فضيلة د. وصفي أبو زيد يتحدث عن رسالة وصلته من عالم جليل من علماء المغرب
وصلتني رسالة اليوم من صديق عزيز وأخ فاضل وعالم جليل، من علماء المغرب، أوردها هنا مع جوابي عليها تعميمًا للفائدة؛ إذ إنها في أمر علمي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الأعز الأنبل الموفق…
سيدي وصفي عاشور حفظه الله وتولاه..
أرجو أن تكونوا على أفضل العزائم، وبصحة وعافية وأمان…
واسمحوا لي ان اشارككم بعض همومي الفكرية، إذ خطرتم ببالي فجأة دون سابق تفكير أوتأمل…
وحاصل الأمر وأوله : هل أجد لديكم دروسا متكاملة ومتناسقة يشد بعضها بحجز بعض في مادة مقاصد الشريعة،
بحيث يفضي الإلمام بمقدماتها ومبادئها والتفقه في قواعدها وتطبيقاتها إلى التمكن من هذا العلم والتصرف به…
وثاني الأمر سؤال: هل توصلتم في بحثكم الجامعي المتعلق بما نحن بصدده -الذي بالأسف لم أطلع عليه- إلى معيار جلي منضبط للتمييز بين المقاصد الأصلية
والمقاصد التبعية، وبين المقاصد الكلية والمقاصد الجزئية…وهل ضبطتم الفروق بين هذه المصطلحات بأمثلة تطبيقية مبينة وموضحة…
بارك الله فيكم وفي صحتكم وعافيتكم…
ودمتم ودام عطاؤكم، وجزاكم الله خيرا والسلام.
مجلكم ومحبكم عبد الحميد عشاق.
—
——————————————————————————–
أ.د. عبد الحميد عشاق
المدير المساعد المكلف بالبحث العلمي والشراكة والتعاون
مؤسسة دار الحديث الحسنية، الرباط ، المغرب….
الرد:
أخي الحبيب المكرم أ.د. عبد الحميد عشاق، أكرمك الله وأولاك وتولاك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إنها لساعة مباركة تلك التي أفتح فيها بريدي لأجد رسالتكم الغالية وتواصلكم النبيل، فلكم في النفس والقلب مكانة ومحبة أدعو الله أن تكون سببا للتقرب إليه!
أما الغاية الشريفة التي ذكرتها من التمكن في علم المقاصد والتصرف به فإنها – وأنتم أهل العلم والفضل – لا تتأتى بكتاب في هذا العلم، أو سماع محاضرات هنا أو هناك، وإنما تتحقق بالتضلع من فروع الفقه الإسلامي وقواعده، ومطالعة الاجتهادات الشرعية متنوعة الموارد والمشارب، لفقهائنا على مر العصور، والوقوف على أسباب اختلافهم، ومعرفة وجوه أدلتهم، ومناطات دوران حجتهم، والتمكن من علم الأصول المهضوم حقُّه في هذا العصر..
كما أوصيكم – وأوصي نفسي – بقراءة ومداومة قراءة كتب في علوم الأصول تقفنا على حدود التمكن من الفكر المقاصدي والفهم المقاصدي، ومَن فَهِمَهُ من مشاربه ومسالكه فعن الله ورسوله فهم…
ومن هذه الكتب:
الرسالة للشافعي.
الغياثي للجويني.
شفاء الغليل للغزالي.
قواعد الأحكام للعز.
الفروق للقرافي.
الموافقات للشاطبي.
مفتاح الوصول للتلمساني.
ونظائر هذه الكتب التي تؤهل قارئها ومستوعبها لمفارقة التقليد وحيازة الاجتهاد، وترفعه إلى درجة رفيعة من درجات العلم؛ فإن مطالعتها مرة بعد مرة من لذائذ العقل ومتع الحياة الدنيا!.
أما سؤالك الثاني وهو عن بحثي الجامعي (المقاصد الجزئية) – وهو يوزَّع عندكم في مركز التراث الثقافي المغربي بالدار البيضاء – فقد وفقني الله تعالى فيه لما أحسب أني فرقت فيه بين مصطلحات مهمة من وجهة أصولية؛ حيث إن أطر التأصيل للمقاصد الجزئية بجوانبها وآفاقها ونظريتها العامة وما يتصل بها من مصطلحات لم تكن موجودة من قبل فيما أحسب، وغاية ما وجدته في كتب الأصوليين والمقاصديين المعاصرين في الحديث عنها هو التعريف بها فقط في سياق ذكرهم لأنواع المقاصد من حيث الكلية والجزئية، دون التعرض لمسالكها أو ضوابطها أو حجيتها أو وظائفها … الخ، وكنت أتمنى أن تتاح لي نسخة لأهديها إليكم..
إنني سعيد بهذا التواصل العلمي النافع والأخوي الفياض الذي أعتز به، وأتطلع للمزيد منه .. شكر الله لكم وبارك فيكم، ونفعنا وإياكم بالعلم،،
والسلام عليكم ورحمة الله..
(المصدر: قناة د. وصفي عاشور أبو زيد على التيليغرام)