طريق الطغاة واحد.. فمن يعتبر؟!
بقلم راشد عبد القادر أحمد
كان نيكولاى شاوشيسكو يحكم رومانيا بالبنادق والعسس والاجهزة الامنية.. والحزب الشيوعى المهيب الذى أصبح اقطاعية خاصة للرئيس يرفع من يشاء ويخفض من يشاء ويعتقل من يشاء
كان يظن أن الدوله ملكا خاصا له والحزب من خلفه يعيد تنصيبه مرارا وتكرارا إلها أوحدا وقائدا أبديا، لا يردعه هتاف الهاتفين ولا أوراق الدستور ولا معاناة الجوعى وهزال الفقراء، يهرول من قصره إلى قصره ومن مؤتمر إلى مؤتمر ومن جماهير محشودة بالتخويف والترغيف إلى مسيرات محفودة بالمال والعصى.
كان كل شيئ يصنع على مقاس أحلامه وامنياته لا تأبه بالعاطلين ولا بالمرضى ولا ضيق الحياة وانسداد الأفق، كانت الينا شاوشيسكو السيدة الأولى صاحبة المال والصولجان والجمعيات الخيرية (الكذب) ترفل من نعيم إلى نعيم ومن أضواء الفلاشات إلى أضواء الاستديوهات والبرامج وتبتلع موارد الدولة.
كان كل شيئ يمضى على وتيرة واحدة ولم يظنوا أبدا أن الزمان يمضى بهم إلى محض جثتين بزخات الرصاص الذي طالما وجهوه لشعبهم وتحت أصابع عساكر طالما حسبوهم كلاب حراستهم، كان نهار 25 ديسمبر من العام 1989 رسالة للعالم أن الطغاة إذا مضوا فى طريق شاوشيسكو فهذا مصيرهم وأصبح جيفة وتبدد حزبه الحاكم
كان زين العابدين بن على يظن أن التونسيين أصبحوا كائنات مدجنة في مزرعته الواسعه يفعل فيهم وبهم ما شاء كيف شاء وخلفه ترسانة من الأجهزة الأمنية ولا قانون يعلو فوق رغبات الرئيس فمنذ أن صعد إلى السلطة فى العام 1987 لم يقل له أحد لا.. وكانت زوجته ليلى الطرابلسي تنهب الأموال دون منطق أو عقل يخبرها أن من هم فى سدة الحكم لا يحتاجون للأموال فكل شيئ مجاب وليس عليها إلا أن تطلب وكان الإعلام يسبح بحمده وحمدها ويمجد توجيهاتهم ورؤيتهم الحصيفة وقيادتهم الرشيدة ولم يستيقظوا إلا على أصوات الزحف ليهرولوا تاركين كل شيء منبوذين من وطنهم ويعلموا أن كل شيئ كان أكذوبه وأن فقاعة السلطة انفثأت وأصبحوا يبحثون عن ملاذ وملجأ.
ظن القذافى أنه والد كل الليبيين وأنه مصدر عزهم وثروتهم وسبب حياتهم، كان يمن عليهم بكل شيئ ولم يدر ان كل شيئ لا يساوى نسمة حرية كان أمنه يحصى الأنفاس والأحلام ورغبات الحالمين وخيالات السائرين فى الطرقات، كان يظن أنه الأوحد والأول والآخر والظاهر وله ملك ليبيا ونهرها العظيم وبترولها المنساب، كان القائد والزعيم والإمام الملهم ويصرخ فى الناس.. من انتم؟ فلا شخص فى ليبيا له قيمة أو معنى إلا هو، ليصبح جثة متعفنة على مرتبة قذرة.
كان على عبدالله صالح يلقب بالراقص على رؤوس الثعابين.. يجيد فنون الخداع وألاعيب السياسة، يشتري قبيلة ويبيع أخرى يوالي زعيما ويعادي آخر يعين قيادات ويقيل آخرين، كان داهية وماكر يصعد جبل ويهبط وادي ولا يسمع إلا الهتافات والأتباع يرقصون ظن أن اليمن ليس إلا ملكا خاصا له لم يخلقه الله إلا من أجله، ولم يستيقظ إلا وهو جثة متكومة على ظهر لاندكروزر بيك اب تشابه تماما جثث ضحاياه مصحوبة باللعنات وتكبيرات الحمد.
قبل مقتل تشاوسيسكو بنصف عام كان البشير يصعد إلى سدة الحكم ومن خلفه الحركة الإسلامية تماما كالحزب الشيوعي فى رومانيا، أصبحت الحركة الإسلامية محض مكتب علاقات عامة للرئيس يختم على القرارات ويؤكد على الأوامر ويعيد حياكة الدستور، وهو يرفع من يشاء يذهب بإبراهيم محمود ويأتي بفيصل يقيل غندور ويعين الدرديري يركل نافع ويصفع على عثمان ويأتى بابن خالته رئيسا للوزراء ولا قيمة لدستور ولا لدورة رئاسية وكلهم خائفون.. خائفون البطش وفقدان المصالح، وعربات الأمن تخترق الطرقات.. وأسلحتهم مشهرة تماما كالذين حموا تشاوسيسكو وصالح وبن على والقذافي، ولكن.. طريق الطغاة واحد.
(المصدر: مدونات الجزيرة)