مقالاتمقالات مختارة

صورة من واقع الصراع العلماني الإسلامي(الأحزاب الإسلامية) 4

صورة من واقع الصراع العلماني الإسلامي(الأحزاب الإسلامية) 4

بقلم صهيب مقداد

كثيرة هي الرموز المزيفة التي نسجها لنا أعدائنا في الغرب، والتي نسجتها لنا أيادي الغدر والخسة والنذالة من داخل أمتنا، فتجد التمجيد للأشخاص أكثر من الأفكار، واعتبار الشخص فوق كل إعتبار، والتشبيح على كل من يفكر إنتقاد هذه الشخصية بكثير أو قليل، ومن هؤلاء مصطفى كمال أتاتورك، الرمز المزيف لتركيا الحديثة، وأبو العلمانية فيها، والمحارب ضد دين الإسلام، الذي لغى الخلافة.

 

وفي حادثتين مثلتا صدمة للعلمانيين وأرعبت قلوبهم من ما هو قادم وخوفهم الدائم من المد الإسلامي في تركيا، حادثتين جسدت روح الشعب التركي الأصيل الذي لا ينفك عن الإعتزاز بأصله و بإسلامه:

 

١- 1980 م في يوم 8 نيسان،  وفي جامع اسطنبول، تعالت صيحات المصلين إعتراضًا منهم على نداء الإمام بالدعاء لروح مصطفى كمال أتاتورك، وعلى الفور تم قطع البث التلفازي المباشر؛ ولسان حالهم: إنهم يسيئون إلى آلهتنا؟

 

ضاج العلمانيون من الحادثة والعسكر الذين هم حماة التراث الأتاتوركي ومبادئه، ليصدر رئيس الأركان كنعان إيفرين بيان يقول فيه:  إن لدى القوات المسلحة التركية القوة لقطع لسان كل من يتحدث ضد أتاتورك العظيم.(١)

 

٢- عاشت تركيا فترة طويلة منعزلة عن قضايا العرب والمسلمين، وعن القضية الفلسطينية، كما أراد لها ذلك أتاتورك، وكانت العلاقة بين العرب والترك على مستوى الدولة تتسم باللامبالاة أو المشاحنات في بعض الأحيان وخاصة مع سوريا وقضية لواء الاسكندرون والقضية الكردية، وفي عهد حزب السلامة الوطني وزعيمه نجم الدين أربكان، دعا أربكان لمظاهرة حاشدة في قونية ضد الكيان الإسرائيلي المُحتّل، وقراره لضم القدس كعاصمة لإسرائيل.

 

جرت مظاهرة حاشدة في قونية في 6 أيلول 1980 م، وهي بعنوان: “إسلامية القدس”.. الحدث الذي اعتبرته القوى العلمانية والصهيونية تهديدًا لوجودها (٢)

 

وأما عن تفاصيل المظاهرة وأهدافها وما قام به المتظاهرون والشعارات التي رفعوها، جاء في كتاب، منال الصالح: رفع المتظاهرون شعارات تطالب بقطع العلاقات التركيا الإسرائيلية..وإعلان الجهاد في سبيل..عودة المسجد الأقصى للمسلمين، وعند عزف النشيد الوطني جلس المحتشدون على الأرض إشارة إلى نفورهم من النظام العلماني الأتاتوركي وطالب هؤلاء بضرورة العودة إلى الشريعة الإسلامية السمحاء، فرفعوا شعارات مثل: “إن الدولة الملحدة يجب أن تدمر” و “إن القرآن هو دستورنا” و “تركيا كانت إسلامية” و “نريد دولة إسلامية” و “الحكم للقرآن” (٣)

 

تخطى نجم الدين أربكان جميع الخطوط الحمر، بداية من إساءة حزبه لرمز العلمانية التركية وزعيم الكمالية أتاتورك، إلى مخالفة مبادئه ومحاولة إثارة الشعب التركي ضد العلمانية والدعوة لدولة إسلامية، لتشهد تركيا أعنف انقلاب تركي في تاريخها، قام به الجنرال  كنعان ايفرين، وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كشف الصحفي مهمة علي بيراند، عن الرسالة التي بعثها ممثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في أنقرة “بول هينز” إلى الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في مساء يوم 12 سبتمبر 1980، يقول فيها: أولادنا فعلوها.(٤)

 

من نتائج الانقلاب:

 

– حل حزب السلامة الوطني، واعتقال نجم الدين أربكان.

– محاكمة 98 ألف، بتهم الإنتماء لـ منظمات يسارية وإسلامية

– فرار حوالي 30 ألف شخص خارج تركيا

– سحبت الجنسية التركية من 14 ألف شخص

– توفي 171 شخص تحت التعذيب

– سجن 31 صحفي، وأغتيل 3.

 

وكما هي العادة، دعاة الإنسانية والعلمانية والليبرالية وحرية التعبير عن الرأي، إذا تعلق الأمر بالدين الإسلامي أظهروا وجههم الآخر منكرين كل شعاراتهم التي رفعوها بأنفسهم وقاموا بأبشع الجرائم في التاريخ.

 

يبقى علينا أن نذكر بأن الجنرال كنعان ايفرين بالإضافة إلى تحسين شاهين قائد القوات الجوية سابقًا، تمت محاكمتهم بالسجن المؤبد في عهد رجب طيب أردوغان من عام ٢٠١٢، بسبب الانقلاب الدموي الذي قام به، إلى أن توفي في ٢٠١٥ في يوم الثلاثاء.

 

المصادر:

 

١-مصطفى محمد الطحّان، الحركة الإسلامية الحديثة في تركية، صفحة 252

٢-الجزيرة الوثائقية، ربيع تركيا- نجم الدين أربكان.

٣- منال الصالح، نجم الدين أربكان ودوره في السياسة التركية، 1969- 1997، صفحة 148 و 149

٤- نون بوست، بأي ثمن سمحت أمريكا لعسكر تركيا بالانقلاب في 1980؟.

(المصدر: موقع البوصلة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى