إعداد د. زياد الشامي
ليس مجرد اتهام مغرض دون دليل أو تحامل وتجنٍ على دول وحكومات لمجرد كونها غير مسلمة …. بل هي حقائق مثبتة بالوقائع والدلائل والمشاهد والأرقام والإحصائيات التي تؤكد وجود عنصرية غربية مقيتة ضد المسلمين تحديدا لأسباب باتت معروفة لا تحتاج إلى مزيد شرح أو بيان .
صحيح أن الأحداث الدامية الأخيرة في بلاد المسلمين لم تكن وحدها التي كشفت عن عنصرية متنمرة في دول غربية كثيرة وأبرزت حقدا دفينا و نقمة على دين الله الحق وأتباعه غير مبررة….. فهي متأصلة في تلك الدول قبل ما يسمى “الربيع العربي” …. إلا أن سنوات “الثورات العربية” وما نجم عنها من نزوح غير مسبوق باتجاه الغرب كشفت عن عنصرية غربية علنية مفضوحة وأماطت اللثام عن تطرف و تعصب غربي أعمى ومخز .
لن يتناول المقال الآلاف من المسلمين الذين قضوا في البحر المتوسط وهم يحاولون العبور نحو دول القارة العجوز بسبب عدم قبولهم كلاجئين إلا عبر خوض رحلة الموت تلك , ولن نطيل الحديث عن مظاهر العنصرية التي بدت جلية في سلوك بعض دول القارة العجوز مع اللاجئين على الحدود وداخل المدن الغربية, ناهيك عن توثيق حالات تجاهل خفر سواحل بعض دول شمال المتوسط لاستغاثات قوارب الموت فضلا عن استهداف بعض تلك القوارب وتعمد إغراق من فيها من قبل خفر سواحل دول أوروبية أخرى.
يكفي تناول ما كشف عنه استطلاع للرأي أجرته وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية على 10 آلاف و527 مسلمًا في 15 دولة أوروبية لبيان مدى العنصرية التي وصلت في كثير من الدول الغربية .
فقد اظهر الاستطلاع أن نحو 92% من المسلمين قيد البحث عانوا من التمييز العنصري بأشكاله المختلفة كما أوضحت النتائج أن 53% من المسلمين في أوروبا واجهوا التفرقة العنصرية عند محاولات العثور على منزل بسبب أسمائهم.
الدراسة أشارت أيضا إلى أن 39% عانوا من التمييز العنصري بسبب مظهرهم الخارجي عند سعيهم للحصول على عمل شكلت النساء أغلب تلك النسبة بنحو 35% منهم .
كما لفتت الدراسة التي تم إجراؤها خلال الفترة ما بين أكتوبر 2015 ويوليو 2016 إلى “تعرض نحو 94% من النساء المحجبات المشاركات في الاستطلاع لاعتداءات ومضايقات تراوحت بين الجسدية واللفظية”.
وذكرت الدراسة أنّ 31% من هؤلاء النساء تعرضن للتحرش اللفظي في حين تعرضت 39% من المحجبات لإيماءات مسيئة و 22% لعبارات معادية وهجومية”.
ليست هذه الأرقام وتلك النسب العالية الكبيرة سوى صورة من صور ما يجري على أرض الواقع من عنصرية غربية تجاه المسلمين لا تزداد مع الأيام والأزمات إلا تضخما وتنمرا مع علانية مخزية .
ففي ألمانيا التي يوجد فيها عدد لا بأس به من الفارين من جحيم الحرب المستعرة في بلادهم العربية الأم تنتشر في الآونة الأخيرة ملصقات تحمل عبارة “ارجعوا إلى وطنكم هو بحاجة إليكم” في مختلف المدن ويصادفها كلّ من يتكلّم العَرَبِيّة على عمود إنارة أو على مدخل بناء وحتى على سلة قمامة .
المعنيون بتلك الملصقات وهم هنا اللاجئون السوريون تحديدا ردوا على تلك الملصقات باللغة الألمانية قائلين : “في وطننا ديكتاتور وحرب مستعرة حالما ننتهي منهما سنعود ، لستم مضطرين للكتابة باللغة العَرَبِيّة في المرّة القادمة لأننا أتقنّا الألمانية وتعلّمناها”.
وأما في اليونان فقد وافقت أعلى محكمة إدارية هناك على ترحيل لاجئين سوريين بشكل إجباري , و قال مصدر مطلع على القضية : إن أكثر من 750 سوريا قد يتأثرون بالحكم الذي أصدرته محكمة “مجلس الدولة”….. وهو ما يعتبر سابقة قد تشمل مئات الحالات المماثلة .
وعلى الرغم من الطعن القانوني الذي تقدم لاجئان يبلغان من العمر 22 و29 عاما بعدما رفضت لجان معنية باللجوء مناشداتهما بعدم إعادتهما إلى تركيا التي عبروا منها إلى اليونان العام الماضي …..إلا أن الأمل بكسب القضية وإلغاء الترحيل لا يبدو كبيرا رغم اعتراف رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان “ديميتريس كريستوبولوس” بأن الحكم “ينتهك حقوق اللاجئين”.
وإذا كان تفشي العنصرية الغربية ضد المسلمين في دول القارة العجوز وغيرها قد حصدت الكثير من أرواح المسلمين وانتهكت أبسط حقوقهم المشروعة حتى الآن ….فإن ما يثير القلق الآثار السلبية المستقبلية لتلك العنصرية المتنامية التي لا يبدو أن لها سقفا معلوما أو حدا معينا تقف عنده .
(المصدر: موقع المسلم)