ضلالة القرن وكيف نواجهها
بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)
الحمدلله وحده، وصلى الله على من لانبي بعده، وبعد
فبعد أن أضعفوا الدولة العثمانية بأسباب شتى، وخادعوا الأقطار العربية بأوهام الوحدة العربية، والفكرة القومية؛ حتى تم لهم تمزيق تلك الدولة الجامعة!
فإنهم يسعون اليوم من خلال ضلالة القرن “الإبراهيمية”، وصفقة القرن “التطبيعية”؛ لإضعاف الدولة الحديثة، وإثبات فشلها، تمهيدا لتخلفها في المنطقة “إسرائيل الكبرى” وما يزال في العرب من يسعى لحتفه بظلفه!
ويبدأ خداعهم بالحديث عن المشترك بين الأديان، ثم ينتهي بنسخها بالإبراهيمية، ومحو الفوارق بين الإسلام وغيره!
لقد كانوا قبل عقود ينادون بأنه لا دين في السياسة، واليوم يقولون لابد من دخول الدين في السياسة، لا لتتدين السياسة؛ وإنما لتسييس الدين! وليوظف الدين في تحقيق المطامع السياسية!
في عام (١٩٩٠) وضعت الأمم المتحدة اتفاقية (الشعوب الأصلية)، وأقرت حق عودة الشعوب الأصلية لبلادهم التي خرجوا منها أو الحصول على تعويضات مالية عن ممتلكاتهم التي فقدوها!
وذلك تمهيدًا لما سيأتي من وثائق تتحدث عن حق اليهود في الأراضي التي وجدوا فيها عبر التاريخ، وحقهم في تعويضات مالية!
وفي (٢٠٠٤) قدمت جامعة هارفارد وثيقة لتسوية الصراع في فلسطين مستخدمة الإبراهيمية مدخلا للتطبيع، ومقترحة فكرة مسار للسياحة الدينية يطلق عليه (المسار الإبراهيمي)، وفي ختام الوثيقة كانت المفاجأة أن ملكية أرض المسار تخص (الشعوب الأصلية)!
وذلك في محاولة جديدة لترسيخ باطل الصهاينة المدعى بفلسطين!
في ٢٠١٣ أسس مكتب بالخارجية الأمريكية للمبادرات الدينية لتكريس الشراكة مع المجتمعات الدينية العالمية والقادة الروحيين بشأن السلام في الشرق الأوسط!
ونادى جون كيري بمصطلح: (الأرض المشتركة للديانات الإبراهيمية) كما اعترف بتأثير الدين العالمي الجديد وبذلك تمت مأسسة هذا التوجه المريب!
تجتمع اليوم من مراكز الإبراهيمية حول العالم نحو ثلاثين مركزا، تسعى جميعا للتبشير بالديانة الجديدة سياسيا واقتصاديا وتنمويا واجتماعيا ودينيا، وتعتبر البلاد المستهدفة ببناء البيت الإبراهيمي داخلة ضمن “الولايات المتحدة الإبراهيمية” وقد مضى على تأسيس بعض تلك المراكز أكثر من عشرين سنة!
وكل مسلم يعتقد أن دين إبراهيم ﷺ هو الإسلام!
“ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما”
والحنيفية: الإسلام، وهو دين سيد الأنام، الذي قال: “بعثت بالحنيفية السمحة”
وقد اكتمل الدين يوم نزل قول الله تعالى: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”
وكل دين سواه فهو باطل!
والقرآن الكريم أعظم الكتب احتفاء بنبي الله إبراهيمﷺ، فهو يضم سورة باسمه! وسورا بأسماء بعض آله وبنيه من النبيين، والانتساب إليه باتباعه على التوحيد والاقتداء بهديه الكامل متمثلا فيما جاء به مسك ختام الأنبياء سيدنا محمد ﷺ.
قال تعالى:”ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين”
وقد أجمع المسلمون على أنه بعد بعثته ﷺ لا يقبل الله دينا سوى الإسلام.
وكل من سبقنا من الأمم بما حرفوا من كتبهم، وما ادعوه من الولد لله، وما قالوا من الباطل في رسل الله قد نقضوا التوحيد، فلا يقبل منهم سوى الإسلام.
“ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين”
وكل مسلم يعتقد أن طاعة غير المسلمين في شئ من الدين عاقبتها الخسران المبين، ولا أخسر من صفقة القرن ولا أضل من ضلالة الإبراهيمية المزعومة!
وكل مسلم يعتقد أن دين الإسلام ظاهر على أعدائه وإن اجتمعوا على حربه!
قال سبحانه:”هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون”
ولا يتصدى المسلمون لهذه الضلالة بمثل نشر محكمات العقيدة والشريعة، وتعظيم الوحيين، والعناية بمؤسسات العلم الشرعي، وتقويةالاعتزاز بالإيمان، ومقاومة الانحرافات والشبهات، وإحياء القضية الفلسطينية، وتملك أسباب القوة المادية، وتربية الناشئة، وتقوية مؤسسات الأمة، ومحاربة توظيف الدين لصالح أعدائه!
“والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”