غوائل الإرجاف
بقلم أ. د. فؤاد البنا
✒تبوك الناعمة:
كان المتخلفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب الإيمان الصادق بضعة أشخاص فقط، في موقعة تبوك، وكانت المواجهة مع أقوى دولة في الأرض آنذاك، وقد وقعت في عز الصيف وفي قلب الصحراء، وكانت درجة الحرارة فوق الخمسين، حتى سماها القرآن ب”ساعة العسرة” [التوبة: 117]، أما اليوم فالمتخلفون كثيرون، والمعارك كثيرة حتى في الجهاد الأبيض والمواجهات الناعمة، حيث الثغور الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية تعاني من الندرة، حتى صار بعضها ثغرات ﻻ ثغورا، في حين أن ثغور الأعداء متخمة بالكوادر الخبيرة والمدربة والمتجندة احترافا أو تطوعا!
فمن لتبوك السياسية، وتبوك الاقتصادية، وتبوك الثقافية والاجتماعية، قبل تبوك العسكرية؟
✒طابور الإرجاف:
إن الإرجاف سﻻح خطير ضد الأمة، وأحد أوجه خطورته هو تلفعه بأستار زاهية، وتذرعه بأعذار خادعة، وتسلحه بالمكر والمخاتلة والتحرك السري الذي يصعب اكتشافه.
ولهذا كانت أهم حادثة في هذا الشأن، هي حديث الإفك ضد عائشة رضي الله عنها، أم المؤمنين وأعلم نساء الصحابة، ونزل قرآن يتلى إلى قيام الساعة في تبرئتها، غير أن طوابير الإرجاف لم تنفك عن هذا الاتهام الباطل من قبل مجاميع تنتسب إلى المسلمين، وذلك حتى يساعد هذا القذف في اكتشاف المؤمنين لهؤلاء المنافقين في كل اﻷزمنة، ولو تدثروا بأثواب التشيع، وتزينوا بحب آل بنت النبي!!
✒جريمة الإرجاف:
عندما يكون القصد هو الإضرار بالأمة، من خلال تمزيق الصفوف، وتوهين العرى، وبث الفوضى، واشاعة الضعف، وعندما تُسخر الوسائل المشروعة لنشر الإرجاف، فإنها تصير جريمة في حق الأمة وتصل في بعض الظروف إلى حد الخيانة العظمى، ولو كانت هذه الوسيلة هي بناء مسجد على سبيل المثال، كما قال تعالى عن نفر من المسلمين يُفترض أنهم من أصحاب الرسول: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين…} [التوبة: 107]
✒القابلية للإرجاف:
عندما يصير الفرد مستهلكا لا منتجا، ويصرف طاقته النقدية إلى الخارج مراقبا للجميع دون أن يلتفت إلى ذاته إلا في مجال تزكية النفس، والثناء عليها، والعجب بالعمل، عندها يصير هذا الفرد مهيئا للسقوط في حبائل المرجفين، بمعنى أنه يحمل جرثومة القابلية للإرجاف!
✒التحصن من القابلية للإرجاف:
إن تحصين الأفراد من الوقوع في مهاوي النفاق وخنادق الإرجاف، أو التراجع على الأقل إلى الصفوف الخلفية من الإيمان، يحتاج إلى أمور عديدة، ومنها: استمرار التربية النفسية، ومواصلة التغذية الفكرية وعدم التوقف عن التعبئة الروحية.
✒معادلة السقوط:
إن حب الظهور يقود إلى الغرور، وإن اجتماعهما يقصم الظهور!
✒عوامل الإرجاف:
يقع كثيرون في منحدر الإرجاف الرهيب، نتيجة مجموعة كبيرة من العوامل والأسباب، ويبدو بوضوح أن العوامل الداخلية تنتصب قبل الخارجية، وأن الأسباب النفسية أخطر من الأسباب العقلية، مما يحتم الوقاية من هذا الداء الوبيل وفق هذه المنظومة.
✒نسمة:
إذا كنت لا تتحمل (المكاره)، فلن تحملك (المكارم) إلى الخلق!
✒قطرة:
الإرجاف هو أحد الأدلة على أن أمة المسلمين تتعرض ﻻنتحار ذاتي لا لاغتيال خارجي!