بديلا عن القدس ببعدها الديني والتاريخي، و”خطة السلام” لا ترى غير القدس عاصمة موحدة لـ”إسرائيل”.
القدس لا تعني فلسطين وحدها، فهي إرث الأمة الإسلامية، لا يقوى أحد على التفريط فيها، فلا أحد يتخيل دينا بلا مدينة كانت أولى قبلته، وثالث حرم في عقيدته السماوية.
خطة سلام دونالد ترامب شطحة عقل إنجيلي متطرف تركت الباب مفتوحا لاختيار عاصمة لـ”فلسطين الجديدة” ربما تكون عاصمتها القدس الشرقية كما وردت في اتفاقية “أوسلو” المندثرة.
(المصدر: صحيفة بوابة الشروق الالكترونية)