غضب في باكستان من شراكة الإمارات في اضطهاد مسلمي إقليم كشمير
عبرت أوساط سياسية في باكستان عن غضب شديد من شراكة دولة الإمارات للهند في اضطهاد مسلمي إقليمي كشمير خدمة لأطماع أبوظبي الاقتصادية.
يأتي ذلك بعد أن أعلنت الحكومة الهندية، أن إمارة دبي، وقعت اتفاقا لبناء بنية تحتية في جامو وكشمير، في أول توجه صريح من الإمارات لدعم الحكومة الهندية، التي ألغت الحكم الذاتي الممنوح لتلك المنطقة، ذات الأغلبية المسلمة، والتي تشهد ارتكاب فظائع حاليا من قبل سلطات نيودلهي تجاه سكانها.
وقالت الحكومة الهندية، إن مذكرة التفاهم المبرمة تتضمن قيام دبي ببناء بنية تحتية تشمل مناطق صناعية وأبراج للاتصالات وأبراج متعددة الأغراض ومراكز لوجستية وكلية للطب ومستشفى تخصصيا، دون ذكر قيمة الصفقة.
وذكر وزير التجارة الهندي، “بيوش جويال”، في بيان، أن كيانات من دبي أبدت اهتماما كبيرا بالاستثمار في كشمير.
ومذكرة التفاهم التي وقعتها دبي هي أول اتفاق لحكومة أجنبية للاستثمار في المنطقة الحساسة في أعقاب سحب الحكم الذاتي لجامو وكشمير وتقسيم الولاية التي تسكنها غالبية مسلمة إلى منطقتين تحكمان مباشرة من نيودلهي.
وقالت أوساط باكستانية بحسب متابعة إمارات ليكس، إن النظام الإماراتي يرتكب جريمة بحق مسلمي إقليم كشمير عبر تفضيله مصالح الاقتصادية على حقوق المسلمين المضطهدين في الإقليم من الحكومة الهندية.
وتطالب كل من الهند وباكستان بالسيادة على كل إقليم كشمير الواقع في الهيمالايا لكن كلا منهما تسيطر على جزء منه.
ويتعرض المسلمون في كشمير إلى حملات قتل وتهجير وتعذيب من قبل منظمات هندوسية بمباركة جهات رسمية في نيودلهي، ما دفع القضية مجددا إلى واجهة الأحداث.
ويتخذ النظام الحاكم في دولة الإمارات مواقف صادمة ومثيرة للجدل منها تجاهل بل وتأييد قمع واضطهاد المسلمين وذلك خدمة لمصالحه الاقتصادية ومؤامراته العدوانية.
وقد تعدت مخططات وجرائم دولة الإمارات، الوطن العربي وحتى الشرق الأوسط، لتدعم الهند بجرائمها دعم المسلمين على أراضيها.
وبدلا من أن تقوم أبوظبي بالدفاع عن المسلمين وحقوقهم، كشفت صحيفة باكستانية في حزيران/يونيو 2020 النقاب عن إحباط دولة الإمارات، محاولة باكستان، تشكيل جماعة ضغط في الأمم المتحدة لإدانة الهند بشأن كراهيتها للمسلمين.
وفي حينه قالت صحيفة الأخبار الباكستانية إن الإمارات أحبطت محاولة باكستانية لتشكيل مجموعة غير رسمية من مبعوثي منظمة التعاون الإسلامي في الأمم المتحدة بشأن “الإسلاموفوبيا” أو كراهية المسلمين.
وذكر مصدر دبلوماسي للصحيفة أن الممثل الدائم لباكستان لدى الأمم المتحدة منير أكرم، سلط الضوء على قضية كراهية الإسلام في اجتماع افتراضي عقده مبعوثو الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في الأمم المتحدة.
وسلط المبعوث الباكستاني الضوء بشكل خاص على محنة المسلمين في الهند وشعب كشمير الذين يعانون على يد حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم.
وبدأ الأمر باتهام هندوس يمنيين المسلمين بتهمة “التآمر” لنشر فيروس كورونا بعد أن ارتبطت عشرات الحالات بتجمع جماعة إسلامية بمقرها في نيودلهي في منتصف مارس/آذار.
وفي 19 أبريل / نيسان 2020، قالت وزارة الداخلية الهندية إن أكثر من 4000 حالة من بين حوالي 15000 حالة تم اكتشافها حتى ذلك اليوم مرتبطة بذلك التجمع.
وهذا الموقف الذي قامت به الإمارات في الاجتماع يخالف رؤية الشعب الإماراتي والخليجي الذي عبر بوضوح في إبريل/نيسان عن الإدانة لسلوك الهند، إلى جانب دول ومنظمات عديدة من بينها منظمة التعاون الإسلامي.
وطالبت الهندية سوراب أوبادياياي، وهي مقيمة في دبي، المسلمين بأن “يقبلوا أنهم مصدر الوباء”، ودعت إلى قتل أعضاء الجماعة، واصفة إياهم بأنهم “إرهابيون”.
وحذفت سوراب تغريداتها بعد أن هاجمها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في الخليج والهند.
ولم يتم إدانة السيدة الهندية على الرغم من أنه قامت بجريمة واضحة وتمييز عنصري كبير في بلد مسلم. وبالمقابل تعتقل السلطات عشرات الإماراتيين الذين عبروا عن آرائهم في شبكات التواصل الاجتماعي منتقدين جهاز الأمن أو تضامنوا مع معتقلين أخرين.
وحذر السفير الباكستاني منير أكرم أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي من خداع الهند. ودعا إلى إنشاء مجموعة من دول منظمة المؤتمر الإسلامي للنظر في الإجراءات المشتركة لمكافحة كراهية الإسلام.
وفي غضون ذلك، رفض المبعوث الإماراتي الذي كان يترأس الاجتماع، طلب باكستان تشكيل مجموعة غير رسمية حول كراهية الإسلام، قائلاً إن ذلك يتطلب تفويض وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي بتشكيل مثل هذه الجماعات.
ووفقًا لوسائل الإعلام المالديفية، انضم المبعوث المالديفي إلى الإمارات وقال إن اتهام دلهي بالخوف من الإسلام سيكون غير صحيح في الواقع ويضر بالانسجام الديني في جنوب آسيا.
وقال دبلوماسي باكستاني إن تشكيل مثل هذه الجماعات أمر شائع حتى على مستوى منظمة المؤتمر الإسلامي، ويمكن أن يشكل المبعوثون مثل هذه الجماعات. لافتا إلى أن هذه الجماعات ساعدت في الضغط على الجهود وعملت كمجموعات ضغط ويمكنها تحريك القرارات معًا.
وتابع الدبلوماسي إن بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة أبلغت في وقت لاحق البعثة الباكستانية أن تشكيل الجماعة غير مسموح به بسبب ما تسببه تلك الجماعات من ارتباك في قواعد إنشاءها.
والإمارات كانت حليفاً تاريخياً لباكستان لكن في السنوات الأخيرة وجهت أبوظبي وجهها نحو الهند العدو التاريخي لإسلام أباد. ففي عام 2019 دعت الإمارات الهند للمشاركة في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي رغم رفض باكستان واحتجاجاها.
على مدى السنوات العديدة الماضية، لا سيما في ظل ولاية رئيس الوزراء ناريندرا مودي؛ خطت الهند خطوات كبيرة في علاقاتها مع دول الخليج العربي، وحققت هذه المكاسب مع الحفاظ على علاقات ودية مع خصمين رئيسيين في المنطقة هما إيران والسعودية.
وكان يفترض أن تقوم تعبيرات القلق بشأن معاملة حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم للمسلمين الهنود، من جميع أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي، التي حثت الهند على اتخاذ خطوات عاجلة لحماية حقوق الأقلية المسلمة، بتغير في السياسة الإمارتية تجاه الهند لكن ذلك لم يحدث.
وفي أغسطس/آب2019 برز موقف دولة الإمارات المثير للجدل بتأييدها القرار الهندي بإلغاء الحكم الذاتي لإقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة، على الرغم من حملة القمع الدامية التي قام بها الحزب الهندي الحاكم ضد المسلمين.
ونقلت صحيفة “جلف نيوز” الإنجليزية الرسمية عن أحمد البنا، سفير أبوظبي في نيودلهي، قوله: إن بلاده تتوقع أن “تؤدي هذه الخطوة إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقة في الحكم المحلي لدى شعب ولاية جامو وكشمير”، كما اعتبر القرار المتعلق بكشمير “مسألة داخلية” هندية.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي الإمارات أيدت خطوات الهند لضم إقليم كشمير، وتجاهل معاناة سكان الإقليم من المسلمين ولو بإبداء كلمة تضامن واحدة تعطيهم العزيمة على الصمود والبقاء، درءاً لغموض المصير.
وإذ يثير هذا الموقف الاستغراب، يثير استمرار بقاء هذا الملف مفتوحاً ومولِّداً الحروب بين الهند وباكستان الاستغراب أكثر، بسبب عدم حل هذه القضية حتى الآن، وبسبب مصاعبهما الاقتصادية التي تُحتِّم عليهما التفكير بإحلال السلام، لا بإثارة النزاعات.
وبقدر ما تطرح قضية كشمير من ألغازٍ تساعد في حلولٍ أخرى تتعلق بالعلاقات الدولية. حصل أمر في شهر إبريل/ نيسان الماضي، كان بمثابة لغزٍ استعصى حلُّه، حين دُهش الجميع، وتساءل عن دوافع دولة الإمارات التأسيس لإشادة معبدٍ هندوسيٍّ على أراضيها.
وأثار الخبر استغرابا كثيرا، وتعزز ذلك مع التفاصيل اللاحقة به، والتي تشير إلى حجم المبنى الكبير، وما سيلحق بقاعات العبادة من مراكز تعليمية ورياض أطفال وحدائق ومراكز بيع الكتب والهدايا وقاعات الطعام الواسعة ومراكز الزوار.
قال كثيرون يومها إن الأمر يتجاوز مسألة التسامح الديني، في بلاد تحارب الإسلام السياسي، وتدعم الأنظمة العربية التي تضطهد الإسلاميين.
مع مرور الأيام، وفي شهر أغسطس/ آب 2020، كانت دولة الإمارات من الدول القليلة، أو ربما النادرة، التي أيَّدت قرار الهند إلغاء الحكم الذاتي لكشمير، بعد ثلاثة أو أربعة أيام من إعلانه، فقد رأى سفيرها في نيودلهي فيه خطوةً ستؤدي إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتعزِّز ثقة الشعب بالحكم المحلي لإقليم جامو وكشمير.
ولم تر الإمارات في الأمر شروعاً في تغيير ديمغرافية هذا الإقليم ذي الغالبية المسلمة، وهو التغيير الذي حظرته المادة 370 من الدستور الهندي التي ألغتها السلطات الهندية، في 5 أغسطس/ آب الماضي، كونها تنصُّ على إعطاء الإقليم الحكم الذاتي، وتحظر على الهنود الاستقرار الدائم فيه منعاً لتغيير تركيبته السكانية.
كما لم توضح الإمارات إن كان ما تبع قرار الهند هذا، من إجراءات تقييد الحريات المتضمنة قطع الاتصالات الهاتفية، وفرض القيود على الإنترنت، وقطع البث التلفزيوني، وحملات اعتقال الناشطين السلميين، وقمع المظاهرات، وفرض حظر التّجوُّل والقيود على التنقُّل، كذلك هي خطواتٌ ستؤدي إلى تحسين ظروف الشعب الاجتماعية والاقتصادية.
ويمكن لهذا الأمر أن يثير الاستغراب، كما موضوع المعبد الهندوسي، لولا الوقائع التي تتحدّث عما يشبه حلف المصالح الإماراتي الهندي، للوقوف في وجه شراكة باكستان والصين التي تتعزز عبر مشروع ميناء غوادر في باكستان المهدد لمكانة ميناء دبي.
لا أحد يدري إن كانت الهند قد عولت على حال التردّي التي وصل إليها المسلمون، لكي تتخذ هذا القرار؛ إذ كان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد قدّم السنة الماضية للهند أعظم هدية، حين قرر نقل سفارة بلاده لدى الكيان إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وربما كانت تلك الخطوة بمثابة جسّ النبض الذي تَلقَّت الهند نتائجه، ودرست ردّ فعل المسلمين المخجل، فبدأت التخطيط لهذه الخطوة.
ولكن على الأغلب فإن الهند لم يصل الأمر بها إلى أن تطمح لتلقي الدعم، بل والتكريم عشية خطوتها تلك، وهو ما جرى حين قلَّدت دولة الإمارات رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في 24 أغسطس/ آب الماضي، الوسام الأرفع لديها (وسام زايد)، ثم تبعتها البحرين في اليوم التالي، حين قلَّد ملكها مودي “وسام البحرين من الدرجة الأولى”، على الرغم من أن ناشطين بحرينيين وعرباً وصفوه بأنه “مضطهد المسلمين”.
وحين لم تستنكر جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي هذا الاحتفاء بمودي، لا بد أن الرجل رأى في هذه الوقائع مجتمعةً تشجيعاً للاستمرار في مسعاه لضم الإقليم.
في هذا الصراع، بقيت باكستان وحيدةً تقارع الهند، وتدفع باتجاه تبنّي المنظمات الدولية موقفاً يدين قرار ضم الإقليم.
المصدر: مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث