طبول القدس عندما تقرع
بقلم أدهم قضيماتي
في القدس قبلة للمسلمين ودولة مزعومة لكيان صهيوني يعيش فيها أبناء الحجارة وأصحاب الفيل متجابهين، فأصحاب الفيل سيطروا على أغلب أراضيها ونهبوا ثرواتها وعاثوا فيها فسادا وتضليلا أما أبناء الحجارة فلهم فيها قبة الصخرة وحائط البراق والمسجد العمري والمصلى المرواني وكنيسة القيامة والأمم والقبر المقدس. على مدار عقود ومنذ الاحتلال المعلن عام 1948م عمل الكيان الصهيوني على كبح تطلعات الشعوب العربية بالمطالبة بأولى القبلتين في كل السبل العسكرية والسياسية والاقتصادية وعملوا على تنويمها واختاروا لهم حكام خانعين خائنين باعوا قضية الأمة في سبيل البقاء على عرش ظلمهم.
وليس من الحكمة أن تكون مطالبنا بالقدس على أنها قبلة وعاصمة سياسية فقط وإنما أن تكون لنا وجهة دينية وسياسية واقتصادية فمدينة القدس تتعرض لحملة استغلال وسيطرة اقتصادية تنطلق من مصالح هذا الكان ولا تنتهي بمصالح الغرب الداعمين له، وللتاريخ لم يقف أحد من العربان مؤخرا مطالبا بما تملكه فلسطين من خيرات وثروات وكان همهم الشاغل حل الدولتين وصفقة القرن في البحرين.
نتيجة لتسليم وتنازل أصحاب القرار في السلطة الفلسطينية وصمتهم عن ثروات فلسطين المنهوبة أصبح استغلال وسيطرة اليهود الصهاينة على كل ما تملكه الأراضي الفلسطينية من ثروات شيء منسيا مع العلم أن هناك العديد من الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تحفظ للفلسطينيين حقهم الكامل بالتصرف بثرواتهم دون الاحتلال. فقد عملت سلطات الاحتلال الصهيوني منذ عام 1970م وبمساعدة الشركات الأمريكية بالتنقيب عن النفط والغاز في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي كثفت بعد اتفاق أوسلو عام 1993م وقد أعطى الاحتلال خلال هذه الفترة امتياز التنقيب عن النفط والغاز لشركتين إسرائيليتين في عدة مناطق فلسطينية
ونتيجة لعمليات التنقيب المتوالية تم اكتشاف كميات هائلة من الغاز والنفط في حوض شرق المتوسط تقدر بثلاثة أضعاف مساحة فلسطين ويقدر هذا الحوض بأضخم أحواض الغاز في العالم بمساحة تصل إلى 83ألف كم واحتياطيات نفطية تقدر ب 7.1 مليار برميل وهناك عدة آبار من النفط والغاز تسيطر عليها سلطات الاحتلال وتستخرج منها النفط والغاز وتقوم ببيعه للفلسطينيين الذين هم أصحاب الأرض وأصحاب الثروات ويقدر احتياطيات إحدى هذه الآبار بحوالي مليار ونصف المليار برميل من النفط و182 مليار متر مكعب من الغاز وتقدر قيمتهما الإجمالية بأكثر من 155 مليار دولار وهو حقل مجد فماذا عن الحقول الأخرى التي لم يتم الكشف عن احتياطاتها ويسيطر عليها الاحتلال ويستخرج منها النفط والغاز والجدير بالذكر أن الاحتلال كشف الستار عن بعض خططه والتي تهدف إلى حفر 40 بئرا منها 26 بئرا لاستخراج النفط والغاز معا والبقية لاستخراج النفط فقط.
ماذا عن الحكام لو أرادوا مساعدة فلسطين والدفاع عنها؟ بالمقام الأول يمكن للدول العربية النفطية أن تقدم النفط بأسعار جيدة بالنسبة للفلسطينيين إن لم ترد أن تقدمه كمنحة للفلسطينيين بدلا من شرائهم النفط من الكيان الصهيوني بأسعار مرتفعة جدا والذي ينتجه من أراض فلسطينية، ومن الواجب عليهم العمل على قطع التطبيع مع الكيان الصهيوني ولو بأقل تقدير كالوقوف إلى هذا الحد من التطبيع فمشاركة بعض الدول العربية بما يسمى منتدى غاز شرق المتوسط والذي يضم الكيان الصهيوني المحتل للأراض الفلسطينية والسارق لثرواتها عار على المشاركين فيه من العرب المسلمين.
يمكن مساعدة الدول العربية للفلسطينيين بأن يحصلوا على حقوقهم المشروعة في السيطرة على المياه الإقليمية التابعة لهم في الوضع الراهن واستخراج ثرواتهم على أقل تقدير فإن تم ذلك وسيطروا على مياههم الإقليمية فسيحصلون على ستة أضعاف مجموع احتياطي الغاز الموجود في الدول المجاورة وسيخرج العائد من هذه الثروات السلطة الفلسطينية من الأزمة المالية التي تعيشها.
وإن أراد حكام العرب أن يحرروا فلسطين فليدفعوا الغالي والنفيس وليستردوا ما دفعوه أضعافا مضاعفة بعد التحرير فقدسية فلسطين وثرواتها الباطنية ليست بالبسيطة أبدا، وإن تخاذل العرب فأبناء الحجارة مدافعون عن مقدسنا وعن المستضعفين فيها ورائحة الشهداء في مسيرات عودتنا يقولون للعالم والأمة إننا مازلنا هنا ولو انفصل الزمان عن المكان فنحن عن قدسنا لم نفترق أبدا.
(المصدر: مدونات الجزيرة)