علاماتُ ليلةِ القدْرِ الحسيَّةُ دراسةٌ حديثيةٌ نقديَّةٌ
بقلم د. عمار الصياصنة
بحث علمي عني بدراسة جميع الأحاديث الواردة في علامات ليلة القدر.
خلص البحث إلى جملة من النتائج من أهمها:
1- مجموع الروايات الواردة في علامات ليلة القدر تفيد أنَّ ثمَّةَ اثنتي عشرةَ علامةً حسيَّةً لها، فهي: ليلةٌ صافيةٌ، هادئةٌ، مشرقةٌ مضيئةٌ جدًّا، معتدلةٌ: لا حارَّةٌ ولا باردةٌ، ليس فيها سحابٌ، ولا ريحٌ، ولا مطرٌ، لا يُرمى فيها بكوكب، ولا تنبَح فيها الكلاب، وتَطلُع الشمسُ في صبيحتها حمراءَ ضعيفةً بلا شعاع.
2-كلُّ هذه العلامات لم يثبت منها شيء مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما رُويت بأسانيد ضعيفة.
3- ذكر بعض العلماء أنَّ من العلامات: سجود الأشجار، وظهور الأنوار الساطعة، وعذوبة المياه المالحة، وليس ثمَّة دليلٌ شرعيٌّ يدل على هذا.
4- بعض هذه العلامات يكذبها الواقع المحسوس، كالقول بـ: أنها ليلةٌ هادئةٌ لا حارَّةٌ ولا باردةٌ، أو لا تنبح فيها الكلاب، أو لا يكون فيها شهب، أو تَعْذُب فيها مياه البحار المالحة.
5- العلامةُ الوحيدة التي رُويت بسندٍ ظاهره الصحة: أنَّ الشمس تطلُع في صبيحتها بلا شعاع، وتمَّ دراسة الحديث الوارد في ذلك، وتبيَّن: أنَّ هذه العلامة من قول التابعي زِرِّ بن حُبيش، وأخطأ بعض الرواة في رفعها للنبي صلى الله عليه وسلم.
6-لو سلمنا أن هذه العلامة ثابتةُ عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالدلائلُ تؤكِّد أنها علامةٌ خاصةٌ بذلك العام الذي أخبرهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وليست علامةً لازمةً لكلِّ ليلةِ قَدْر، مثل إخبارهم بأنه يسجد في صبيحتها بماءٍ وطينٍ.
7- أنَّ رؤية الشمس بلا شعاع مما يخضع للظروف الجوية والتغُّيرات المناخية، وهذا مما يختلف باختلاف الزمان والمكان، ولذا فلا يمكن إثباتها علامةً دائمةً للدلالة على ليلة القدر.
8- رؤية الشمس بلا شعاع ليست علامةً فارقةً تتميَّز بها ليلة القدر دون سائر الليالي، بل هي ظاهرة تُوجد في كثير من أيام السنة.
9- لم يرد عن أئمة السلف وكبار العلماء المتقدمين أيُّ احتفاءٍ بشيء من هذه العلامات، إلا روايات يتيمة عن بعض علماء البصرة والكوفة بأسانيد فيها نظر.
10- أنَّ الشرع أخفى علم تعيين ليلة القدر عن الناس ليجتهدوا بالعبادة في العشر الأخير من رمضان، ووجودُ أيِّ علامةٍ حسيَّةٍ تدُل عليها ينافي هذه الحكمة؛ لأنَّ ظهورها في أول العشر مدعاةُ للتكاسل والتثاقل عن العبادة.
11- أنَّ الشَّرع ندب الناسَ إلى تحري ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان، وأبهم هذه الليلة ولم يُعيِّنها، ولم يجعل لها علامةً كونيةً أو فلكيةً تدل عليها.
والله أعلم
(المصدر: قناة د. وصفي عاشور أبو زيد)