غزة تباد وليس فيكم رجل رشيد
بقلم شعيب الحسيني الندوي (خاص بالمنتدى)
“ما لي أرى رجالا ولا أرى عقولا وأسمع حسيسا ولا أرى أنيسا”، كلمة الإمام حسن البصري رحمه الله توخز ضميري وتجسد واقع الأمة لي من جديد، أمة مليار بل يزيدون، خمسين دولة وزيادة، مخازن المليارات لدويلة صغيرة ومصارف عشرات المليارات في الملاهي والترفيهات، وإطلاق مشاريع التنمية والتجنيد والتجارة والاقتصاد بما لا يعد ولا يحصى ولكن البؤس كل البؤس والهوان كل الهوان لا تقدر الأمة بأسرها والدول المسلمة كلها أن تسد رمق عشرات الآلاف من منكوبي أرض غزة ومضطهدي بلاد إسراء نبي الأمة، لا تملك هذه الدول العظمى رغيفات تملأ بها بطن الجوعى من أطفال ونساء غزة.
لا تقاتل غزة لأجل أرضها فحسب بل إنها تدافع عن شرف كل الأمة من شرق الدنيا إلى غربها، لو لا هم لما عرفنا معنى العزة والكرامة والأنفة، هم الرجال الأحياء وكل الدنيا ميتة و جيفة نتنة، لو هم لما علمنا معنى الشهامة والحنين إلى الشهادة، هم الأحرار والعالم أجمع عبيد أذلاء، لو لا هم لما فهمنا حقيقة الجهاد في سبيل الله والاستمامة والفداء للحرية والكرامة، هم الأبطال البواسل وأصحاب البرج والمصانع مساكين أذلاء.
يا أيها المسلم! ألم يحرك مشاعرك الراكدة أنين البواكى الثكالى وتململ الأولاد الرضع وغمغمة الأطفال الجرحى؟ ألم يقض مضجعك نزول وابل القذائف على المجردين الأبرياء هجروا ديارهم ونزحوا في الخيام وتحملوا البرد القارص والحر الشديد؟ ألم يؤرقك في هجعتك إهراق الدماء الذكية وتناثر الأشلاء في الشوارع وأوصال الأجساد في الأكياس يحملها من تبقى من أهلها ليوريها في التراب؟ ألم يحرمك راحتك صراخ الشيوخ وهم يحملون أفذاذ أكبادهم في أيديهم ملطخة بالدماء ولا طبيب يقدم النجدة ويقوم بواجب التداوي؟ ألم تسلب منك لذة عيشك صيحات المخدرات المحصنات يستغثن ويستنجدن ولا معتصم يلبي ندائهن؟
أيها العربي! كيف تتفرج على ما يصيب ببني جلدتك وإخوانك مما تخر له الجبال هدا وتنشق منه الأرض قطعا؟ كيف لا تضيق ذرعا ويقع إخوانك في فريسة الهمجية وبراثن الوحشية التي لا حدود لها ولا أخلاق فيها؟ كيف بك وأنت في هناء الحياة و رغد العيش ومن يتزي بزيك وينطق بلسانك ويذب عنك مجدك ويعيد إليك شرفك لا يجد لقمات يقمن صلبه؟ وكيف أنت تضحك قهقهة وبناتك وأهلك يعرضون للنزوح والإبادة؟ كيف لا تجفوك مسراتك ولا تتنحى عنك فرحاتك وأهلك لا يجدون مقابر يدفنون فيها بالكرامة الآدمية؟ وكيف لا يزلزل كيان إحساسك الوضع القاتم والحال السيئ لمن يحافظ على مقدساتك كي يرفع شعائر الله لك؟ وكيف……وكيف…….
أيها الأخ الجار! أماتت إنسانيتك بعد أن تخليت عن عروبتك؟ أليس في قلبك وميض يرد إليك بصرك وبصيرتك؟ ألم تبق فيكم عين تطرف أو قلب ينبض؟ هل لا تجن جنونا وتثور غيظا بعد كل ما يجري جنبك من المجازر والمهالك؟ أما أنهضك من سباتك هتاف الجائعين من جيرانك والعطشى من إخوانك؟ أما يغارك عدوان أعدائك على ذويك وأقاربك؟ يا من بقي فيه بعض الحياة أخاطبك بالحرقة واللوعة أن تفك الحدود وتقتحم عبر المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والمرافق الطبية والوقود اللازمة، قد لا تسمح بذلك الأنظمة في بلدانك ولكن ثر ثوران البركان بغضبك وأزح كل العراقيل بعزمك وزلزل الجبال بثباتك.
ويا مدعي النصرة! هل لك مبرر أن تدعي دعاوى فارغة منذ عقود من السنوات وإذا جاء وقت التصديق و أوان التحقيق انكشمت في قضاياك وانشغلت بأمورك، لقد رأينا نشاطاتك المشؤومة والدور الخبيث في إذكاء النيران في عواصم المسلمين الكبرى وقراهم من سوريا والعراق وإحراق المسلمين وتدمير بيوتهم وتهجير السكان والإتيان بكل ما يفعله العدو اللدود للأمة المسلمة في المشرق والمغرب، أفق من غوايتك واهجر تلميعك فلا تخدعن من يعرف خباياك ويعرف دورك المنافق، وحقق ما يتشدق به فمك ويتفيهق به عنقك.
يا زعماء الديمقراطية و يا مدعي حرية الإنسان وحقوقه انكشفت عورة هذه المعيايير أمام العالم، وانزاح اللثام عن وجوهكم الكالحة.
أليس في العالم أجمع إنسان يأخذ بيد الظالم الطاغي ويجبره على وقف الحرب الوحشية على غزة الصامدة الصابرة المحتسبة؟
السؤال الأخير يوجه إلى كل أحرار العالم، وليسجل التاريخ اسم من يجيب بالفعل لا بالقول.