غزة تستعد لرابع حرب مفتوحة مع الاحتلال
إعداد يوسف أحمد
بعد 24 ساعة على استلام اليميني المتطرف نفتالي بينيت لوزارة الحرب الصهيوني، وبسبب رغبة نتنياهو في إشعال حروب في غزة ودمشق، للبقاء في الحكم وعدم ترك السلطة وإلا تعرض للسجن بسبب قضايا فساد ورشوة، استفزت سلطات الاحتلال الصهيونية المقاومة وأعادت سياسة الاغتيالات التي توقفت قبل 7 سنوات ما جعل غزة تستعد لرابع حرب مفتوحة شاملة.
ففي جولة تصعيد صهيونية جديدة قد تكون الأخطر منذ آخر حرب على غزة في عام 2014، اغتال الاحتلال القيادي العسكري الكبير في حركة الجهاد بهاء أبو العطا (42 عاماً)، وزوجته، في قصف صاروخي على منزله بمنطقة الشجاعية شرق غزة، بالتزامن أيضاً مع استهدافها منزل عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي أكرم العجوري في حي المزّة بدمشق، نجا منه وأدى لاستشهاد أحد أبنائه، وإصابة آخرين.
التصعيد الصهيوني، ردت عليه المقاومة الفلسطينية على الفور بقصف العديد من المدن والبلدات الإسرائيلية بعشرات الصواريخ والقذائف، التي أدت حتى اللحظة لإصابة نحو 29 إسرائيلياً بجروح مختلفة، بحسب ما أعلنت “نجمة داوود الحمراء”، المنظمة الطبية الإسرائيلية.
فرداً على اغتيال أبو العطا وقصف دمشق، قصفت الجهاد الإسلامي مستوطنات غوش دان وجنوب تل أبيب، وعطل الاحتلال المدارس والعمل على مسافة 80 كم من غزة واستعد لتدهور إقليمي وربما حرب شاملة إذ تسببت الاغتيالات الصهيونية السابقة لقيادات فلسطيني في حرب شاملة.
وأظهرت فيديوهات صهيونية حجم ضربات المقاومة والهلع الصهيوني بعد إطلاق عشرات الصواريخ الفلسطينية من غزة نحو الأرض المحتلة، منها صاروخ وقع على بعد أمتار من سيارات كانت تسير على أحد الطرق السريعة.
اللحظات الأولى بعد سقوط صاروخ أطلق من #غزة على مصنع في مستوطنة "سديروت".#غزة_تقاوم #فلسطين pic.twitter.com/IzGYsX8Txd
— أخبار فلسطين (@QudsNN) November 12, 2019
#شاهد لحظة سقوط صاروخ أطلق من غزة قرب مستوطنة "غان يفنه" قرب اسدود المحتلة. pic.twitter.com/q4tGJ0Zbw0
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) November 12, 2019
لماذا عودة الاغتيالات؟
منذ اغتيال أحمد الجعبري، نائب القائد العام لـ”كتائب القسام”، في عام 2012، التي أدت لاندلاع حرب مع الاحتلال، أوقف الاحتلال اغتيال القيادات، لذلك تعد عملية اغتيال القيادي الميداني الكبير في «سرايا القدس» أبو العطا، هي الأولى منذ عام 2012، وتأتي بعد 12 جولة تصعيد نشبت بين تل أبيب والمقاومة في غزة، بعد آخر حرب في عام 2014.
تأكيد الاحتلال أن نتنياهو وافق وصادق على العملية برغم أنه كان يرفض عمليات سابقة اقترحها عليه وزير دفاعه المستقبل ليبرمان، وتوقيت تنفيذ هذا الاغتيال في هذا الوقت بالتحديد، يشير لأن لنتنياهو دوافع سياسية، إذ يستعد خصمه بيني غانتس (زعيم ائتلاف أزرق أبيض) نحو تشكيل حكومة ضيقة، قد تطيح بنتنياهو.
أيضاً ستؤدي الإطاحة بنتنياهو إلى محاكمته بسبب قضايا فساد ورشى، وإذا كان يعطل حروباً سابقاً مع غزة كي لا تضعف حكومته فهو الآن مستعد لإشعالها لأنه لم يعد يبقي على شيء وسيغادر السلطة، وربما أردها لكي يدفع بانتخابات إسرائيلية ثالثة يحاول الظهور فيها بمظهر حامي الحمي ورادع قيادات المقاومة، في محاولة للبقاء سياسياً.
هل هي الحرب؟
يعلم نتنياهو تماماً أن قرار اغتيال أبو العطا واستهداف الهجوري هو “قرار حرب”، وفي كل الأحوال سيتحمل القرار وزير الدفاع الصهيوني الجديد رغم أن نتنياهو وافق، خاصة أن المقاومة لن تتوقف عن الرد حتى تثبت نظرية الردع.
وهو ما أكده القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش أن حركته “سترد على عملية اغتيال أبو العطا دون النظر لأي حسابات”، أي ولو وصل الأمر لحرب شاملة، مضيفاً: “لا خيار أمامنا سوى المواجهة، ولا حسابات ستمنع الجهاد من الرد على الاغتيالات”.
بدوره، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل رضوان، خلال مشاركته في التشييع: إن “المقاومة هي الطرف المخوّل بترجمة هذا الكلام، وهي التي سترد على العدوان والجريمة”.
ربما لهذا قال الناطق باسم الجيش الصهيوني: إن الجيش يستعد لعدد من أيام القتال، وأن اغتيال أبو العطا “عملية جراحية، وليست عودة إلى سياسة الاغتيالات بشكل كامل”.
وتعتبر تل أبيب أبو العطا المسؤول عن إطلاق العشرات من الصواريخ على الأراضي المحتلة خلال جولات التصعيد الأخيرة، وأنه بات من أخطر الشخصيات الفلسطينية على أمن “إسرائيل”، برغم أن هناك قيادات غيرة ستتولى نفس المسؤولية.
وكان أبو العطا قد تعرّض لثلاث محاولات اغتيال صهيونية، كان آخرها خلال العدوان الذي شنّه الاحتلال على قطاع غزة صيف عام 2014.
ولأن الحرب على الأبواب فقد تحركت القاهرة وأطراف أخرى للواسطة كالعادة وسعت الاحتلال لامتصاص ردود المقاومة في غزة لأنا حقق هدفه باغتيال أبو العطا، تجنب المواجهة الشاملة مع غزة، ولكن توسيع المعارك ووصولها لمرحلة الحرب الشاملة هو تقدير المقاومة في غزة لطبيعة وحجم الرد على الاغتيال.
وعقب المواجهات الأخيرة في نوفمبر 2018 ثم أوائل 2019 نجحت “حماس” والمقاومة في فرص معادلة “صاروخ مقابل صاروخ”، بل أن “المُعادلة الجديدة لرِجال المُقاومة كَرسَت مفهومًا جَديدًا في الحرب، وهو ليس فقط “الضرب مقابل الضرب”، وإنما “المنزل مقابل المنزل”، بحسب اللواء احتياط الصهيوني رونين إيتسيك في مقال كتبه بصحيفة “يسرائيل هيوم” 14 نوفمبر 2018.
فأول مرة تهدم دقة صواريخ المقاومة منازل إسرائيلية بالكامل رداً علي هدم الصهاينة المنازل في غزة، ناهيك عن رهن المقاومة المنطقة المحيطة بغزة ومُستوطنيه رهينَة لصواريخ المُقاومة التي باتَت أكثَر دِقَّة وأكثَر مفعولًا.
تعيين بينيت وقرار الحرب
جاءت مصادقة حكومة الاحتلال (الأحد) على تعيين عضو الكنيست نفتالي بينت من حزب “اليمين الجديد” وزيراً موقتاً للدفاع بعد استقالة وزير الدفاع السابق أفيجدور ليبرمان، لتطرح تساؤلات حول دوره الجديد في الحرب.
فقد اتهم تحالف “أزرق أبيض” في بيان صادر عنه نتنياهو بوضع مصالحه الشخصية فوق مصالح أمن “إسرائيل”، وأكد أن بينت ليس الرجل المناسب لهذا المنصب.
وقال عضو الكنيست موشيه يعلون من “أزرق أبيض”، في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: إن نتنياهو أقدم على بيع منصب حساس ومعقد مثل منصب وزير الدفاع في سباقه للهروب من المحاكمة.
ودخل بينت في الماضي في صدام مع نتنياهو بسبب رد الاحتلال الضعيف كما راه بينيت على هجوم غزة الصاروخي على تل أبيب وطالب بموقف أكثر تشدداً في التعامل مع القطاع الذي تحكمه حركة “حماس”، ولكن هل سيجرؤ على التعامل مع صواريخ “حماس” أم سيغامر بحرب رابعة خاصة أنه توعد بفتح أبواب الجحيم على “حماس” في حال تعيينه؟
ويقول عاموس هرئيل، المراسل العسكري لصحيفة “هاآرتس”: إن تعيين بينت “ليس لاعتبارات أمنية بل لرغبة نتنياهو في بقائه السياسي” فنفس المنصب الذي رفض نتنياهو بشدة أن يعطيه لبينت قبل عام، بعد استقالة أفيغدور ليبرمان من وزارة الدفاع أعطاه له الآن.
في أي حال، سيكون على بينت القيام بمهمة وزير الدفاع حتى يونيو المقبل، وذلك على افتراض إجراء الانتخابات ثالثة في يونيو، وأيضاً بعدها يمر شهران – ثلاثة حتى تتألف في النهاية حكومة ثابتة، فهذه الفترة ستكون كافية لمحاولة بنيت إظهار جدارته بمزيد من التصعيد على غزة، لن تكون حظوظه أفضل من سابقيه.
وعلي وقع الحديث عن الحرب كان ملفتا ذكر إذاعة جيش الاحتلال “غالي تساهل” أن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي عقد (الخميس) اجتماعاً مع وزير المال الصهيوني موشيه كحلون عرض خلاله التهديدات الوشيكة التي يواجهه الاحتلال بما في ذلك من جانب إيران، وأكد أنها تتطلب زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع الصهيونية.
أعلنت قيادة جيش الاحتلال أمس ضم الوحدة المسؤولة عن تشغيل منظومة “مقلاع داود” إلى قيادة قوات المدفعية. وأشارت إلى أن هذه الوحدة ستستخدم صاروخاً خاصاً يصيب الأهداف عن بعد وبدقة، لكن خصائصه لا تزال في طيّ الكتمان، بعدما أظهرت مواجهة صواريخ “حماس” الأخير فشل المنظومة.
الخلاصة، بحسب محللين مصريين وفلسطينيين، أن العدو الصهيوني هو من تجاوز التهدئة الحالية ما جعل المقاومة ترد بلا هوادة، والعدو هو المسؤول مسؤولية كاملة عن ارتكاب هاتين الجريمتين بالاغتيالات الأخيرة، بالتزامن في غزة ودمشق، ويتحمل بالتالي كافة التبعات عن هذه الجرائم، وسيدفع الثمن غالياً.
والرد ليس قاصرا على الجهاد، فالغرفة المشتركة التي تضم كافة الفصائل استنفرت وهي الآن في حالة انعقاد دائم لبحث الرد المناسب على هذه الجريمة، وتثبيت معادلة “الردع مقابل الردع” وسيكون ردها تصعيدياً مع كل رد صهيوني بقصف غزة.
ففي آخر لمواجهات الصاروخية أوائل العام الجاري سقط أكثر من 700 صاروخ ومقذوفات أخرى من غزة على مستوطنات الاحتلال، اعترض نظام القبة الحديدية منها حوالي 300 فقط، أطلقت على مدن وقرى بجنوب “إسرائيل” في 3 أيام، ما اضطر الاحتلال لقبول شروط المقاومة في غزة لوقف القتال بعدما أعلنت أنها ترفض معادلة تهدئة مقابل تهدئة.
وقد أكد الإعلام العبري أن أكثر من 160 صاروخ أطلقوا من قطاع غزة منذ صباح الثلاثاء فقط باتجاه مستوطنات وبلدات الاحتلال وحتى الظهر، ما يؤكد إصرار المقاومة على الانتقام وإظهار قدرتها على الردع لمنع العدو مستقلا من القيام بأي مغامرات عسكرية أخرى.
(المصدر: مجلة المجتمع)