عرض عزة مختار
توطئة:
يتناول الكتاب مستقبل الإسلام كدين خاتم يحمل كل عوامل بقائه، ثم يناقش أسباب انفصال الدين عن الحياة، والعوامل التي أدّت لذلك، ثم أثر عزل الدين عن حياة الناس.
مع الكتاب:
ينقسم الكتاب لسبعة فصول:
1 ـ الإسلام منهج حياة:
يوضح الكاتب في هذا الفصل عظمة هذا الدين في كونه منهج حياة متكامل لكافة البشر، ويشير لتلك المحاولات العديدة التي مارستها الصهيونية العالمية والصليبية الحاقدة بل وبعض المسلمين الذين آثروا الهوى على الهداية والرشد، وأوضح محاولاتهم لحصر الإسلام في زاويته الروحانية والتعبدية فقط، وتحويله إلى دين لاهوتي كنيسي يؤدى في معزل عن حياة البشر، قياساً على المسيحية المحرّفة، وقد باءت كل تلك المحاولات بالفشل الذريع، فطبيعة هذا الدين ألا ينحصر ولا يقتصر؛ لطبيعة شموله واهتمامه بكافة مناحي حياة الإنسان، ومن يخرج من تبعيته وعبوديته لله فسوف يقع حتماً في عبودية غير الله، ويكون أي نظام بشري -غير هذا النظام الإلهي- محكوماً عليه بالنقص والجهل وقصر الرؤية، فكل نظام غيره هو نظام جاهلي سرعان ما يثبت فشله، حتى وإن تقهقر البشر عن تطبيق منهج الإسلام، فإنهم حتماً سيعودون إليه لا محالة؛ ليجتنبوا التصادم مع نواميس الكون التي لا تسير سوى وفق المنهج الإلهي أيضاً.
2- كل دين منهج حياة:
يبين الكاتب في هذا الفصل أن الاعتقاد هو أصل أي نظام اجتماعي معروف منذ وجد الإنسان وحتى يومنا هذا، فلا يوجد نظام اجتماعي تفرّد بعيداً عن العقيدة مهما كان نوع ذلك الاعتقاد، وضرب مثلاً بالشيوعية، فهي ليست مجرد نظام اجتماعي، وإنما هي في الحقيقة تصوّر اعتقاديّ قوامه مادية الكون، فيما يعرف “بالمادية الجدلية”، وهو أن هناك تناقضات تؤدي إلى كل التطورات والانقلابات فيه، كما تقوم أيضاً على التفسير الاقتصادي للتاريخ، ومن ثَمّ فهي عقيدة أكثر منها نظاماً اجتماعياً بالمعنى المعروف لتلك الأنظمة، وبالتالي فهي دين، وهي منهج حياة، فكل دين منهج حياة، وبذلك فمن يسير على منهج سماوي -أي وضعه الله عز وجل- فهو على دين الله، ومن يسير على منهج وضعه الملك أو الرئيس أو الأمير، فهو على دين الملك أو الشعب أو حتى الذات.
ويوضح الكاتب أنه لا يمكن حصر الدين -الذي هو منهج حياة- في ركنه التعبدي الوجداني، فكأننا بهذا نعزل الله عن الأمور الحياتية، وننزع صلاحيته -عزّ وجل- عن إدارة أمور الحياة التي خلقها بذاته وهو أعلم بها، ونضع اختصاصه في أمور الآخرة فقط، بينما يختص الإنسان بأمور الدنيا وكأنه أعلم من ربه بها، وهو تصوّر باطل ومضحك جداً، ثم يوضح أنّ كل منهج وكل شريعة كانت منهج حياة للبشر من التوراة إلى الإنجيل إلى القرآن، ومنذ سيدنا نوح إلى سيدنا محمد عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
لا يمكن حصر الدين -الذي هو منهج حياة- في ركنه التعبدي الوجداني، فكأننا بهذا نعزل الله عن الأمور الحياتية، وننزع صلاحيته -عزّ وجل- عن إدارة أمور الحياة التي خلقها بذاته وهو أعلم بها، ونضع اختصاصه في أمور الآخرة فقط، بينما يختص الإنسان بأمور الدنيا وكأنه أعلم من ربه بها
3- الفصام النكد:
يتعرض الكاتب في هذا الفصل إلى حقيقة الدين المسيحي الذي تبرأت منه أوروبا، والذي كان ليس بدين، وإنما هو دين وضعه الباباوات والقساوسة والمجمعات المقدسة؛ لمعالجة الشهوات التي استولت على الرومانيين، مما جعل الكنيسة تعامل هذا الانفلات الشهواني، والانكباب على الدنيا بمزيد من الرهبانية والحرمان من أية متع في الحياة، وسرعان ما انهار هذا المفهوم بعد أن واجه الفطرة البشرية بشكل واضح، وبعد أن وقع القساوسة أنفسهم ورجال الدين في الكبائر، وإقحام نظريات علمية وجغرافية بشرية في الكتاب المقدس، وعدم أحقيّة تفسيرها سوى من خلال الكنيسة، والتي سرعان ما انهارت أمام الاكتشافات العلمية والجغرافية على يد “غاليليو” وغيره، فأنشئت محاكم التفتيش، وتم قتل العلماء وحرقهم، فكان من هنا أساس الفصام النكد.
4- انتهى دور الرجل الأبيض:
يعرض في هذا الفصل المناهج الفكرية التي تؤثر على المواطن الغربي -الرجل الأبيض-، سواء كان (إنجليزياً، أوفرنسياً، أو سويدياً ،أو روسياً، أو أمريكياً)، حتى وإن اختلفت النظم من شيوعية، إلى رأسمالية، إلى أي نظام آخر، فهو محتم عليه الفناء، ويجعل كل هؤلاء ومن على نفس هذه التركيبة الواحدة لا تهتم سوى بالجسد، في حين أن الإنسان بفطرته يحتاج إلى شريعة مجتمعية، وشريعة قلبية من مشكاة واحدة؛ لتستقيم حياته دون أن يحدث الفصام النكد بين إنسانيته وروحه.
وقد عرض الكاتب الشيوعية كمثال على أنها اعتمدت على تطلعات مخالفة للفطرة، ومثالية عالية دون أي أدنى رقابة أو قوانين، فتكتشف بعدها أن هذه النظرية انهارت بالكامل، ولم يتبقَ منها سوى الحكومة التي هي أصلاً لا تعترف بقيامها في البداية، ومن أسباب فشلها أنها لو كانت توافق الفطرة الإنسانية ما كانت هناك حاجة لحروب الإبادة التي حدثت لكل من يُشَكّ في ولائه للشيوعية.
5- صيحات الخطر:
ويعرض الكاتب نموذجين لصيحات غربية -وهما “مستر دالاس” في كتابه “حرب أم سلام”، و “أليكسس كاريل” في كتابه “الإنسان ذلك المجهول”- تستغيث من سطوة المادة عليهم، وعدم جدوى حصر البشرية في قفص العلم المحدود، حيث إن علوم الجماد طغت على علوم الإنسان، وعلوم المادة طغت على علوم الأحياء، فأصبح كل شيء مادياً لا يلقي للإنسان بالاً، وسرعان ما ستنهار تلك المجتمعات الجاهلية أسرع من أختها، كما أشار “مستر دالاس” إلى سيطرة المادية في العالم، فكان ممن آثار الشيوعية، وتسرّب هذا الفكر إلى أمريكا، وإهمال الإيمان والروح، وهو ينتقد النظرية الشيوعية ويقول في كتابه: “صراحة أن على العالم أن يعود إلى منهج إيماني قويم”.
6- المخلص:
ومقومات وسمات الدين الذي يطلبه دكتور “كاريل” و”مستر دالاس” لا تنطبق سوى على (الإسلام)، فهو الدين الذي طلبه دكتور “كاريل” الذي يخلص الإنسان من المادية الصناعية، ومن سيطرة المادة والآلة على الإنسان، وهو أيضاً ما أراده “مستر دالاس” في أنه لا يهمل الحياة الروحية للإنسان، ولا يغرقه في المادية الشيوعية، ولا الفردية الرأسمالية الأمريكية، وهذا ما يقدّمه الإسلام المخلص الذي يطلبه الغرب، ولكنه يأبى!
7- المستقبل لهذا الدين:
وختاماً يؤكد على أن بالرغم من كل تلك الركلات والضربات القاسية والحرب الشنيعة على الإسلام إلا أننا يجب أن نكون على ثقة تامة من أن المستقبل لهذا الدين، ويستشهد بالعديد من النماذج في تاريخ الأمة من أزمات وحروب، كان يقاتل فيها الإسلام منفرداً، أعزلاً أمام جيوش عاتية من الصليبيين والتتار وغيرهم.
مع المؤلف :
سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي (9أكتوبر1906م – 29أغسطس1966م)، كاتب وأديب ومنظّر إسلامي مصري، وعضو سابق في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، ورئيس سابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة، ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين، حكم عليه “عبد الناصر” بالإعدام في عام (1966م)، وتم التنفيذ في فجر الإثنين (13جمادى الأولى1386هـ الموافق29أغسطس) من نفس العام.
له العديد من المؤلفات، مثل: في ظلال القرآن، معالم في الطريق، هذا الدين، خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، التصوير الفني في القرآن، مشاهد القيامة في القرآن وغيرها.
بيانات الكتاب:
اسم الكتاب : المستقبل لهذا الدين
المؤلف: سيد قطب
الناشر: دار الشروق
تاريخ النشر: الطبعة الرابعة عشرة 1993.
عدد الصفحات: 97
(المصدر: موقع بصائر)