عوامل تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية
بقلم د.فؤاد البنا
من الواضح أن قضية فلسطين التي كانت القضية المركزية للعرب بجميع أنظمتهم ومنظماتهم، لم تعد كذلك في هذه الأثناء؛ لعدد من العوامل، أبرزها:
الأول: وطأة الطغيان التي اشتدت على النخب الإسلامية التي كانت تقود تلك التحركات في ظل هامش حرية تم تحويله اليوم إلى سجون وقوالب حديدية جامدة!
الثاني: زيادة وتيرة التآمر الغربي على الخلايا الحية في هذه الأمة، بعد رؤيتهم لقوة الحركات الإسلامية التي دخلت من بوابات الديمقراطية وقادت الشارع في كثير من البلدان للاحتجاج على الطغيان والفساد، ولا سيما ما حدث في ما سمي بالربيع العربي الذي كاد أن يغير مصير المنطقة!
الثالث: كمية الإحباط الهائلة التي تستوطن نفوس قطاعات عريضة من الجماهير بعد عدد من النكبات التي حدثت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، مثلما حدث بعد سقوط النظام العراقي وتسببه بسقوط العراق كله، وكذلك تحول الربيع العربي إلى شتاء ذي استبداد قارس، بفضل تضافر النخب الحاكمة والدول العميقة والأقليات الطائفية والأنظمة الغربية ضد حق الشعوب في الحرية والعدالة والكرامة والوحدة!
الرابع: انضمام مجموعات من العلماء إلى حكام الجور في تنديدهم بالمقاومة الفلسطينية، واشتراكهم في تشويه صورتها وتجفيف منابعها، مما زهّد كثيرا من جهلة المسلمين بالمقاومة ومنح الجبناء مبررا للامتناع عن معاقرة أي صورة من صور التضامن مع القضية الفلسطينية!
الخامس: محاصرة المقاومة الفلسطينية من كل جهة واتجاه، ودفعها للوقوع في براثن التحالف الطائفي الشيعي، مما أثار حفائظ كثير من المسلمين، وخاصة أن بعض قادة المقاومة وكرد فعل متطرف على تآمر أنظمة الأعراب، لم يقفوا عند حد الضرورة في التعاطي مع الظهير الطائفي الذي قتل الملايين من المسلمين في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وبلا شك فإن هذا الأمر قد أفقد الفلسطينيين عشرات الملايين من قاعدتهم الداعمة لهم، ولا سيما في سوريا والعراق ولبنان واليمن!
السادس: بروز شرخ كبير داخل القوى السياسية الفلسطينية وخاصة بين أكبر حركتين وسط الشارع الفلسطيني وهما حركة حماس وحركة فتح، ولا شك أن هذا العامل قد أسهم في برود الاهتمام بالقضية الفلسطينية وخاصة عند التيارات المتعاطفة مع حركة فتح وأعداد كبيرة من المستقلين الذين تقول ألسنة حالهم: حينما يقف جميع الفلسطينيين خلف قيادة واحدة تتخندق مع قضية التحرر من الاحتلال، حينها سنكون معهم!