مقالاتمقالات المنتدى

فقه القرآن 8 | د. فضل مراد

فقه القرآن 8 | د. فضل مراد

 

(خاص بالمنتدى)

ثنائية الحطمة  …  وسؤال المشروع

يقول الله سبحانه:

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)

الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)

يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)

كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)..

هذا النص القرآني يعالج قضيتين  هامتين :

الأولى: أخلاق المجتمع.

الثانية: السياسات المالية الخاطئة

وهو نص مكي مما يعطينا بعدا معرفيا عميقا لمشروع ديننا المبكر  المشروع القيمي ومشروع إدارة الثروة وتداولها وتوزيعها.

فهو مشروع توحيد وإيمان ومشروع قيم وأخلاق ومشروع اقتصاد وثروة

ولم يرجئ ويرحل الحديث عن المشاريع إلى العصر المدني عصر تأسيس الدولة والتمكين في الأرض

بل شرعها مبكرا في العهد المكي في أصول محكمة وكليات كبرى مجتمعية وإيمانية  وحقوقية ومالية .وأممية كما ستراه في هذه السلسلة

وأنزلها في قصار السور حتى تقوم الحجة على الخلق لئلا يزعم أحد أنه لا يعلم ..

 فكان جوابا على سؤال يسأله الإنسان في فجر الرسالة  وإنسان العصر بمختلف توجهاته ودوافعه التي تحمله على السؤال

ما مشروع الإسلام  ؟

هذا هو السؤال إما استفهاما أو سخرية أو تحديا

استفهاما ممن يريد أن يتعرف على هذا الدين العظيم

وسخرية ممن عربد به الكبر فأخرجه عن تقبل الحق

وتحديا ممن يظن عجز هذا الدين عن إدارة الحياة ومعالجة معضلاتها

هذه هي الثلاثية الدافعة لهذا السؤال

والانسان هو الانسان  في عصر الذرة أو غيرها  بمشاعره وتساؤلاته وصفاته وفطرته

والمعالجات هي لهذا الإنسان سواء كان في عصر آدم أم فرعون موسى أم أبي جهل أم في عصر  الريبوت والرقمنة.

ومن هنا تأتي عمومية التشريع وواقعيته وصلوحيته في كل عصر .,

لقد تمت الإجابة الواضحة والصريحة في نصوص قصار السور منذ فجر الدعوة بمكة

إنا نحمل مشروعا رساليا حضاريا للعالم مبنيا على الإيمان والقيم وإدارة المال وإدالته وتوزيعه  وتكريم الانسان

إن محوره هذا الإنسان وتصرفاته ومقصده عمارة الحياة بدستور الاستخلاف الإلهي

لقد جاء هذا الدين لإحياء الحياة وتصحيح المسار

وبالتتبع تبين لي أن شرعية الإسلام  قامت على رباعية منهجية في التشريع هي التقويم والتتميم والإنشاء والالغاء

فالتقويم لما اعوج والتتميم لمكارم الاخلاق وكل ما يحتاج لتتميم  والانشاء لتشريعات جديدة والإلغاء لجاهليات جهلاء وهو باب المحرمات.  .

يتبع …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى