إعداد د. وصفي عاشور أبو زيد
لكي يكون الحديث في هذا المبحث منهجيًّا ومتتابعًا اقتضت طبيعته أن يقسم إلى مطالب، وقبل الحديث عن المطالب نؤكد أن نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة – وهما المصدران الأساسيان للأحكام الشرعية – ارتبط كثير منها منذ نزولهما بمقاصده الشرعية، سواء كانت جزئية أم كلية، وهو بلا شك يمثل المستوى الأول من مستويات التأريخ؛ إذ إن اجتهادات الفقهاء والأصوليين للبحث عن المقاصد انطلقت وانشعبت من هذه النصوص..
- التقصيد الجزئي عند الصحابة والتابعين:
لم يسَعِ الصحابةَ أو التابعين إلا أن يسيروا على سنن القرآن الكريم، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان انطلاقهم فيما اختاروه من اختيارات فقهية محققًا لمصلحة الخَلْق، ومراعيًا لمقاصد الشرع.
وقد أكد إمام الحرمين الجويني أن الصحابة والتابعين اكتسبوا علم أسرار الشريعة ومقاصدها: “مِن طول صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفتهم الأسباب التي ترتب عليها التشريع؛ حيث كان ينزل القرآن وترد السنة نجومًا، بحسب الوقائع مع صفاء الخاطر؛ فأدركوا المصالح، وعرَفوا المقاصد التي راعاها الشارع في التشريع”[1]، و”كانوا – رضي الله عنهم – لا يُقِيمون مراسم الجمع والتحرير، ويقتصرون على المرامز الدالة على المقاصد”[2].
ويؤكد ابن القيم هذا المعنى فيقول: “وقد كانت الصحابة أفهمَ الأمة لمراد نبيها وأتبع له، وإنما كانوا يدندنون حول معرفة مراده ومقصوده، ولم يكن أحد منهم يظهر له مرادُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعدِلُ عنه إلى غيره البتة”[3].
والشاطبي وصَف الصحابة فقال عنهم: “عرفوا مقاصد الشريعة فحصَّلوها، وأسسوا قواعدها وأصَّلوها، وجالت أفكارهم في آياتها، وأعملوا الجد في تحقيق مبادئها وغاياتها”[4]، وقال أيضًا عنهم: “هم القدوة في فَهْمِ الشريعة والجري على مقاصدها”[5].
وفيما يلي نماذج من اجتهاداتهم واختياراتهم تبين ذلك وتجليه:
- قتل الجماعة بالواحد:
وأولُ مَن قال به من الصحابة الصحابيُّ الفقيه الجليل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وتأتي اجتهاداته في مقدمة الصحابة – في تقديري – رعاية للمقاصد وتحقيقًا للمصالح؛ فلم تقم دراسات فقهية وأصولية واقتصادية وسياسية وإدارية عن صحابي مثله، وكل هذه المجالات ضرب فيها بسهم وافر في ضوء تحقيق المقاصد والمصالح.
روى البخاري بسنده عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – : أن غلامًا قُتِل غِيلةً، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتُهم[6].
وروى الإمام مالك بسنده عن سعيد بن المسيَّب: أن عمر بن الخطاب قتل نفرًا خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة، وقال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعًا[7].
قال ابن مودود الموصلي[8]: “وذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير؛ فكان إجماعًا”[9].
وإذا نظرنا إلى تشريع القِصاص والمقصد منه وجدنا القرآن الكريم ذكر ذلك بوضوح، ونص عليه حين قال: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].
قال ابن كثير: “وفي شرع القِصاص لكم – وهو قتل القاتل – حكمة عظيمة لكم، وهي بقاء المُهَجِ وصَوْنُها؛ لأنه إذا علم القاتلُ أنه يُقتَل انكفَّ عن صنيعه، فكان في ذلك حياة النفوس”[10].
وقال القرطبي: “والمعنى: أن القِصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه، ازدجَر مَن يريد قَتْلَ آخر؛ مخافة أن يُقتَصَّ منه؛ فحَيِيَا بذلك معًا، وكانت العرب إذا قتَل الرجلُ الآخرَ حَمِيَ قبيلاهما وتقاتَلوا، وكان ذلك داعيًا إلى قتل العدد الكثير، فلما شرَع الله القِصاص قنع الكل به وتركوا الاقتتال؛ فلهم في ذلك حياة”[11].
ويقول صاحب الظلال[12]: “وفي القِصاص حياة على معناها الأشمل الأعم؛ فالاعتداء على حياة فرد اعتداء على الحياة كلها، واعتداء على كل إنسان حي، يشترك مع القتيل في سمة الحياة، فإذا كف القِصاصُ الجانيَ عن إزهاق حياة واحدة، فقد كفَّه عن الاعتداء على الحياة كلها، وكان في هذا الكفِّ حياةٌ، حياةٌ مطلَقة، لا حياة فرد، ولا حياة أسرة، ولا حياة جماعة، بل حياةٌ”[13].
فالمقصد من شرع القِصاص هو استبقاء النفوس، والحفاظ على الأرواح، وصون للنفس التي حرَّم الله قتلها بغير نفس أو فسادٍ في الأرض، وإذا لم نقُلْ بقتل الجماعة بالواحد كان ذلك مضادًّا للمقصود من شرع الحكم؛ إذ يحمل عدمُ القول بذلك الناسَ على التذرُّع أن يقتل الجماعة الواحد ثم لا يكون هناك حُكم مِن ردعٍ ونحوه، ومن هنا يسقط المقصود الذي شُرع له الحُكم، ويعيش المجتمع حالة من الفوضى وانتشار الفتن، بل موجة من الرعب والفزع.
يقول ابن رشد[14]: “فلو لم تقتل الجماعة بالواحد، لتذرَّع الناس إلى القتل بأن يتعمدوا قتل الواحد بالجماعة”[15].
ويقول الزيلعي[16]: “والقِصاص شُرع حكمه للزجر، فيجعل كل واحد منهم كالمنفرد به، فيجري القِصاص عليهم جميعًا؛ تحقيقًا لمعنى الإحياء”[17]، وذهب إلى هذا الرأي عددٌ من الصحابة والتابعين وغيرهم[18].
ويعلل الزيلعي الأخذ بهذا الرأي قائلًا: “والقِصاص شُرع حُكمه للزجر، فيجعل كل واحد منهم كالمنفرد به، فيجري القِصاص عليهم جميعًا؛ تحقيقًا لمعنى الإحياء، ولولا ذلك لسُدَّ باب القِصاص وفتح باب التغالب؛ إذ لا يوجد القتل من واحد غالبًا؛ لأنه يقاومه الواحد فلم يقدر عليه فلم يحصل إلا نادرًا، والنادر يشرع فيما يغلب لا فيما يندر”[19].
أما شيخنا الدكتور محمد بلتاجي[20] – يرحمه الله – فيقرر: “أن هدف عمرَ من تطبيق التشريع كان تحقيق مصلحة الناس في عهده بما يتمشى مع النصوص، وقتل الجماعة بالواحد طريقٌ من الطرق التي اتبعها للوصول إلى هذا الهدف، فإذا كان النص في القرآن يتسع للقِصاص من كل نفس انطبق عليها وصف القتل، سواء انفردت به أم اشتركت فيه، بالنظر إلى فكرة التعدي، وإذا كان التشريع الإسلامي في العقوبات قد راعى هذه الفكرة، وإذا كان هذا محققًا لمصالح الناس العامة – فقد كان من حق عمر أن يقتل الجماعة بالواحد”[21].
وهو هنا ينطلق من أن طبيعة النص تستوعب هذا الحكم؛ وذلك أن النص أوجب الحكم على من يصدق عليه وصف القتل، وهو هنا منطبق تمامًا على الجماعة انطباقه على الفرد؛ فالإسلام – في عقوباته – لا ينظر إلى وَحدة النفس المقتولة وتعدُّد النفوس القاتلة، أو وَحدة المَزْنِيِّ بها وتعدُّد الزناة، أو وحدة دَنٍّ من دِنَانِ الخمر وتعدُّد الشاربين، وهكذا، وإنما ينظر إلى التعدي والجناية والتلبُّس بالفعل؛ لأن كل مَن سبق في الجماعة اشترك في التحقُّق والتلبُّس بالفعل.
فتصرُّف عمرَ والصحابة والتابعين وأئمة الفقهاء هنا مبني على مراعاة المقصد، الذي هو حفظ المُهَج والأرواح، وتحقيق الردع وإرساء الأمن في المجتمع، رغم ما يبدو ظاهريًّا من خروج هذا الاختيار على مقتضى العدل والمساواة في قتل الجماعة بالواحد، وتشديد الشارع على حرمة النفس، غير أنه بالنظر إلى مآلات عدم الأخذ بهذا الاختيار من تهديد أمن المجتمعات، ووضعها في حالة من الرعب والفزع عبر التوسع في التقتيل وإزهاق الأرواح من خلال تذرع الناس إلى القتل بأن يتعمدوا قتل الواحد بالجماعة، فيُشرك مَن يريد قتل غيره مجموعةً معه لينجُوا جميعًا من القِصاص، بينما لو علم أنه سيقتص منه حتى لو كان مع جماعة يقتل معها قِصاصًا، فسوف يفكر ألف مرة قبل الإقدام على هذا، إذا نظرنا إلى كل هذه المآلات سرعان ما يتبدد هذا التخوف الظاهري، ويتضح لنا وجوب الأخذ بهذا الاختيار تحقيقًا لمقصد الشرع، ورعاية لمصالح الناس، وحفظًا لأمن المجتمعات.
- التقاط ضوالِّ الإبل:
من المعروف عند العرب أن الإبل تتمتع بقدرة كبيرة على المشي، وتكتفي بنفسها، فتختزن الماء في جوفها، ولا يخاف عليها من الذئاب وغيرها؛ ولهذا حين سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإبل حين تضل عن صاحبها، غضِب على السائل، ونهى أن يتعرض لها أحدٌ؛ فعن زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها، ثم عرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها))، قال: فضالَّةُ الغنَم يا رسول الله؟ قال: ((هي لك، أو لأخيك، أو للذئب))، قال: فضالَّةُ الإبل؟ قال: ((ما لك ولها؟! معها سقاؤها وحذاؤها، ترِدُ الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها))[22].
قال الزرقاني[23]: “فالمراد النهي عن التعرض لها؛ لأن الأخذ إنما هو للحفظ على صاحبها، إما بحفظ العين أو بحفظ القيمة، وهي لا تحتاج إلى حفظ؛ لأنها محفوظة بما خلَق الله فيها من القوة والمنعة، وما يسَّر لها من الأكل والشرب”[24].
وظل الأمر هكذا في عهد النبوة، وعهد أبي بكر، وعهد عمر، لا يمسها أحد، حتى جاء زمن عثمان – رضي الله عنهم – فرأى رأيًا غير ما كان عليه في العهود السابقة عليه.
عن الإمام مالك: أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوالُّ الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلًا مؤبلة تناتج لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطيَ ثمنها”[25].
واختلاف عثمان هنا – رضي الله عنه – مع ما جرى عليه العمل فيما سبقه من عصور ليس اختلاف حجة وبرهان، بل اختلاف عصر وزمان، وتحقيقًا لمقصود الشارع، وحفظًا لحقوق الناس.
قال السرخسي[26]: “وتأويله عندنا: أنه كان في الابتداء – يعني عدم الالتقاط – فإن الغلبة في ذلك الوقت كان لأهل الصلاح والخير، لا تصل إليها يد خائنة إذا تركها واجدها، فأما في زماننا لا يأمن واجدها وصول يدٍ خائنة إليها بعده، ففي أخذِها إحياؤُها وحفظُها على صاحبها؛ فهو أولى”[27].
وقال الكشميري الهندي[28]: “تمسَّك الشافعية بهذا على عدم التقاط الإبل، ومذهبنا أن يلتقط الإبل، وأما عهد السلف فكان عهدَ الأمانة بخلاف زماننا فإنه زمان الجناية فيلتقط؛ فالاختلاف باختلاف الأعصار”[29].
فالحكم هنا دار مع مقصده، ولم يجمد حين تغير الحال والزمان، وإذا كان عصر هؤلاء الفقهاء كان عصر جناية وخيانة، فكيف بعصرنا الآن؟ إن الأخذ بهذا الرأي يتوجب في عصرنا أكثر.
ولعلنا لا نذهب بعيدًا عن الصواب إذا قلنا: إن ما سوى الإبل مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتقاطه للخوف عليه، لو جاء عصر أو تحققت حال يأمن فيها على هذه الأنواع من الضياع، وضمن فيه أو يغلب الظن أن تكون مصونة محفوظة وتصل لأصحابها دون التقاط – لكان الحكم تركها، لا التقاطها؛ تحقيقًا للمقصد، وحفظًا لحقوق الناس، وهو عين ما انطلق منه النبي صلى الله عليه وسلم في حكمه.
- معاذ بن جبل وزكاة أهل اليمن:
وهذا معاذ بن جبل لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن واليًا وقاضيًا، أمره أن يأخذ الزكاة من أغنيائهم ويردها على فقرائهم، وحذره النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن من أخذ كرائمِ أموال الناس – أي أجودها وأفضلها من المواشي والزروع – وإنما يأخذ من أوسطها، لا الأفضل ولا الرديء؛ روى البخاري بسنده عن ابن عباسٍ – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبلٍ حين بعثه إلى اليمن: ((إنك ستأتي قومًا أهل كتابٍ، فإذا جئتهم فادعُهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلواتٍ في كل يومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائمَ أموالهم، واتَّقِ دعوةَ المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجابٌ))[30].
وكان مما قال له فيما رواه أبو داود عنه: “خُذِ الحَبَّ مِن الحَبِّ، والشاة من الغنَم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر”[31].
ومع أن الأمر واضح، والأصل فيه الوجوب إلا بقرينة تصرفه عن الوجوب إلى غيره، لكن معاذًا – رضي الله عنه، وهو أعلم الأمة بالحلال والحرام كما جاء في الحديث[32] – لم يجمد على ظاهر الأمر بحيث لا يأخذ من البقر إلا البقر، ومن الحبوب إلا الحبوب وهكذا، وإنما فعل ما أورده البخاري في صحيحه: أن معاذًا – رضي الله عنه – قال لأهل اليمن: ائتوني بعرضٍ ثيابٍ خميصٍ – أو لبيسٍ – في الصدقة مكان الشعير والذُّرَة أهونُ عليكم وخيرٌ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وأما خالدٌ فقد احتَبَس أدراعَه وأعتُدَه في سبيل الله))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تصدَّقْنَ ولو من حُليِّكن))، فلم يستثنِ صدقة الفرض من غيرها، فجعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها، ولم يخص الذهب والفضة من العروض”[33].
ويعلق شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي على ذلك قائلًا: “وذلك أن أهل اليمن كانوا مشهورين بصناعة الثياب ونسجها، فدفعُها أيسرُ عليهم، على حين كان أهل المدينة في حاجة إليها، وقد كانت أموال الزكاة تفضل عن أهل اليمن، فيبعث بها معاذ إلى المدينة عاصمة الخلافة، وقول معاذ الذي اشتهر فرواه طاوس – فقيهُ اليمن وإمامها في عصر التابعين – يدلنا على أنه لم يفهم من الحديث الآخر الذي أمره فيه الرسول بأخذ الجنس: (خذ الحب من الحب والشاة من الغنم…) أنه إلزام بأخذ العين، ولكن لأنه هو الذي يطالب به أرباب الأموال، والقيمة إنما تؤخذ باختيارهم، وإنما عين تلك الأجناس في الزكاة تسهيلًا على أرباب الأموال؛ لأن كل ذي مال إنما يسهل عليه الإخراج من نوع المال الذي عنده”[34].
وفي مقام آخر يقول: “لم يجمد على ظاهر الحديث…ولكنه نظر إلى المقصد من أخذ الزكاة، وهو التزكية والتطهير للغنيِّ: نفسه وماله، وسد خَلَّةِ الفقراء من المؤمنين، والمساهمة في إعلاء كلمة الإسلام، كما تنبئ عن ذلك مصارف الزكاة، فلم يرَ بأسًا من أخذ قيمة العين الواجبة في الزكاة، وخصوصًا أن أهل اليمن أظلهم الرخاء في رحاب عدل الإسلام، في حين تحتاج عاصمة الخلافة إلى مزيد من المعونات، فكان أخذ القيمة – ملبوسات ومنسوجات يمنية – أيسرَ على الدافعين، وأنفع للمرسَل إليهم من فقراء المهاجرين وغيرهم في المدينة”[35].
وتشتد حاجتنا المعاصرة إلى هذا الفقه “المُعاذيِّ” في هذه المسألة خصوصًا، وغيرها عمومًا؛ حيث نرى بعض المتفقهين يصرون على إخراج الحبوب، ويحرِّمون إخراج القيمة وعدم إجزائها في وقت لا يملِك فيه المخرِج حبوبًا، ولا ينتفع الآخذ بتلك الحبوب.
يقول ابن التركماني الحنفي[36] في تعليقاته على السنن الكبرى للحافظ البيهقي: “والمقصود من الزكاة سدُّ خَلَّةِ المحتاج، والقيمة في ذلك تقوم مقام تلك الأجناس؛ فوجب أن تجوز عنها”[37].
وعقد ابن القيم فصلًا بعنوان: “صدقة الفطر حسب قوت المخرجين” ذهب فيه إلى أن الأصناف التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم “كانت غالب أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم؛ كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب، فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم، كائنًا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سدُّ خَلَّةِ المساكين يوم العيد، ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق، وإن لم يصحَّ فيه الحديث”[38].
ومن الحق أن نقول: إن هناك بيئاتٍ وبلادًا يكون إخراج الحبوب فيها أيسر على المعطي وأنفع للآخذ، وهنا لا يصار إلى القيمة، بل نلتزم بظاهر الحديث؛ لأن المقاصد متحققة، ومصالح الناس مرعيَّة.
……….
وهكذا رأينا في الأمثلة السابقة أن الصحابة والتابعين، ومن بعدهم الفقهاء، كان البعد المقاصدي حاضرًا لديهم في الاجتهاد، وأساسًا عندهم في تنزيل الأحكام، وفي تغيير الفتوى، ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة، فكان إجماعًا، رغم ما يبدو في بعض الأحيان من مخالفتهم – حاشاهم – لظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم بما لو وقع في عصرنا بين العامة من الناس أو بعض طلاب العلم لقامت الدنيا ولم تقعد، واتهم القائل بمخالفة النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع الهوى، والخروج على السنة الشريفة.
فلم يهملوا – رضي الله عنهم – ما وراء الأحكام وما شرعت له انتصارًا للنص الجزئي، ولا تفلتوا من النص الجزئي عملًا بمقاصد موهومة، بل جمعوا في توافق عجيب بين النصوص الجزئية والمقاصد الكلية، وفهموا النصوص في ضوء عللها ومقاصدها الجزئية، وضبطوا الأحكام بمقاصدها وما ترمي إليه من مصالح، بعيدًا عن التحجر أو التحرر.
وإنما جاءت الشريعة لتحقق مقاصدها عبر تنزيلها وتفعيلها في واقع الناس لتسد خَلَّتهم، وتقضي حاجتهم، وتحقق مصالحهم، وتضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.
وهناك أمثلة عديدة في عهد الصحابة أيضًا، منها:
1- تجميع الناس على صلاة التراويح في عهد عمر، بقصد تقوية الجماعة وتمتين صفها وأواصرها الدينية والإيمانية.
2- جمع القرآن في عهد أبي بكر، والمقصود حِفظ الوحي، واستبقاء دستور الأمة، ومصدر الهداية والتشريع.
3- إمضاء الطلاق الثلاث بلفظ واحد في عهد عمر؛ لما ظهر من استخفاف الناس بالطلاق وكثرة الحلف، فأراد عمر أن يزجرهم عن هذا الفعل؛ تقديرًا للأسرة ومراعاة لحرمتها، فرأى المصلحة المترتبة على وقوع الطلاق أكبر من المفاسد.
4- اختيار الصحابة لأبي بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم درءًا للفتنة، وحفظًا للنظام العام في الدولة الإسلامية.
5- أمر عمر لحذيفة أن يخلِيَ سبيل اليهودية التي تزوجها بالمدائن، موضحًا ذلك بقوله: “فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين”.
6- منع بلال بن عبدالله بن عمر النساء من الذهاب للمساجد ليلًا، رغم ورود حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن منعهن؛ روى البيهقي بسنده عن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تمنعوا النساء المساجد بالليل))، فقال ابنه: “والله لنمنعهن؛ يتخِذْنَه دَغَلًا”، فرفع يده فلطمه، وقال: “أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا!”[39].
قال ابن حجر: “وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت، وحملته على ذلك الغَيرة، وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث، وإلا فلو قال مثلًا: إن الزمان قد تغير، وإن بعضهن ربما ظهر منه قصد المسجد وإضمار غيره – لكان يظهر ألا ينكر عليه”[40].
وغير ذلك من وقائع وأحداث تقطع بأن الصحابة – ومن بعدهم ممن اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم – كانوا يراعون هذا البُعد في الأحكام، ويتوخَّونه في الاجتهاد، ويحكمونه في النوازل وما يستجدُّ من حوادث؛ إرضاءً لله، وتحقيقًا لخلود الشريعة وصلاحيتها، ومراعاة لمصالح الناس في المعاش والمعاد.
[1] البرهان في أصول الفقه: 1/ 6، عبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني أبو المعالي، تحقيق: د. عبدالعظيم محمود الديب، دار الوفاء، المنصورة، مصر، الطبعة الرابعة، 1418ه.
[2] السابق: 2/ 688، وهي كلمة القاضي الباقلاني.
[3] إعلام الموقعين: 1/ 219.
[4] الموافقات: 1/ 7، طبعة مشهور.
[5] السابق: 5/ 76.
[6] صحيح البخاري: كتاب الديَات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم؟رقم (6896).
[7] الموطأ: كتاب العقول، باب ما جاء في الغيلة والسحر (1561).
[8] هو عبدالله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي، مجد الدين أبو الفضل (599 – 683 ه – = 1203 – 1284م): فقيه حنفي، من كبارهم، ولد بالموصل، ورحل إلى دمشق، ووليَ قضاء الكوفة مدة، ثم استقر ببغداد مدرسًا، وتوفي فيها، له كتب، منها: “الاختيار لتعليل المختار – ط” فقه، شرح به كتابه: ” المختار – خ” في فروع الحنفية، الأعلام: 4/ 135 – 136.
[9] الاختيار لتعليل المختار: 5/ 22، تحقيق عبداللطيف محمد عبدالرحمن، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1426 ه – / 2005م.
[10] تفسير القرآن العظيم: 1/ 212، دار الفكر، بيروت، 1401ه.
[11] الجامع لأحكام القرآن: 2/ 256، دار الشعب، القاهرة.
[12] هو سيد قطب بن إبراهيم (1324 – 1387ه – = 1906 – 1966م): مفكر إسلامي مصري، من مواليد قرية (موشا) في أسيوط، وتخرج في كلية دار العلوم (بالقاهرة) سنة 1353ه – – (1934م)، وعمل في جريدة الأهرام، وكتب في مجلتي (الرسالة) و(الثقافة)، وأوفد في بعثة لدراسة (برامج التعليم) في أميركا (1948 – 51)، ولما عاد انتقد البرامج المصرية، وكان يراها من وضع الإنجليز، وانضم إلى الإخوان المسلمين، فترأس قسم نشر الدعوة، وتولى تحرير جريدتهم (1953 – 54)، وسجن معهم، فعكف على تأليف الكتب ونشرها وهو في سجنه، إلى أن صدر الأمر بإعدامه، فأعدم 28 أغسطس 1966م، ولما كانت النكسة عام 1967م، قال علال الفاسي: “ما كان اللهُ لينصر حربًا يقُودها قاتل سيد قطب”، له مؤلفات، منها: “في ظلال القرآن”، و”العدالة الاجتماعية في الإسلام”، و”التصوير الفني في القرآن”، وغيرها، زادت على عشرين، الأعلام للزركلي: 3/ 147 – 148.
[13] في ظلال القرآن: 1/ 165، دار الشروق، الطبعة العاشرة، 1402ه/ 1982م.
[14] هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي الأندلسي (520 – 595ه – = 1126 – 1198م)، أبو الوليد: الفيلسوف، من أهل قرطبة، وصنف نحو خمسين كتابًا في الفلسفة والطب والفقه والأصول، قال ابن الأبار: كان يفزع إلى فتواه في الطب كما يفزع إلى فتواه في الفقه، الأعلام: 5/ 318.
[15] بداية المجتهد ونهاية المقتصد: 2/ 300، دار الفكر، بيروت، وانظر: المدونة الكبرى: 16/ 301، دار صادر، بيروت، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل: 6/ 317، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1398ه.
[16] هو عثمان بن علي بن محجن، فخر الدين الزيلعي، فقيه حنفي، قدم القاهرة سنة 705ه، فأفتى ودرس، له: تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق، وبركة الكلام على أحاديث الأحكام، وتوفي بالقاهرة سنة 743ه، الأعلام: 4/ 210.
[17] البحر الرائق شرح كنز الدقائق: 8/ 354، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، بدون تاريخ، وانظر: الأم: 6/ 22، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1393م، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب: 4/ 17، تحقيق د. محمد محمد تامر، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1422 ه/ 2000م.
[18] انظر الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، وهو شرح مختصر المزني: 12 / 300، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1419 ه – / 1999 م، وانظر: الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل: 4/ 9، المكتب الإسلامي، بيروت، والمحلى: 10/ 512، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، والاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار: 8/ 157، أبو عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر النمري القرطبي، تحقيق سالم محمد عطا – محمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000م، وكشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي: 1/ 72، تحقيق: علي حسين البواب، دار الوطن، الرياض، 1418ه – – 1997م.
[19] البحر الرائق شرح كنز الدقائق: 8/ 354، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، بدون تاريخ.
[20] هو أستاذنا وأستاذ أساتذتنا الدكتور محمد بلتاجي حسن، فقيه أصولي متعمق، وأستاذ جامعي، ولد بمحافظة كفر الشيخ لأبٍ من علماء الأزهر، هو الشيخ بلتاجي حسن، واستقر بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، وتعلم حتى حصل على الدكتوراه في أصول الفقه، وعمل أستاذًا للشريعة في جامعة الإمام بالرياض، وبكلية دار العلوم بالقاهرة، وشغل منصب “عميد كلية دار العلوم” لمدة عشرة أعوام (1986 – 1995م)، وهو آخر عميد منتخب في الكلية قبل الثورة، وكانت له هيبة وقوة في الحق، وكان يأخذ طلابه بالعزيمة، توفي عام 2004م، وله: “منهج عمر بن الخطاب في التشريع”، و”مناهج التشريع في القرن الثاني الهجري”، و”مكانة المرأة”، و”الملكية الفردية”، و”مدخل إلى الدراسات القرآنية”، و”في أحكام الأسرة”، وغيرها.
[21] منهج عمر بن الخطاب في التشريع، دراسة مستوعبة لفقه عمر وتنظيماته: 316 – 317، مكتبة الشباب، 1998م، وراجع: الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان: 82 – 83، محمد الخضر حسين، ضبط وإعداد: علي الرضا الحسيني، دار الفارابي للمعارف، دبي، الإمارات، الطبعة الأولى، 1426ه/ 2005م.
[22] موطأ مالك: كتاب الأقضية، باب القضاء في اللقطة رقم: (1444) ص: 757، ورواه البخاري: كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، رقم (89)، ج1/ 161، وفي رواية البخاري جاء: “فغضب حتى احمرَّت وجنتاه، أو قال: احمَرَّ وجهه”.
[23] هو عبدالباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني (1020 – 1099ه – = 1611 – 1688م): فقيه مالكي، وُلد ومات بمصر، من كتبه: (شرح مختصر سيدي خليل – ط) فقه، أربعة أجزاء، و(شرح العزية – خ)، ورسالة في (الكلام على إذا – خ)، الأعلام: 3/ 272.
[24] شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك: 4/ 66، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411ه، وانظر: عون المعبود: 5/ 86.
[25] موطأ مالك: كتاب الأقضية، باب القضاء في الضوالِّ، رقم (1449)، ص: 759.
[26] هو محمد بن أحمد بن أبي سهل، أبو بكر السرخسي، الإمام الكبير شمس الأئمة، صاحب المبسوط وغيره، أحد الفحول الأئمة الكبار أصحاب الفنون، كان إمامًا علًّامة حجة، متكلمًا فقيهًا أصوليًّا مناظرًا، وكان أنظرَ أهل زمانه، وأخذ في التصنيف، وناظر الأقران، فظهر اسمه وشاع خبره، أملى المبسوط نحو خمسة عشر مجلدًا وهو في السجن بأوزجند محبوس، توفي 490ه، طبقات الحنفية: 28 – 29.
[27] المبسوط: 11/ 19، تحقيق: خليل الميس، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1421ه – 2000م، وانظر شرح فتح القدير: 6/ 125، دار الفكر، بيروت، والاختيار لتعليل المختار: 3/ 37، وذهب الشافعي إلى عدم التقاط الإبل مطلقًا، وقاس عليها البقر، انظر الأم: 4/ 65 – 66، دار المعرفة، بيروت، 1393 ه.
[28] محمد بن علي بن صادق بن مهدي الكشميري اللكهنوي (1260 – 1309ه – = 1844 – 1891م): من المشتغلين بالتراجم، له: (نجوم السما في تراجم العلما – ط) في القرون الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، الأعلام: 6/ 300.
[29] العرف الشذي شرح سنن الترمذي: 3/ 137، تحقيق: محمود شاكر، مؤسسة ضحى للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بدون تاريخ.
[30] صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا، رقم (1425)، ج2/ 544.
[31] سنن أبي داود: كتاب الزكاة، باب صدقة الزرع، رقم (1599) ج2/ 109، ورواه ابن ماجه في سننه، حديث رقم: (1814)، ج 1/ ص 580، والحاكم في مستدركه ج 1/ ص 546 حديث رقم: 1433، وقال: “هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، إن صح سماع عطاء (عن) معاذ، فإني لا أتقنه”، والبيهقي في سننه الكبرى ج 4/ ص 113 حديث رقم: (7163)، وقال: “هذا الحديث رواته ثقات”، والحديث فيه انقطاع بين عطاء ومعاذ؛ إذ إن عطاءً لم يلقَ معاذًا؛ لأنه وُلد بعد موته أو في سنة موته أو بعد موته بسنةٍ، راجع التلخيص الحبير: 2/ 375، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419ه/ 1989م، وراجع البدر المنير: 5/ 534، تحقيق: مصطفى أبو الغيط وعبدالله بن سليمان وياسر بن كمال، دار الهجرة للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، الطبعة الأولى، 1425ه – – 2004م.
[32] عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكرٍ، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبلٍ، وأفرضهم زيد بن ثابتٍ، وأقرؤهم أُبَيٌّ، ولكل أمةٍ أمينٌ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح))، سنن الترمذي (3724)، قال أبو عيسى: “هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ”.
[33] صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب العرض في الزكاة، 2 / 525.
[34] فقه الزكاة: 2/ 804، مؤسسة الرسالة، وذهب للأخذ بقيمة الزكاة: الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وعن أحمد في غير زكاة الفطر، وهو ظاهر مذهب البخاري، راجع نفس المصدر.
[35] السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها: 234، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الثانية، 1426ه/ 2005م.
[36] هو عثمان بن إبراهيم بن مصطفي المارديني، ويقال له: ابن التركماني (650 – 731ه – = 1252 – 1331م): فقيه، من العارفين بالتفسير، انتهت إليه رياسة الحنفية بالديار المصرية، وتوفي في القاهرة، له: “شرح الوجيز الجامع لمسائل الجامع – خ” في شرح الجامع الكبير للشيباني، فقه، الأعلام: 4/ 202.
[37] الجوهر النقي: 4/ 113، دار الفكر، بدون تاريخ.
[38] إعلام الموقعين: 3/ 12، و3/ 182.
[39] السنن الكبرى: 3/ 132، رقم (5152).
[40] فتح الباري: 2/ 349، دار المعرفة – بيروت، 1379ه.