فقه القرآن (7) | البعد اللغوي للهُمَزَةِ الّلُمَزَةِ والاستثمار الفقهي
بقلم د. فضل مراد (خاص بالمنتدى)
إن هذا القرآن نزل بلغة العرب التي تحمل في أعماقها باللفظة الواحدة سيلا من المعنى
وهنا يأتي دور الفقيه …
عليه أن يكشف تلك المعاني وأبعادها ويستثمرها في استنباط الأحكام
أ_ فالهمزة واللمزة على وزن «فُعَله» فهو فعل يدل على المبالغة والكثرة وهي تدل مع الهاء على شدة المبالغة والكثرة والتمكن من هذا الخلق المذموم.
حتى صارت عادة ضري بها ضراوة .. (حد معنى تعبير الزمخشري)
وبهذه الدلالة والبعد اللغوي يكون هذا التجريم والويل لأشخاص تضلعوا واحترفوا الهمز واللمز.
إن مجرد الهمز واللمز محرم لا شك فيه وهو من الذنوب لكن التكرار والإصرار والدوام أدى إلى نقل الفعل إلى مصفوفة الكبائر
وسواء كان هذا التصرف المشين من كافر أو مسلم كما يفيده التعميم وقد جنح الأكثر إلى هذا المعنى لظاهر اللفظ
وهذا هو الصحيح وما تفتضيه اللغة
ويدل له حديث : ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد بسند حسن (ص133):
«عن أسماء بنت يزيد قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ألا أخبركم بخياركم؟ “.
قالوا: بلى.
قال: ” الذين إذا رؤوا ذكر الله،
أفلا أخبركم بشراركم؟ “.
قالوا: بلى.
قال: ” المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون بالبراء العنت”.»
ب_ أما معنى اللمز نفسه في اللغة فهو الكسر أي كسر كان
وكم في المجتمع من كلمات وتصرفات نابية تكسر العزة والأنفة والكرامة والناموس وتذله وتهينه.
إن المحافظة على كرامة الإنسان مقصد من مقاصد الشرع لا يحق لأحد أن يهدره لأنها هبة محضة من الله لكل إنسان وليس هبة سلطانية أو منة من أحد.
وسأزيد المعنى بسطا حين أتكم عن الهمزة النسبية والقبيلة والمجتمعية والسياسية التي مست كرامة الإنسان بلفحات من العذاب والذل والاهدار
ج_ ومعنى اللمز الطعن
ولو تعريضا سواء الطعن في نسبه أو خلقه أو وضعه.
فهذه التشكيلة اللغوية تعطي معان كثيرة تغطي مساحات شاسعة من الأمن القيمي الإنساني.