مقالاتمقالات مختارة

فكرة المؤامرة وهدم آثار الأمة

يتكلم بعض من يسمون أنفسهم مثقفين وأكاديميين باستخفاف واستهجان عن فكر المؤامرة، ويلمزون مستهزئين بالذين يعتقدون به ومعتقدين بأن ما فينا هو منا فقط ، وليس بسبب ما يحاك من خطط شيطانية لتمزيقنا من داخلنا ، وإن كنا لا نعفي مطلقاً سذاجتنا وغفلتنا بما يدور حولنا ويحاك ضدنا وعمالة من يتم تجنيدهم من المحسوبين علينا.

والمؤامرة هي التخطيط بإحكام لتنفيذ المخططات كما يريد الآخر وهي علم وفن وسياسة وتخطيط ضمن تكوين مؤسساتي مخابراتي معقد، وبخلفيات أكاديمية عميقة بعد أن ترصد لها الأموال لتنفيذها عسكرياً وسياسياً وإعلامياً.

وفكر المؤامرة الاستعماري بكل أشكاله ليس فكراً رياضياً لا يقبل النقاش على قاعدة “واحد زائد واحد يساوي اثنين”، إنه فكر مطاطي وحركي، يدرس الخصم بدقة متناهية قبل أن ينفذ مخططاته ويستفيد كذلك من أخطائه أثناء التنفيذ ولذلك يدرسون العادات والتقاليد والأديان وكل شيء يخدم نجاحهم.

وهذا الفكر هو فكر يرسم للمستقبل على ضوء مصالحه الاقتصادية والسياسية، وهو يحاول محو الذاكرة التاريخية للخصم والانتقام منه لأسباب نفسية وثأرية، ومتى ما مسحت ذاكرة الأمة فإنه يسهل السيطرة عليها لأنها تبقى بلا شخصية متميزة.

وكوننا هدفاً للمؤامرات أمر لا يقبل النقاش، فنحن منطقة غنية بالموارد قال عنها كيسنجر: إن الرب أخطأ عندما وضع نصف ثروات العالم فيها!

وما نعيشه هذه الأيام من أيام “داعش” السوداء، كان قد عبر عنه أحد كبرائهم بقوله: “سنفصل لهم إسلاماً يناسبنا”، وما بزوغ نجم “داعش” وأفوله وما فعله من مخازٍ يندى لها جبين الإنسانية إلا عاصفة هوجاء دمرت واستباحت وستختفي وتمثل الإسلام الذي يريدونه لنا ويناسب مخططاتهم.

لقد دعاني لكتابة هذه الخواطر مسألة تفجير الجامع النوري بالعراق ليلة القدر، وكان قد سبق وأن فُجّر جامع النبي يونس عليه والسلام قبل ثلاث سنوات في نفس الليلة، فهل ذلك محض صدفة، أم بتخطيط مسبق، وضمن سياق مؤامراتي دقيق ومحكم؟

لقد هدموا في لحظات فدعونا نخطط ونعمل من أجل إعادة عملية بناء طويلة فهي أنجع الطرق لهدم مؤامراتهم وإعادة ذاكرة الأمة التي لن تمحوها الأفكار الهدامة من المحسوبين علينا وما هم إلا صنائع معقدة لهذه المخططات القذرة.

ولو نظرنا إلى مسألة هدم الجامع النوري مقارنة بهدم الجوامع الأخرى التي استندت إلى فتاوى بحجة وجود قبور أو عدم وجودها وهو خالٍ من أي قبر أو ضريح تبدو المسألة واضحة وضوح الشمس.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى