بقلم قادة بن عمار
ما يحدث في العالم العربي والإسلامي، عشيّة حلول شهر رمضان الكريم، يعدّ نكبة حقيقية.. نكبة لا تقتصر على فلسطين وحدها، بل تشمل الأمة، وتشبه في مفعولها ما أحدثه “وعد بلفور” وإنشاء هذا الكيان الصهيوني المحتل!
لا يتحمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسؤولية وحده، فالرجل لم يقم حتى الآن إلا بتنفيذ جملة وعوده التي قطعها على نفسه أمام من انتخبوه للوصول إلى البيت الأبيض، فقد وعدهم بحلّ مشكلة كوريا الشمالية وفعل، وبتمزيق الاتفاق النووي مع إيران وفعل، وبجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني وفعل، وبتحويل العرب إلى مجموعة من دافعي المال للحصول على السِّلم والأمان وفعل، فماذا فعل العرب والمسلمون أمام كل هذه التحديات والقرارات؟ لا شيء!
يأتي رمضان والشهداء يسقطون بالعشرات بل بالمئات في ظرف ساعات قليلة بفلسطين المحتلة، في الوقت الذي تتخاصم فيه الأنظمة العربية حول تسمية الأحداث، هل هي “مذبحة”؟ أم مجرد “أحداث عابرة” واحتجاجات ضد قرار ترامب؟ أم إنها “عنف مفرط” مثلما قالت بعض التلفزيونات الرسمية نقلا عن أنظمتها الخانعة؟ وبالمناسبة، فإن وصف “العنف المفرط” استعمله حتى المجرم بنيامين نتنياهو وهو يبرر أفعال جنوده الغاصبين والقتلة!
يأتي رمضان وفلسطين تئنُّ تحت ويلات احتلال جديد وانقسام لا يريد أن ينتهي، وبقطاع لا يزال حتى الآن تحت الحصار، يجوّع سكانه ويقتلون بدم بارد، وما حال العرب بأحسن من أحوال غزة ولا فلسطين عموما، فاليمن يعاني ويلات حرب عمرها ثلاث سنوات، ولبنان والعراق تحكمهما “الميليشيات”، قطر محاصَرة من جيرانها ومتهمة بـ”التآمر مع الإرهاب”، وسوريا خرّبت بالكامل وينتظر الجميع تقسيمها للحصول على الفوائد والغنائم، أما المغرب، فيواصل دبلوماسيته في قطع وإفساد العلاقات، وتونس ومصر تتخبَّطان في وضع اقتصادي صعب، وليبيا تعاني من حكومة ضعيفة في طرابلس ومن جُنون قائد عسكري سرعان ما أعلن حربا جديدة عقب خروجه من غيبوبة الموت!
لا شيء يبشِّر بالخير عشية رمضان، ما عدا تلك المقاومة الباسلة التي يبديها الفلسطينيون، التي تجعلنا متمسكين بآخر خيوط الأمل في النهوض مجددا، فشعبٌ يقاوم بتلك القوة والعزيمة لا يمكن هزيمته، بل يمكن حتى إبادته، لكنه لا يُهزم، فهو يعبّر عن مقاومة لا تتراجع وإرادة لا تستسلم، ولعلنا لا ندعو في مثل هذه الظروف، إلا إلى أن تصاب بقية أطراف الأمة بمثل هذه الصفات لعل وعسى نعثر على حل قريب، حلّ ينبعث من تحت الرماد ومن وراء الدخان ومن دماء الشهداء!
(المصدر: موقع بصائر)