إعداد : عاصم أحمد عطية بدوي
تعريف البورصة وأنواعها:
يتم الصرف الإلكتروني في كثير من الأحيان من خلال أسواق خاصة بها، تعرف بالبورصات، وفيها يتحدد سعر العملات أو سعر الذهب أو الفضة بناءً على قانون العرض والطلب، فالسلعة التي يزيد الطلب عليها يرتفع سعرها، والتي يزيد المعروض منها عن الطلب ينخفض سعرها [1].
البورصة في اللغة:
البورصة كلمة فرنسية تعني كيس نقود، ويرجع سبب إطلاق لفظ البورصة على السوق التي تعقد فيها الصفقات إلى أكياس النقود التي كان يحملها التجار الذين كانوا يأتون إلى السوق المخصص للتجارة[2].
أما تعريف البورصة في الاصطلاح الاقتصادي:
فقد عرفت البورصة بتعريفات كثيرة منها: “الاجتماع الذي يعقد لأجل القيام بعمليات بيع وشراء البضائع والأوراق المالية”[3].
كما عرفت على أنها: “مكان يجتمع فيه المتعاملون بغرض القيام بعمليات تبادل بيعاً وشراءً، ويتوفر فيه قدر مناسب من العلانية والشفافية بحيث تعكس آثارها على جميع المتعاقدين وعلى معاملاتهم”[4].
فالبورصة ليست كالأسواق العادية، حيث إن الذي يقوم بالعمليات التجارية في البورصة هم الوسطاء والسماسرة بخلاف الأسواق العادية، كما أن السلع في البورصة تكون غير موجودة فقد توجد في مخازن، وقد تكون غائبة أصلاً، بمعنى أنها غير منتجة، والثمن الذي يدفع في الأسواق العادية بعد معاينة السلعة غير موجود في معاملات البورصة[5]
أنواع البورصات وطرق تداول الصرف فيها:
لمعرفة البورصات التي تتم بها عمليات الصرف الإلكتروني لابد من معرفة أنواع البورصات العالمية، حيث إن لها أنواع مختلفة هي[6]:
1- بورصة الأوراق المالية: وهي أسواق يتم التداول فيها على حصص رأس المال وتشتمل على الأسهم والسندات.
2- بورصة البضائع: وتعرف أيضا ببورصة التجارة، حيث يجري فيها بيع وشراء المنتجات الصناعية والزراعية، مثل السكر والقطن والمطاط والبترول.
3- بورصة العقود: وفيها يتم التداول على عقود الصفقات، حيث لا تكون البضائع حاضرة، وإنما تجري المبادلات إما وفقاً لنماذج معينة أو بناءً على تسمية لصنف متفق عليه مسبقاً، وهذه تباع فيها عقود الصفقات التجارية للسلع غير الحاضرة بسعر بات أو بسعر معلق على سعر البورصة في تصفية محددة، ويكون البيع فيها على المكشوف، أي يسمح فيها بالبيع لمن يملك السلعة بناءً على قدرته على تسليمها حين حلول أجلها، بفضل استمرارية السوق.
4- بورصة المعادن النفيسة: حيث يتم التداول فيها على السلع المعدنية النفيسة، مثل: الذهب والفضة والبلاتين و الألماس.
5- بورصة العملات: وتعرف أيضا ببورصة القِطَع، حيث يتم تبادل العملات فيها عن طريق الصرف العاجل أو الصرف الآجل.
ومن خلال ما سبق يتبين بأن البورصات التي يتم فيها الصرف هي بورصة العملات، وكذلك بورصة المعادن النفيسة إذا تم الشراء والبيع فيها على الذهب أو الفضة.
أما عن طرق تداول الصرف في البورصة:
فان هناك طريقتين للتداول هما:
1- بورصات التداول المباشر(Exchange):
وتعرف أيضا بالسوق المنظمة، والسوق الرسمية، وهي عبارة عن أسواق تقام في أماكن معينة وأوقات معينة، ويشترط فيها حضور المتعاقدين للمكان أو من يقوم عنهم، ويتم التعامل فيها وفق نظم ثابتة ولوائح محددة، ومن أمثلتها، بورصة نيويورك، وهي موجودة في مدينة نيويورك[7].
2- بورصات التبادل عبر شبكات الاتصال(Over the counter (OTC)):
ويطلق عليها بالسوق غير المنظمة، والسوق غير الرسمية، وتتميز هذه البورصات بأنها لا تتبع أنظمة وأساليب بورصات التداول المباشر فيما يخص قواعد أو ساعات أو أماكن التعامل، حيث إن هذه البورصات تتولاها بيوت السمسرة والشركات والتي تعرف بشركات الوساطة، المنتشرة في جميع أنحاء العالم، حيث يتم الاتصال بين المتعاقدين من خلال شبكة كبيرة من أجهزة الاتصال القوية كالخطوط الهاتفية أو أطراف الحاسب الآلي أو شبكات الإنترنت أو غيرها من وسائل الاتصال السريعة، وبفضل هذه البورصات أصبح المتاجر يبيع ويشتري أي نوع من أنواع السلع التي يرغب بالمتاجرة بها من أي بورصة شاء، وهذا ما يفسر الكم الهائل من العقود التي تدار من خلالها[8].
وتعتبر بورصة العملات واحدة من البورصات التي تقوم على أساس التعامل عبر شبكة الاتصال، فعندما يبدأ المتاجر ببيع العملات وشرائها في البورصة الدولية فإنه سيتعامل مع هذا النوع من البورصات، أي بورصة التبادل عبر شبكة الاتصال وعبر شبكة الإنترنت بشكل خاص[9].
كما أن غالبية عمليات الصرف الأجنبي تجري وفق ترتيبات مؤسسية وخاصة فيما بين المصارف الكبرى، والوسطاء والمتعهدين المهتمين بتبادل العملات الأجنبية حيث تسود بشكل رئيس أسواق الجملة غير النظامية(OTC)، والتي لا تتبع أنظمة أو أساليب الأسواق المعروفة فيما يخص قواعد أو ساعات أو أماكن التعامل، بل إنها تقوم على وسائل الاتصالات المتاحة[10].
ولكن يؤخذ على بورصات التبادل عبر شبكة الاتصال بأنها لا تمتلك آليات للحد من الارتفاع أو الانخفاض الحاد في الأسعار الذي يحدث نتيجة لعدم التوازن بين العرض والطلب، بخلاف ما هو عليه الحال في بورصات التداول المباشر[11].
كما أن القبض للعملات وغيرها في هذه البورصات يتم تأخيره، وذلك بسبب طبيعة العمل بهذه البورصات التي تعتمد على شبكات الاتصال، وهذا ما يجعل الصرف الإلكتروني من خلال هذه الشبكات يواجه مشكلة حقيقية؛ لعدم توفر شرط القبض في الحال وذلك لتأخر استلام البدلين فيها.
ومن خلال ما سبق يتبين أن طريقة تداول الصرف الإلكتروني يكون في بورصات التبادل عبر شبكات الاتصال غالباً، سواء كان التداول بالذهب أو الفضة أو كان التداول بالعملات.
تعريف التداول الإلكتروني للعملات:
يعتبر التداول الإلكتروني للعملات أحد أنواع الصرف الإلكتروني، والذي يتم فيه مبادلة عملة بعملة أخرى، حيث تشتمل عمليات التداول على مبادلة الجنس من العملات بجنسه فيتم مبادلة العملة بفئات مختلفة من العملة نفسها كمبادلة الريال القطري من فئة العملة الورقية بريال قطري من فئة العملة المعدنية، أو مبادلة جنس العملات بجنس آخر كالدولار بالجنيه الإسترليني[12].
تعريف التداول في اللغة:
هي من داول، أي جعلت تارة لهؤلاء و تارة لهؤلاء، فيقال: داول الله الأيام بين الناس أدارها وصرفها، وفي التنزيل العزيز: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140][13]، وتداولت الأيدي الشيء أخذته هذه مرة وهذه مرة[14].
تعرف التداول الإلكتروني في الاصطلاح الاقتصادي:
عرف بأنه: “تعاقب بيع العملات باستخدام الوسائل الإلكترونية وفق مؤشرات أسعارها في البورصة الدولية”[15].
ومن خلال التعريف يتضح بأن التداول للعملات يكون في البورصات الدولية وليست المحلية، وأن الأساس الذي يقوم عليه التداول هو معرفة مؤشرات أسعار العملات، لأن سعر البيع والشراء يتحدد وفق هذه المؤشرات، وهذا ما يعرف بسعر الصرف، والذي يقصد به: “السعر أو المعدل الذي على أساسه يجري تبادل عملة معينة بعملة أخرى”[16].
وعمليات التداول ما هي إلا عمليات للمتاجرة والمضاربة عبر البورصة[17]، والتي يقصد منها تحقيق الأرباح، فيشتري المضارب عند توقع ارتفاع السعر، ويبيع عند توقع انخفاض السعر[18].
صور عقود التداول الإلكتروني للعملات:
التداول الإلكتروني على العملات هي في حقيقتها عمليات صرف إلكتروني تتم عبر البورصة، وتعرف بعقود المضاربة على العملات، حيث يلجأ إليها بهدف تعويض الخسارة الناتجة من عمليات التجارة الفعلية نتيجة تغير سعر الصرف لأنه لا يمكن تثبيت أسعار الصرف عالمياً، كذلك يعمل هذا النشاط على الانتقال السريع لرؤوس الأموال بين الدول دون عوائق أو قيود عليها[19].
وتتنوع صور عقود التداول الإلكتروني على العملات إلى:
أولاً: العقد الفوري للعملات (SPOT):
ويعرف أيضاً بالمضاربة الآنية، حيث تستلزم من المضارب بأن يكون أمام شاشات الأسعار دائمًا لكي يتمكن من إجراء البيع والشراء للعملات بسرعة، كما يمكنه من إجراء عدد كبير من العمليات في اليوم الواحد، ويعمد إلى مثل هذا العقد من توقع أن الثمن في السوق سيرتفع فهو يشتري بالثمن السائد حالياً، ثم إذا حصل توقعه باع وحصد الربح، وتستخدم في العملات؛ لأن أسعارها لا يستقر لها حال مما يولد فرص الحصول على الربح خلال ساعات الدوام[20].
ولكن يتم الاستلام والتسليم للعملات بعد يومين من تاريخ إنشاء عقد الصرف، وهذان اليومان هما يوما عطلة رسمية للبورصات الدولية وهما يوما السبت و الأحد في أوربا، والجمعة والسبت في الشرق الأوسط[21].
ثانياً: العقد الآجل للعملات (FORWARD):
ويسمى بعمليات الصرف الآجلة، أو عقد الصرف الأمامي، وهو “اتفاقية بين طرفين أحدهما مشترٍ والآخر بائع بغرض شراء أو بيع سلعة معينة أو عملة معينة، أو ورقة مالية معينة في تاريخ مستقبلي لاحق يعرف بتاريخ التصفية أو تاريخ التسوية، وبسعر متفق عليه عند إنشاء العقد”[22].
حيث تتراوح المدة بين شهر إلى ستة أشهر، وسبب لجوء العاقدين إلى الصرف الآجل هو الحصول على الربح الناتج من الفرق بين سعري التعاقد ويوم التسوية، فإذا ارتفعت الأسعار كان الرابح هو البائع، والخاسر هو المشتري، وإذا انخفضت كان الرابح هو المشتري و الخاسر هو البائع[23].
ويستفاد من التعريف السابق أنه لا يترتب على العقد تمليك ولا تملك ولا تسليم ولا تسلم فالثمن والمثمن مؤجلان إلى يوم التصفية[24].
ثالثاً: العقد المستقبلي للعملات (FUTURE):
وهو: “التزام قانوني متبادل بين طرفين، يفرض على أحدهما أن يسلم الآخر وبواسطة طرف ثالث وهو الوسيط، كمية محددة من سلعة معينة، في مكان محدد وزمان محدد وبموجب سعر محدد”[25].
وهذا العقد لا يختلف في حقيقته عن عقد الصرف الآجل، فهما يتفقان في أصل الهيكلية والتأجيل، إلا أن العقود المستقبلية هي عقود نمطية بمعنى أن شروطها غير قابلة للتفاوض من قبل العاقدين، أما العقود الآجلة فهي عقود تتميز بالمرونة حيث يتم تشكيلها بالاتفاق بين العميل المستثمر وبين شركة الوساطة[26].
رابعاً: عقد مبادلة العملات (SWAPS):
ويعرف أيضا بعقد مقايضة العملات، أو بالعقد الموازي للعملات، وعرف بأنه: “عقد يتم بين طرفين لشراء مبالغ محددة من العملات الأجنبية بعضها من بعض على أساس السعر الآني، وبيع نفس المبالغ على أساس السعر الآجل”[27].
وعرف أيضا بأنه:”عقد بين طرفين، لبيع عملة بعملة أخرى بيعًا حالاً، ثم إعادة شرائها بالعملة الأخرى نفسها، بشرط تأجيل تسليم العملتين إلى وقت لاحق، بسعر صرف متفق عليه وقت العقد، مماثل لسعر الصرف في العقد الأول، أو مختلف عنه”[28].
والتعريف الثاني أشمل من الأول؛ لأن سعر الصرف في العقدين قد يكون واحداً، وقد يختلف عنه في العقد الثاني، ويرجع هذا إلى الشروط التي يضعها العاقدان لأنها عقود كما ذكرنا سابقا غير نمطية.
ومن خلال هذين التعريفيين يتضح بأن هذه المعاملة تشتمل على عقدين هما:
- عقد صرف فوري: حيث يتم شراء عملة (الدولار) مثلاً، بعملة أخرى مثل (اليورو) في الحال وبسعر الحاضر لهما.
- عقد صرف آجل: حيث يتم شراء العملة المباعة في العقد الأول (اليورو)، بالعملة الأخرى (الدولار)، على أن يتم الاستلام والتسليم في وقت لاحق.
خامساً: العقد الاختياري للعملات (OPTIONS ):
وهو نوع يعتمد على خطط معينة لدخول السوق والخروج منها، ويتم تحديد نسبة الخسارة التي يمكن تحملها قبل بدء المضاربة، وأهم ما يميز هذا النظام أنه يتم تجهيز الخطط والدخول بها إلى السوق، ويكون المضاربون في هذا المجال من الشركات الكبرى، وفي هذه النوعية من المضاربات يتم الربط بين أسعار الصرف ومتغيرات أخرى، مثل أسعار النفط أو أسعار الذهب أو أسعار إحدى السلع، مثل القمح وغيره[29].
وصورة العقد الاختياري على العملات تتمثل في قيام المشتري بالاتفاق مع المصرف على حق خيار عملة معينة وبسعر معين وخلال فترة معينة، ويحق له أن يشتري العملة خلال هذه الفترة بالسعر المتفق عليه، بغض النظر عن السعر السائد في السوق، فعقد الخيار لا يقع على عين معينة، وإنما هو حق مجرد يخول المشتري البيع والشراء، فالمعقود عليه هو الاختيار نفسه[30].
…………………………………
[1] معروف: الاستثمار والأسواق المالية (ص 200)، جلال: الفوركس (ص 69).
[2] ويقال بأن أصل كلمة بورصة يعود إلى اسم عائلة”فان دي بورص”البلجيكية التي كانت تمتلك فندقا يلتقي فيه التجار وتتم فيه الصفقات فيالقرن الخامس عشر حيث أصبح هذا الفندق فيما بعد رمزا لسوق رءوسالأموال، ويمكن اعتبار هذا الفندق أول ظهور لما يعرف الآن بالبورصة، حيث بدأ فيه نشرقائمة بأسعار السلع المتداولة لأول مرة عام 1952م، الخضيري: كيف تتعلم البورصة (ص 23)، البرواري: بورصة الأوراق المالية (ص 24).
[3] نوفل: الاستثمار في الأوراق المالية (ص 82).
[4] الخضيري: كيف تتعلم البورصة (ص 10).
[5] بشارات: أثر الأجل في عقد البيع في الفقه الإسلامي (ص 107).
[6] شلبي: بورصة الأوراق المالية (ص 3)، الخضيري: كيف تتعلم البورصة (ص 23)، هارون: أحكام الأسواق المالية (ص 26).
[7] هندي: الأوراق المالية وأسواق رأس المال (ص 94)، جلال: الفوركس (ص 51).
[8] معروف: الاستثمارات والأسواق المالية (ص 201)، جلال: الفوركس (ص 51).
[9] جلال: الفوركس (ص 52).
[10] معروف: الاستثمارات والأسواق المالية (ص 201).
[11] هندي: الأوراق المالية وأسواق رأس المال (ص 106)، جلال: الفوركس (ص 51)، هندي: أساسيات الاستثمار وتحليل الأوراق المالية (ص 44).
[12] لطفي: التداول الإلكتروني للعملات (ص 46).
[13] سورة آل عمران: من الآية (140).
[14] أنيس، وآخرون: المعجم الوسيط (1/ 304).
[15] لطفي: التداول الإلكتروني للعملات (ص 43).
[16] هيكل: موسوعة المصطلحات الاقتصادية (ص 306).
[17] سيقوم الباحث بتعريف المضاربة في البورصة وبيان حكمها في هذا البحث (ص 78).
[18] آل سليمان: أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة (2/ 678).
[19] محمد: المضاربة علي العملات.
[20] القري: تجارة الهامش (ص 11).
[21] عبد العظيم: التعامل في أسواق العملات الدولية (ص 19).
[22] حسن: المشتقات المالية ودورها في إدارة المخاطر (ص 488).
[23] البرواري: بورصة الأوراق المالية من منظور إسلامي (ص 204)، لطفي: التداول الإلكتروني للعملات (ص 72)، عبد العظيم: التعامل في أسواق العملات الدولية (ص 19).
[24] حسن: المشتقات المالية ودورها في إدارة المخاطر (ص 488).
[25] مطر: إدارة الاستثمارات (ص 272).
[26] لطفي: التداول الإلكتروني للعملات (ص 79).
[27] حبش: الأسواق المالية العالمية وأدواتها المشتقة (ص 284).
[28] آل سليمان:أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة (2/ 1107).
[29] محمد: المضاربة على العملات
[30] لطفي: التداول الإلكتروني للعملات (ص 88).
*المصدر : موقع الألوكة