غزة تدفع ثمن خيانة الحكام العرب!
بقلم علي خيري
“فلان علم على فلان” عندما نسمع هذه العبارة عندنا في مصر نفهم أن هناك صراع عنيف دار بين شخصين وكأي صراع خرج منه طرف منتصر وأخر مهزوم، ولكن التميز الذي تضفيه هذه العبارة على الصراع هو أنك تفهم على الفور أن الطرف المهزوم خرج من المعركة بعلامة ستدوم معه طوال حياته، وحياة الصهاينة لن تطول كما نوقن.
“غزة علمت على الصهاينة” هذه هي العبارة التي تبادرت إلى ذهني بمجرد معرفتي بالأنباء الأولية عن وجود اشتباك داخل خان يونس بقطاع غزة، هذا القطاع الذي أصبح أيقونة من أيقونات البطولة الإسلامية والعربية، وترمومترا أستطيع على الفور تحديد مدى إنسانية الشخص الذي يحدثني بمجرد معرفتي موقفه من هذه المدينة البطلة.
* موقع 4040 العبري: هناك كارثة حدثت للجنود وليس حدث أمني كما قال الجيش.
* إذاعة الجيش: العملية في غزة فشلت.
* محلل عسكري: لولا سلاح الجو الإسرائيلي الذي قصف بكثافة مكان الحادث لأصبحت القوة الصهيونية الخاصة بيد المقاومة الفلسطينية.
* جيش الاحتلال يعـلن: مقـتل ضـابط صهيوني وإصـابة آخر خلال عملية أمنية في غزة.
عناوين أثلجت صدري ورسخت عبارة “غزة علمت على الصهاينة” التي تبادرت إلى ذهني عندما علمت بحصار وحدة الاغتيال الصهيونية داخل قطاع غزة داخل رأسي ونفسي، وتيقنت من صحة دلالة هذه العبارة عندما قارنت ما حدث في قطاع غزة مع ما يحدث كل ليلة في الضفة الغربية، من اقتحامات للبيوت واعتقالات للجميع دون تفريق بين صغير أو كبير رجل أو امرأة، -فالإنترنت عامر بالفيديوهات المؤثرة التي توثق قيام قوات الاحتلال بخطف الأطفال من أحضان أمهاتهم في الضفة- دون أن يتحرك أصبع من القوات التابعة للسلطة الفلسطينية المشغولة جدا بالتنسيق الأمني مع الصهاينة لإحباط أي عمل مقاوم قد يخرج ضد الصهاينة.
ما حدث باختصار في قطاع غزة –حسب ما توافر من معلومات إلى وقت كتابة هذه السطور- هو أن الصهاينة استغلوا التهدئة وأرسلوا وحدة خاصة من صفوة مقاتليهم لاغتيال الشيخ نور بركة القائد في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وقد دخلت هذه الوحدة بالفعل إلى محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ونفذوا الاغتيال إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج كما دخلوا، بعد أن قتل منهم ضابط على الأقل وأصيب أخرون، ولم يخرجوا إلا بعد غطاء نيراني كثيف من طيران الاحتلال، أطلقوا خلاله عشرات الصواريخ على المقاومين الذين قاموا بمطاردة هذه الوحدة، وتبادلوا معها إطلاق النار، وقد أدى هذا القصف الكثيف إلى استشهاد سبعة من مقاتلي القسام، وهروب ما تبقى من الصهاينة.
غزة وبعد كل هذا الضغط والحصار ما زالت تدهشنا بالقدرة على المقاومة والإسخان في عدوها وعدونا، غزة هي المكان الوحيد في العالم الذي يشكل تهديد حقيقي وخطير للكيان الصهيوني، فهي البقعة الوحيدة التي تخرج منها الصواريخ التي تجبر الصهاينة على لزوم ملاجئهم، في اللحظة الذي تفتح فيه عواصم وقصور حكم مدننا العربية والإسلامية للتطبيع معهم.
ففي الوقت الذي يأبى حكامنا إلا أن يبهرونا بهوان القضية الفلسطينية في أعينهم، بل وتآمر بعضهم للإجهاز عليها، -فسعار التطبيع الذي شهدته عواصمنا العربية لم يمر عليه شهر بعد- تبهرنا غزة بقدرتها على رد الصاع صاعين وثلاثة للكيان الصهيوني، وتقف لقوات احتلاله بنديه على الرغم من قله إمكانياتها والحصار الجبان المفروض عليها ممن يفترض أنه صديق قبل العدو.
فالرسالة التي تصلني كلما اشتبكت غزة مع العدو الصهيوني وألجئت قطعان المستوطنين إلى مخابئهم، هي أن الكيان الصهيوني قائم إلى الآن فقط بخيانة بعض الحكام العرب، الذين ضيقوا على الشعب الفلسطيني سبيل حياته المتمثل في قدرته على المقاومة، فلا هم حاربوا الصهاينة، ولا هم تركوا أهلنا في فلسطين يقاتلونهم. أعان الله أهلنا في غزة، وأسأله –جل وعلا- أن ينصر من نصرهم ويخذل من خذلهم.
(المصدر: مدونات الجزيرة)