مقالاتمقالات مختارة

فقه الميزان في وعي الزمان – د. علي القره داغي

فقه الميزان في وعي الزمان – د. علي القره داغي

وقع الخلل داخل الفكر الإسلامي أيضا في ثلاثة أمور

1- الخلل في بعض المصطلاحات الإسلامية بين الإفراط والتفريط مثل:

أ‌- الجهاد حيث وسع دائرته البعض قديما وحديثا حتى قالوا إن آية السيف نسخت (140) آية من آيات

السلم والعقود ونحوهما وبالمقابل ضيق دائرته البعض حتى يكاد ينفيه.

والحق أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة لكنه هو شامل لكل جهد مالي أو دعوي، أو علمي أو فكري لخدمة الإسلام ونشره، وأن الجهاد بمعنى القتال كان وسيظل للدفاع عن الدين والوطن وليس للاعتداء.

ب‌- الولاء والبراء، حيث بالغ في معناه بعض التيارات الإسلامية فوسعوا دائرة البراء لتشمل البراء من

المخالفات والبدع التي لا يُكَفّر بها صاحبها، وتساهل بعض أخر فوسعوا دائرة الولاء، ولم يهتموا بالبراء، حتى غضوا الطرف عن نصرة غير المسلمين على المسلمين، وكلا الطرفين على خطيئةٍ كبرى.

إن الولاء المحرم عند أهل التحقيق هو ولاء لغير الله تعالى بعدم الإيمان به، أو عدم حبه، أو ولاء للعقائد الباطلة وتفضيلها على الإسلام، كما أنه يشمل نصرة غير المسلمين على المسلمين ونصرة المذاهب الباطلة والأحزاب التي لاتؤمن بالإسلام، أو لا تؤمن بشموله كالعلمانيين على أهل الحق ومن يدعو إلى تطبيق الشريعة، أو ولاء المحبة لمن يحارب الإسلام، فهذا هو الولاء المحرم الذي يصل إلى مرحلة الكفر.

ثم إن الممنوع منهما على درجات تبدأ بالمحرم، والكبيرة إلى الكفر والشرك، كما أن للنيات والقصود دورا كبيرا في الحكم بالكفر، وبالاضافة إلى ما سبق فإن للظروف المحيطة بالحالة دوراً لا ينكر في الوصول إلى الحكم بالكفر على شخص معين، أو حزب معين.

أما الولاء بمعنى المودة والبر والاحسان لغير من يحارب الإسلام فهذا مقبول بل مطلوب كما بينت ذلك آيتا سورة الممتحنة وهما: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) حيث جاءت الآيتان بعد أن تحدثت بداية السورة بشدة عن الولاء لعدو الله فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) فأوضحت الآيتان معنى هذا العدو الذي لا يجوز له حتى أن يكون له ولاء محبة، وهناك مصطلحات أخرى وقع فيها الخلاف لا يسع الخوض فيها .

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى