مقالاتمقالات المنتدى

عام هجري جديد مجيد مبارك

عام هجري جديد مجيد مبارك

 

بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

 

صلى الله وسلم وبارك على خير من هاجر سيدنا محمد بن عبد الله النبي الرسول الخاتم، الذي سار على درب أبيه إبراهيم وأمه هاجر وجده إسماعيل.

تكتسب الهجرة أهميتها من معناها: فالهجرة هجر للكفر والشرك والنفاق، فهي توحيد خالص، والهجرة هجر للسوء كله، فهي تقوى خالصة، والهجرة كدح خالص، فهي سعي دائم نحو الله، والهجرة حد فاصل بين الجد واللعب، فهي فرقة وفرقان، والهجرة إسلام خالص، فهي إيمان يترقى لإحسان، والهجرة غاية سامية، فهي توق لروح وريحان وجنة نعيم

عاش إبراهيم حياته مهاجرا منذ كان شابا فتيا: هجر الشرك والأصنام، وهجر السلطان الفاسد والقوم الظالمين، وطفق يعبر البلدان مبشرا بالله الواحد، وهجر الشام بولده الرضيع وزوجه إلى واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم لميقات وقته ربه يكبر فيه الوليد ليرفع مع أبيه قواعد البيت للعالمين، وليضربا المثل في الهجرة في أسمى معانيها: الأب والابن والأم، وهل هناك هجرة أكبر من أن تهجر هاجر حبها لوليدها الذي تعبت عليه عمرا فتسلمه لله رب العالمين، وهل هناك هجرة أصعب من هجرة إبراهيم لحب اسماعيل بعد أن بلغ معه السعي فيقدمه طائعا قربانا لله رب العالمين، وهل هناك هجرة أصعب من هجرة إسماعيل يهجر حياته وهو في عنفوان الشباب ويهجر أبويه الحبيبن لقلبه وهو يعلم كم يحبانه وكم سيتعذبان بفراقه بهذا الشكل القاسي أن يذبح الأب ولده وأن تبارك الأم فعله، والله إنها لهجرة لا تدانيها هجرة، فحق لها أن يسجلها القرآن كتاب الزمن الخالد المحفوظ بحفظ رب العالمين، وأن يتمثل قصتهم كل الموحدين من الذين أنعم الله عليهم بالوقوف على جبل الرحمة والطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة كل عام حيث يتذكر الحاج في هذه المواطن قصة هذا البيت المهاجر: إبراهيم وهاجر واسماعيل، ومحمد عليهم سلام الله وصلاته وبركاته

المهاجر من كان كهاجر، حفظت عهد ربها وثقت في الله فلم يضيعها، وسعت جاهدة لتحفظ وليدها، فكبر اسماعيل وصار صديقا نبيا، وسار سعيها نسكا لمن سار من بعدها على درب قافلة الموحدين ليوم الدين

المهاجر من كان كإبراهيم هجر نفسه وزوجه وولده وماله والدنيا كله موفيا بعهده مهاجرا إلى رب العالمين

المهاجر كإسماعيل هجر شبابه وفتوته وقوته وحبه للحياة ولأبيه وأمه فداء وتوفية لعهد أبيه أمه وعهده مع الله رب العالمين، فكان صادق الوعد وكان رسولا نبيا

المهاجر من كان مثل محمد صلى الله عليه وسلم، سار على درب آبائه إبراهيم وهاجر وإسماعيل، هجر الباطل وحاربه مثلما حاربوه، وأعاد للبيت حرمته وقدسيته كما تركوه، وبين للناس مناسكهم كما نسك من قبل أبيه وأمه وأخيه، وهجر قريته التي أخرجته داعيا لاإلى الله بإذنه وسراجا منيرا ومجاهدا قومه حتى جاءوه مسلمين، وعاد إلى موطن آبائه في آخر عمره حاجا متلمسا مواطن أقدامهم ومتتبعا نسكهم ووقف على عرفات موضحا دين الحق والمحجة البيضاء كما وقف عليه من قبل أبيه إبراهيم مناديا في الناس ومؤذنا للناس بالحج فأتوا من كل فج عميق.

في الهجرة تتلخص قصة الإسلام منذ خلق الله آدم حتى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها

الهجرة هي الحياة: جهاد ونية، وإيمان وسعي، وتوكل وعقل، حتى يقال للمرء: يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى