عندما يكون إعلام الثورات لا يعمل ضمن رؤية!
بقلم مجدي أبو اسماعيل
بعد انقلاب يوليو بمصر سارع النظام الانقلابي الاستبدادي بغلق كل منابر الرفض والمعارضة، وخصوصاً أن تلك العصابة المنقلبة على إرادة الشعب كانوا قد وضعوا خططهم وأصروا على تنفيذها بكافة الوسائل الإجرامية فلا يريدون من يبث الأمل في نفوس الرافضين لهم. ورغم كل التضييق على أطراف المعارضة إلا أن الانقلاب لم يستطيع أن يوقف المعارضة من فضح أكاذيبه وجرائمه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال قنوات تلفزيونية ومواقع إعلامية من خارج البلاد، ولكن لم يتم إستخدام تلك الوسائل في إحداث أي تغيير للواقع لانها ليست جزء في خطة واضحة وُضعت بشكل مدروس من المعارضة لتحديد أهدافها، فإذا نظرت مثلاً لإعلام الأنظمة رغم النفاق والكذب الصريح والمبالغ فيه إلا أنه يحقق للأنظمة ما يريده له لأنه ضمن خطط محددة الرؤية.
في تلك الظروف يجب على كل محب للوطن ولا يقبل تلك المهانة التي يحياها المواطن أن يكون ذا عقلية دائمة البحث عن الوسائل التي تخدم قضيته ودائماً ما يراجع كل أفعال وتقييمها والسعي لتطويرها، وبنظرة إلى الحركة الإعلامية للمعارضة منذ سنوات وإلى الأن لم تساهم بشكل فعال في بث الرسالة التي يستشعر المواطن العادي بقوتها وقوة المعارضة، فهي بنفس السياق والأسلوب الذي لا يتغير ولا يتطور فكل المواد الإعلامية سواءاً مرئية أو مقرؤوة لا تقدم إلا الحديث عن ما تفعله الأنظمة الاستبدادية وحلفاءهم الدوليين والحديث عن تحليلات، وكل تلك الكلمات والأحاديث ليست ما ينتظره المواطن العادي كي يشارك في إحداث التغيير المرجو للتخلص من تلك المهانة التي يعيشها.
لذلك من وجهة نظري كمواطن عادي أتحسر كل يوم بل كل دقيقة ووطني فيها تحت سيطرة هؤلاء المفسدون الخونة ويجب على إعلام المعارضة وكل من له القدرة أن يُوصل صوته إلى الجميع سواءاً من خلال مادة مرئية أو مقرؤة أن يجعل بوصلته في إتجاه توحيد أطراف المعارضة بشتي الطرق المتاحة، يجب التركيز على هذه الخطوة بشكل مكثف إجعلوها الأهم لديكم إن أردتم نزع اليآس الذي تمكن من قلوب الكثيرين.
عند خوض المعارك لابد من تنظيم الصفوف وتمهيد الساحات للمعركة كي لا تحدث ثغرات يستفيد منها الخصم للتنكيل والتفرقة، لذا لابد من تطوير أولاً الخطاب الإعلامي لأنه السلاح الوحيد الذي تمتلكه المعارضة حتى تستطيع أن تمتلك السلاح الأقوي وهو الشوارع والميادين وجعل الرسالة الإعلامية للمعارضة هي وحدة أطراف المعارضة وتقريب المسافات وترك الخلافات إلى التوقيت الذي يسمح بطرحها على المواطن حيث أن أفضل توقيت لعرض الخلافات هو وضع نظام منافسة يحفظ لكل طرف أن يعرض رؤيته التي يري أنها تخدم الوطن، وإن نجح إعلام المعارضة من وضع الألية لبث تلك الرسالة سيكون لها مكاسب عدة:
أولاً: إرباك النظام المجرم الذي طالما استمد قوته من فرقة معارضيه والتي هو من زرع بذور تلك الفرقة منذ الأيام الأولي للربيع العربي وطبعا ساعده في ذلك سذاجة الشعب.
ثانياً: عودة الأمل إلى المواطن العادي الذي لا يتحرك إلا اذا وجد سعي حقيقي من كل الأطراف لتحقيق مصلحة عامة، وأيضاً ستجد هذا المواطن في حالة ترقب لمدي ارتباك الانقلابيين حتى أحداث ثغرة تسمح له بالخروج بقوة ضد النظام المستبد طالما وجد أن هناك وحدة حقيقية تسعي لإنقاذ الوطن.
ثالثاً: المجتمع الدولي الذي طالما سعت النخبة المعارضة على كافة المستويات بالاستعانة به لمساندة قضيتهم فلم يجدوا منهم إلا استماعاً دون رد فعل حقيقي لأن المجتمع الدولي لا ينظر إلا إلى من يحقق مصالح أو إلى من يستطيع أن يهدد مصالح لذلك إن وجدوا اصطفافاً حقيقياً حينها سينحازون إلى المعارضة لأنهم يعلمون جيداً أن النظم الاستبدادية أجلها قريب جداً في وجود معارضة موحدة ضدها لذلك سيختارون صف المعارضة حتى لا تتضرر مصالحهم.
هنا أكتب تلك الكلمات لست بناصح ولا آمر ولكني مواطن حر لا يقبل هذه الإهانة لوطني أن يطول أمدها ولا أقبل حالة التفرقة بين من لا يقبلوا التدني التي انحدرت فيه مجتمعاتنا على كل الأصعدة ولا يجوز النظام المجرم أن يستمر أكثر من ذلك، وكم تمنيت أن أشهد لحظة التحرر من كل تلك المفاسد التي تحيط بنا جميعا.
(المصدر: مدونات الجزيرة)