مقالاتمقالات مختارة

فرار التدين السقيم من مواجهة الحقائق!

فرار التدين السقيم من مواجهة الحقائق!

بقلم أ. د. فؤاد البنا

كم يجيد أصحاب التدين السقيم الفرار من الحقائق والوقائع الماثلة أمام الأعين، حيث يفرون من الدماء التي تنسكب في الحاضر إلى الحديث عن الماضي الوردي للأمة أو الشعوب والمجتمعات التي عاشت في هذه البقعة من الأرض!
ويفرون من تحديد عوامل الخلل التي أصابت أمتنا بالتخلف، إلى الحديث عن المؤامرة الكونية ضد المسلمين ولا سيما أشقاءنا من أهل الكتاب!
ويفرون من دراسة أسباب الهزيمة ومعالجة عوامل الإخفاق التي أصابت مكوناتنا الإسلامية القائمة في الساحة للحديث عن الابتلاء الرباني لعباده الصالحين، ويأخذ الحديث عن الابتلاء عند هؤلاء طريقا إجبارياً واحدا، وكأنهم لم يقرؤوا أن الله يبتلي بالسراء كما يبتلي بالضراء، كما ورد في قوله تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة…}!
ويفرون من دراسة أسباب الضعف في استعمار الأرض وصناعة الحياة ومن البحث عن عوامل الخور التي أفقدت الأمة فاعليتها وأصابتها بالغثائية، إلى الحديث عن الجنة التي أعدها الله لعباده الذين زهدوا في متاع الدنيا وصبروا على أوجاع الفقر وسياط الحرمان، مؤكدين أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر!
ويفرون من الانضباط بالمنهج السنني القائم على الأخذ بأسباب القوة والالتحام بعوامل التقدم، إلى الحديث عن الأقدار التي تتحكم بمصائر العباد وتجعل مشيئة الله غالبة لمشيئة العباد وملغية لرغبة البشر في الانتصار على المصاعب والعقبات والأعداء، وكأن الله يريد للمسلمين التخلف والضعف والانهزام!

وخلاصة القول إن أصحاب التدين السقيم، يفرون من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، ليبرروا عجزهم وتقاعسهم عن القيام بغاية استعمار الأرض على الوجه الأمثل، في مجالات العلوم والأعمال والفنون والآداب.
ويحتاجون إلى وقفات جادة تعيد لهم الحضور الإيجابي في الواقع، وتغرس في مواجيدهم مشاعر المسؤولية الاجتماعية، وتعينهم على الانغراس الفعال في العصر، وتخلصهم من عوامل ومفردات المنهج التبريري والحس الانسحابي من ميادين العمل إلى ساحات التبرير والجدل.

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى