علماء الصدق من حيث نطاق العناية بأمر الأمة أربعة أصناف
بقلم د. محمد بن محمد الأسطل “غزة – فلسطين” (خاص بالمنتدى)
1- عالم بلد، وهذا يعتني بأمر البلد الذي هو فيه دون أن يقصد تهميش غيره.
2- عالم عامة، وهذا يعتني بأمر العامة وأسئلتهم، وعنايته بأحوال الأفراد أوفر من عنايته بمشكلات عموم المجتمع، فضلًا عن عنايته بمشكلات البلد وما فوقه.
3- عالم خاصة، وهذا لا يعتني إلا بالخاصة من طلبة العلم والمهتمين، ولهذا لا يراوح مسائل العلم ودقيقه، وعنايته متوفرة على شرح المتون والكتب، ينتقل من واحدٍ إلى آخر.
4- عالم أمة، وهذا يعتني بأمر أمة الإسلام حيث كانت، ويمكن تسميته بعالم ملة؛ لأنَّ عنايته بالإسلام في كل بقعةٍ في الأرض، ينتصر لقضايا، وقل أن ينفض غبارُ معركةٍ في الأمة وإلا وكان له سهمٌ فيها، فهو مشغولٌ بالعلم والعمل والجـ.ـهـ.ـاد والسياسة والدعوة.
وبين هذه الأربع درجاتٌ متفاوتة ومتداخلة.
وأكملهم عالم الأمة، ولا يقدر على هذه الرتبة كل أحد.
وكلٌّ منهم على ثغر، ولكن حذارِ من أمرين:
الأول: ألا يكون انحصار العالم في بقعةٍ عن قناعةٍ، وإلا كان متماشيًا مع فكرة الدولة القُطرية التي خلَّفها الاستعمار، بحيث لا يعتني إلا داخل الحدود التي رسمها المستعمر، ويرى ذلك دينًا، وربما قرر بفتاواه نتائج الطغيان من حيث لم يشعر.
الثاني: ألا يكون العالم -أنَّى كان نطاق عنايته- بعيدًا عن معركة الحق والباطل، أما إذا قصد المساحات الآمنة وآثر السلامة.. فقد أخذ ببعض الدين لا بكلِّه، وحينئذٍ لا يكاد ينجو من تقديم إسلام مجتزأ يخالف صفة الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والذي دخل به المعركة من أول يوم وبقي على ذلك حتى التحق بالرفيق الأعلى كما يُعلم من سنته وسيرته صلى الله عليه وسلم.
ويُقابل علماء الصدق نوعان:
1- عالم السلطان، وهذا الذي يسير في هوى السلطان، ويتحرك بحركته أصاب أم أخطأ.
2- عالم الجمهور، وهذا الذي يسير في هوى الجمهور، ويكتسب شرعيته منهم، فلا يتكلم إلا بما يوافقهم ويجلب ثناءهم، ويتوقى ما يجلب سخطهم.
ومن أعظم ما يتأكد أن يربي المشتغل بالعلم نفسه على أن يكون عالم أمة، قبلتُه الدين، ووجهته عزُّ المسلمين، لا تحدُّه حدود، ولا تقيده قيود، ومستعدٌ أن يضحي بمصالح وامتيازات في سبيل ربه.
وهذا الصنف قد يخسر تكتيكيًّا؛ لأن عالم الصدق لا بد وأن يشتغل بنقد الأفكار وفحصها، وهو بهذا لا يكاد يمر عليه حولٌ وإلا ويخالف أكثر الطوائف ولو في مسائل معدودة، لكنه يربح استراتيجيًّا.
وربحه هذا ثابتٌ مقطوعٌ به، وهو بشارة نبوية، رواها ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم:
“من التمس رضي الله بسخط الناس رضي الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس” حسنه الألباني.