طُوبى لِلصّابِرين المُرابِطين
بقلم أ. د. محمّد حافِظ الشّريدة (خاص بالمنتدى)
يَقول الرّسولُ ﷺ: {بَدَأَ الْإِسْلاَمُ غَرِيباً وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيباً فَطُوبى لِلْغُرَبَاءِ} مَعنى طوبى: الجَنّة وَقيل: شَجرةٌ في الجَنّة وَقيل: طِيب العَيش! وَهذا يَدلّ على حُسن عاقِبتهم في الدّنيا وَالآخرة! كيفَ لا وَلِلعامِل مِنهم أجر خَمسين من الصّحابة الكرام رضوان اللّهِ عليهم أجمعين؟ قالَ ﷺ: {إنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أيّامَ الصّبْرِ الصّبْرُ فِيهِنَّ كَقَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهَا أَجْرُ خَمْسِينَ قالوا يا رَسولَ اللّهِ: أجْرُ خَمْسينَ مِنهُم أَوْ خَمْسينَ مِنَّا؟ قالَ: خَمْسينَ مِنْكُمْ} وَهذا الأجرُ العظيمُ إنّما هو لِغُربَتِه بَين النّاس وَالتّمَسّك بِالسّنّة بَين ظُلماتِ أهوائهم وَمِن المَعلوم أيّها الإخوَة الفُضلاء أنّ الغُرباء: هم الطّائفة المَنصورة مِن أهلِ السّنّة وَالجَماعة! لِقوله ﷺ: {لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ} وَممّا لا شَكّ فيهِ أنّ فَضل العِبادة في نِهاية الزّمن وَقت اشتِدادِ المِحَن وَانتِشار الفِتَن كَهِجرَةٍ إلى النّبيّ ﷺ القائل: {العِبادةُ في الهرَجِ: كَهِجْرَةٍ إلَيَّ} سَبب ذلك أنّ النّاسَ في زَمن الفِتَن يَتّبعونَ أهواءهم فَيكون حالُهم شَبيهاً بِحال أهلِ الجاهِليّة! فإذا انفَرَد من بَينهم مَن يَتمَسّك بِدينهِ وَيَعبد رَبّه ﷻ وَيَتّبِع مَراضيهِ وَيَجتَنب مَعاصيهِ كان بِمَنزلة مَن هاجَر للنّبيّ ﷺ: مؤمناً بهِ مُتّبِعاً لِأوامِرهِ مُجْتَنِباً لِنواهِيهِ! خِتامَاً: اللّهمّ اجعَلْنا مِن الغُرباء الذينَ يَصْلُحونَ إذا فَسدَ النّاسُ وَيُصْلِحونَ ما أفْسَدوهُ ..