عام هجرى جديد.. رسالة إلى حكام المسلمين ومنظماتهم
لم تكن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد انتقال من مكان إلى مكان وتركه عليه الصلاة والسلام لأحب البلاد إليه حيث قال ناظرا إلى مكة وهو يغادرها: والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأحب البلاد إلىٌ ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت، لقد كان الله تعالى قادرا على أن ينصره وهو فى مكة دون مغادرتها، لكن الهجرة كانت انتقالا من حال إلى حال، من حالة صبر المستضعفين ” صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة” إلى حالة الاستنفار العام على كل الأصعدة ومن كل أفراد المجتمع المسلم الصغير الناشئ لإحقاق الحق ونشر الإسلام بما يحمله من قيم العدالة والحرية والمساواة واحترام الإنسانية ومقاومة الظلم أيا كان وأينما كان، وهذه هي قيم الإسلام ومقاصد الشريعة والعبادة ” انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” (الآية 41 من سورة التوبة)
لاتزال الهجرة مستمرة بمعناها ومقاصدها يقول صلى الله عليه وسلم ” المهاجر من هاجر ما نهى الله عنه” ويقول أيضا ” لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية” والجهاد لا يعنى فقط حمل السلاح لمقاومة الظلم والعدوان فهذا معنى محدود ضيق، بل المقصد هو المعنى الشامل الأوسع وهو الذى قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عائد من إحدى الغزوات ” رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر” يعنى جهاد النفس وحملها على الالتزام بتعاليم الإسلام وقيمه، كل حسب قدرته ومكانته. ومن أسمى قيم الإسلام إقامة العدل ومنع الظلم ونصرة المظلوم ومساعدة المضطهدين في شتى أرجاء المعمورة يقول تعالى ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” (من الآية 110 سورة آل عمران)، وما الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلا إعلاء وتحقيق قيم العدل والمساواة ومنع الظلم ومقاومة الفساد والإفساد في الأرض.
قدر الله أن تكونوا في مناصبكم القيادية – ولو شاء لمنعكم إياها – وحملتم مسؤولية ضخمة هي رعاية أمة مترامية الأطراف مطلوب منكم ليس السيطرة على رعاياها بل أن تحافظوا على دينها وقيمها وحرية أبنائها وحياتهم، وحماية مقدراتهم وهويتهم ومنع الظلم عنهم وعن غيرهم في شتى أرجاء الأرض. ألم تسمعوا عما يجرى في تركستان الشرقية من اضطهاد للملايين من المسلمين الأويغور وغيرهم سجن، وقتل، وتشريد، وسحق هويتهم الدينية والثقافية على يد الصين الشيوعية التي امتد اضطهادها للمسلمين الهوي ذوي الأصول الصينية، فماذا فعلتم ؟ وماذا فعلت منظماتكم لهم ولأهل أراكان من مسلمى الروهينجا؟. وماذا عن مسلمى الهند وكشمير وعن فلسطين وعن …… وعن ……..، وعن المظلومين في بلادكم !!!؟؟؟.
عودوا إلى رشدكم واهجروا ما أنتم عليه من ضعف وتراخ ولا مبالاة وهاجروا إلى الله فإن الأمر ليس كما تظنون أنه كما منحكم الله الحكم والقوة والتمكين والحظوة في الحياة الدنيا فستكونون من أصحابها في الآخرة يوم الحساب بل ستجدون خيرا منها، هيهات هيهات فميزان العدل عند الله لا يخطيء ولا يحابي، إياكم ووهم صاحب الجنة الذى توهم كما قال الله تعالى في كتابه الكريم “وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا ” (الآية 36 من سورة الكهف)، لن تنفعكم إلا أعمالكم، ولن تكن لكم فئة ينصرونكم من دون الله، وما كنتم تفلحون عند الله وقد أسأتم فيما خولكم فيه من سطوة وحكم، بل ستجدون الخسران المبين؛ هاجروا إلى الله وانبذوا خوفكم من الصين وتملقها هي وغيرها فالله أحق أن تخشوه، وهو ناصر من ينصره وغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. هاجروا إلى الله وأنتم أعزة بدينكم وقيمكم قبل ذهاب أعماركم فأنتم لا تعلمون الغيب ولم تتخذوا عند الله عهدا بأن يمكنكم في الدنيا ويمتعكم في الآخرة.
يقول الله تعالى “فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ” (الآية 52 من سورة المائدة).
(المصدر: تركستان تايمز)