مقالاتمقالات مختارة

فصل الكلام في مشروعية الحكام (1)

فصل الكلام في مشروعية الحكام (1)

بقلم أبو نزار الشامي

الحمد لله الذي لا طاعة إلا بأمره، ولا اتباع إلا لشرعه، ولا ولاء إلا لأوليائه وأصفيائه، والصلاة والسلام على ولي الأمر الأول، وصاحب الشريعة الأكمل، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أخذتْ مسألة طاعة ولاة الأمر جدلًا زائدًا بعد سقوط دولة الإسلام، وتولي الغرب مقادير البلاد، وتوسيده حكامًا طواغيت ملؤوا الأرض ظلمًا وجورًا، وكرَّسوا أسس الملك الجبري بأمتنا أبشع تكريس، حتى عادت أمتنا بنا أيام الجاهلية الأولى.

وكان من أعجب العجب وسط هذا الحال المزري، أن قامت في وجه الأمة ودعاتها طائفة من المسلمين، يلبسون ألبسة العلماء وينتحلون سمتهم، يصرخون في وجه الأمة المجلودة لا في وجه جلاديها، يقولون لها اصبري وأطيعي واقبلي البغي، وحكم الكفر، وجلد الظهر، طالما أن من يجلدك هو ولي الأمر!!!. وكأن جور الملوك لم يكفِ حتى جاءت هذه الثلة تشد عضدهم وتسقي غرسهم.

الجامية نسبة إلى محمد أمان الجامي، أو المداخلة نسبة إلى ربيع بن هادي المدخلي، أو الرسلانيين في مصر نسبة إلى محمد سعيد رسلان…إلخ ليست الأسماء هي الأهم، بل الأهم هو ماذا ألبست هذه الأسماء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم!!!.

وتتلخص دعوة هذه الثلة والتي تتلطى بالسلف وتحاول الانتساب إليهم بالآتي:

1- الولاء الحاد للحكام بوصفهم حكامًا، والدفاع عنهم وتبرير إثمهم وتحريم الخروج عليهم، أو حتى منافستهم، بل واتهام من يقف في وجههم بالخوارج وكلاب أهل النار، وصولًا إلى إهدار دمهم، ولو كانوا من العلماء الأنقياء.

2- التأكيد على شرعية وجود هؤلاء الحكام، ولو اغتصبوا الحكم وسلبوا الأمة سلطانها.

3- الطاعة المطلقة للحكام مهما طغَوا وبغَوا وأكثروا في الأرض الفساد، حتى لو حكَموا بالكفر ووالَوا أعداء الله، بل قد ذهب بعضهم إلى القول بطاعتهم ولو كانوا كفارًا!!!.

إلا أن ما اجتمع عليه قول غير الغلاة منهم، هو أن الحاكم يجوز الخروج عليه إن توفرت خمسة شروط فقط:

وهذه الشروط هي:

  1. ضرورة اعتماد رؤية الأمر المخالف للشرع والذي يرتكبه الحاكم دون الاعتماد على السماع من فلان وعلان، وفي الحديث الصحيح الذي رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه إشارة إلى ذلك حينما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: “إلَّا أن ترَوا كفرًا بَواحًا عندكم من الله فيه برهان” [صحيح البخاري].
  2. أن يكون الأمر الذي يراه المسلمون على الحاكم كفرًا، أي ليس بالفسوق أو العصيان الذي لا يخرج عن الملة، كرؤية الحاكم يسجد لصنم مثلًا، أو يسب الله ورسوله، أو غير ذلك من الأمور الكفرية.
  3. أن يكون كفر الحاكم بواحًا وفق الحديث الشريف، ومعنى أن يكون بواحًا أي صريحًا لا مجال فيه للتأويل، فقد اعتقد الإمام أحمد بن حنبل في عصره بكفر القائل بخلق القرآن، لكنه لم يكفر حاكم المسلمين المأمون حينما قال بخلق القرآن لأنّه متأول في ذلك.
  4. أن يكون عند المسلمين برهان واضح على كفر الحاكم بالدليل القاطع، والحجة البينة.
  5. ألا يؤدي الخروج على الحاكم إلى مفسدة وشر أكبر من شر بقائه في الحكم.

وما ميز أصحاب هذه الشبهة هو تسلحهم بكم غزير من النصوص الشريفة قرآنًا وسنة، بالإضافة إلى أقوال جمع من أعلام الأمة السابقين وسلفها الصالح، ثم يقومون بإلقاء هذه النصوص رشقًا في وجه من يخالفهم أو يتعجب منهم، وهو يرى هذه الجرأة والقسوة التي يمارسونها على المسلمين في الوقت الذي يرى حلمهم ولينهم مع أكابر الطواغيت!!!.

من أشهر هذه النصوص:

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا٥٩﴾.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “عليك بالطاعة، في منشطك ومكرهك، وعسرك ويسرك، وأثرة عليك”. حديث غاية في الصحة، أخرجه النسائي، وأحمد!

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني”. وفي لفظ: “الأمير“، وفي لفظ: “الإمام”، بدلًا من “أميري“، حديث غاية في الصحة، متفق عليه كذلك، كما أخرج مثله النسائي، وابن ماجه، وأحمد.

 وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميتة جاهلية“، حديث صحيح، غاية في الصحة، متفق على صحته. وفي رواية لمسلم: “فإنه من خرج من السلطان شبرًا: مات ميتة جاهلية”، وأخرج مثله أحمد بأسانيد غاية في الصحة.

“يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس!”، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟!، قال: “تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع». رواه مسلم وأخرج الحاكم قريبًا منه من طريق أبي سلام.

ومن أقوال العلماء:

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة(: “ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لايرون الخروج عن الأئمة وقتالهم بالسيف، وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة. ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان، إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته”

وهكذا يسدرون في دعوتهم، ويشرسون في خصامهم، يساعدهم في ذلك ما نعيشه اليوم من الانحطاط الفكري وغربة المفاهيم الإسلامية عمومًا، وما يتعلق منها بالسياسة الشرعية بشكل خاص، فيستغل هؤلاء هذا الحال أيما استغلال، ويجدون لشبهاتهم أفضل جو وأخصب تربة.

وأمام هذه النصوص الصريحة التي يطرحونها في وجه المخالف، يقف المسلم حيران أسفًا، حيران لأن ما يذوقه من بطش هؤلاء الطواغيت لن يزول بالسكوت والطاعة بل سيستفحل ويزيد… حيران لأن ما زرعه الإسلام في نفسه من شموخ يأبى الركوع لغير الله والسكوت على معصيته، كيف لا وهو يقرأ سيرة المصطفى الذي ثار ضد أئمة الباطل ورفض الرضوخ لهم، أيعقل أن يأمرنا الله ورسوله بالانصياع لمن يحارب الله ورسوله؟!!

أما أسفًا، فلأنه يسمع نصوصًا صحيحة لا يملك ردها ولا تفنيدها!!

وهكذا تخور القوة التغييرية ويصبح تغيير الحرام حرامًا!!!، وتنقلب رأسًا على عقب طاعة الله إلى طاعة أعدائه!!!، وتتمزق هالة الجلال التي تتألق بها مقولة الفارس البطل ربعي بن عامر “إن الله ابتعثنا لإخراج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد”!!!.

وهنا لا بد من التنبيه إلى أمر هام، وهو إننا نحن أمة النص والسند، لأجل ذلك فليس من الحكمة أن يكون الرد الابتدائي على هذا الطرح هو تسفيه قائليه وفضح علاقاتهم المشبوهة مع الحكام، قبل تفنيد شبهاتهم بشكل كامل وتام، فإن الكثير ممن تبع هذه الفرية قد فعل ما فعل بدافع احترام النص ولو خالف الهوى والنفس؛ لأجل ذلك كان من الخطأ أن يتم التعاطي معه بغير دراسة النص والتماس مدلولاته، وإلا كان الهجوم لصالحه، بل وقد يظهر بأنه أشد التزامًا بالوحي الشريف منا نحن المستهجِنين الذين يقدمون العقل على الدليل!!

لو أردنا استعراض المسائل والنصوص التي حاك منها هؤلاء شبهتهم لوجدناها تتمحور حول التالي:

  1. النصوص الموجبة لطاعة أولياء الأمور
  2. أحاديث المنازعة:

 عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه: “بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا، وعلى أن لاننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لانخاف في الله لومة لائم” أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، والطبراني، وغيرهم.

وقد فهموا (تروا كفرا بواحًا…أي كفر الحاكم)

  1. أحاديث المنابذة:

جاء في «صحيح مسلم عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم” قيل: يا رسول الله: أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: “لا ما أقاموا فيكم الصلاة. وإذا رأيتم من ولاتكم شيئًا تكرهونه: فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدًا من طاعة”.

وبالطبع فقد فسروا: أقاموا فيكم الصلاة، أي سمحوا لنا بالصلاة.

  1. مسألة طاعة الحاكم المتغلب.

وبعد أن قمت بتتبع طريقة تعاطيهم مع النصوص، ومع إنعام النظر في دياجير هذه الشبهة محاولًا التوصل إلى مكمن الزلل، فقد اهتديت بتوفيق الله إلى أن الخطأ عندهم يضرب الخطوات الثلاث لطريقة الاجتهاد الفقهي.

  • فهم الواقع أو تحقيق المناط.
  • استحضار النصوص ودراستها مع التأكد من عدم تعارضها، بالإضافة إلى التعاطي الأصولي في حال تعارضها.
  • إنزال النصوص على الواقع.

الخطأ المفصلي في فهم الواقع أو تحقيق المناط:

ولعل هذا هو المنزلق الأخطر، بل ويكفي وحده لدحض الشبهة من أصولها.

من هم (أولو الأمر) الذين تجب طاعتهم؟

المعنى الشرعي:

أولو الأمر: أي أصحاب التصرف في شأن الأمة، الذي يملكون زمام الأمور شرعًا، وبيدهم قيادة الأمة.

وقد ورد هذا المصطلح في الشرع في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “ثلاث خصال، لايغل عليهن قلب مسلم أبدًا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة …”.

ويظهر هذا المقصد بجلاء في قصة عرض الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه على بني عامر، كما عند ابن هشام، يقول بيحرة بن فراس، من قبيلة بني عامر بن صعصعة: (أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: “الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء”، قال: فقال له: أفتهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه. ومعلوم أن الأمر المقصود هو الحكم والسلطان، بدليل أن قبول الأنصار لما رفضته بنو عامر تمخض عن إقامة هذا الحكم في المدينة.

كما يظهر في الحديث المبشر العظيم “ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ الله به الكفر” رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي، وصحَّحه الحاكم والعلامة الألباني

وقوله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ﴾. فقد ذهب جمع من السلف، منهم أبو هريرة وابن عباس، إلى أن المقصود هم الأمراء، ورجحه الإمام الطبري، والنووي، وهو قول جمهور السلف والخلف.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المقصود بأولي الأمر هم العلماء، غير أن النظرة المدققة تظهر أن العالم لا يطاع، ولكنه يُتَّبَع ويقلد، ولا يلزم توجيه الطاعة له كما تكون للأمير فيما يسن من قوانين أو يتبنى من أحكام.

من هنا، فإن ولي أمـــــر المسلمين الذي تجب طاعته هو الذي يتولى أمر دين المسلمين؛ لأن هذا هو أمر المسلمين، فليس لهم أمر غير دينهم، فبه صاروا أمة واحدة من دون الناس، وبه تحققت شخصية أمتهم الحضارية، وبه وُجــد كيانهم السياسي، أما من يتولى أمرًا آخر، كالذي يحكم بالنظام الدستوري العلماني، أيًّا كان، أو بالنظام الديمقراطي الليبرالي الغربي، أو الفكر القومي الاشتراكي، أو غير ذلك مما هو سوى النظام الإسلامي المحتكم إلى شريعة الله تعالى، فهو ولي أمــر ما تولاه ، ليس هو ولي أمر المسلمين، وهو يدخل في قوله تعالى ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ١١٥﴾ ـ  فكيف يُولى أمر أمة الإسلام، وقد تولى أمر غيرها؟!!

من هنا ينبغى أن يعلم أن قول الله، أو قول رسوله، أو قول الفقهاء الثقات: “ولي الأمر” أو “الإمام” أو “الخليفة” أو ما شابه ذلك ــ إذا أطلق ــ أنما يقصد به الأمير أو الإمام الشرعي الذي استكمل الأوجه الشرعية، ولا يجوز أن يظن بالله ورسوله أنهم قصدوا أئمة الكفر، أو سلاطين الفسق والجور، أو مغتصبى السلطة، وغيرهم من المجرمين، بمثل هذه الألفاظ إذا جاءت مطلقة. أما أوجه الشرعية التي ينبغي أن يستكملها الحاكم حتى يكون إمامًا، أو أميرًا شرعيًا فوجهان:

  1. شرعية الحاكم: وذلك بأن يكون الحاكم مستكملًا لشروط الانعقاد، بأن يكون رجلًا مسلمًا بالغًا عاقلًا حرًا عدلًا من أهل الكفاءة. كما يشترط أن يعقد له الأمر ببيعة شرعية عن رضى واختيار.

فإذا اختلت شروط الانعقاد، أو تولى الحاكم على أساس نظام كفري، أو الانتخاب الديمقراطي المحض، أو كان النظام إسلاميًا، ولكنه وثب على السلطة فاغتصبها دون أن يأخذ رضى المسلمين، فهو حاكم غير شرعي، وحكمه حكم المعدوم شرعًا.

2ـ شرعية النظام: وذلك بأن يكون النظام إسلاميًا يطبق الشرع في الداخل، أي يحقق سيادة الشرع وحاكميته، ويكون الحكم والسلطان بيد المسلمين في الداخل، ويكفل عزة الإسلام والمسلمين في العلاقات الدولية؛ وذلك بأن تكون الدولة الإسلامية دولة مستقلة ذات سيادة بالمعنى الدولي، أي دولة مستقلة تامة الاستقلال، فلا يجوز أن تكون مستعمرة أو محمية أو تحت الوصاية أو الانتداب من قبل الكفار أو أي سلطة كافرة، أو غير ذلك مما ينقص السيادة، أي أن تكون الدار دار إسلام، ولا يجوز أن تكون دار كفر مطلقًا

وبتحقيق مناط هذه الشروط في حكامنا اليوم يتبين بما لا يدع مجالًا للشك أن حكام اليوم:

  • تسلطوا على الحكم بالقوة أو الوراثة رغم سخط الناس.
  • من تم انتخابه أو بيعته، فقد بويع على الدستور الوضعي.
  • حكموا بالقوانين البشرية التي تجعل الإسلام أحد مصادر التشريع وليس أوحدها، وهذه التشريعات هي كفر بواح، كما تحاكموا إلى الشرائع الدولية المحاربة للإسلام والمسلمين، أو المناقضة لشرع الله كمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن…
  • كل حكامنا يفتقدون شرط العدالة لفسقهم أو كفرهم فلا تنعقد لهم بيعة ابتداء.

وعليه، وقبل القفز العالي إلى الاستدلال بنصوص طاعة أولي الأمر، لا بد من التحقيق أولًا، هل حكامنا هؤلاء يستحقون هذا المقام؟

وبناء على الشروط الشرعية آنفة الذكر، فلا يوجد اليوم على وجه الأرض ولي أمر شرعيٌ مطلقًا، وإنما يوجد طواغيت سفهاء عطَّلوا شرع الله وحكموا بشرائع الجاهلية.

وإن الاستدلال بنصوص طاعة ولاة الأمر وإنزالها في حق حكامنا اليوم هو كمثل من ينزل أحكام طاعة الزوجين في حق الزناة!!!

وأي أمر بطاعتهم هو أمر بمعصية، وتشريع لباطل، ونصرة لحكم الكفر، وتعاون على الإثم والعدوان، بالإضافة إلى أنه لعب بأحكام الله، وخيانة للأمة، وتقوُّل على الله بغير علم.

هذا وإن هذا المبحث (تحقيق مناط ولاة الأمر) كافٍ وحده لهدم هذه الشبهة رأسًا على عقب، وبيان مدى الانحراف والجرأة على الله التي وقع فيها مقِّدسو الحكام وكهنة الطواغيت.

(المصدر: مجلة الوعي)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى