مقالاتمقالات مختارة

صهاينة العرب يشعلون حروب غزة.. و”إسرائيل” تطفئها!

صهاينة العرب يشعلون حروب غزة.. و”إسرائيل” تطفئها!

بقلم راجي سلطاني

انتهت حرب غزة هذه المرة قبل أن تبدأ، وذلك لأن الجديد كان كبيراً ومذهلاً، لقد أصبحت صواريخ المقاومة مدمرة وقاتلة، بعد أن كانت في الماضي مجرد صواريخ مفزعة غير مدمرة ولا قاتلة.

لأول مرة تدمر الصواريخ منازل وتقتل مستوطنين، وذلك تغير كبير ومذهل يقلب الصورة ويغير اللعبة وأوراقها.

في عمليات المقاومة قديما، كنا ننتظر بفارغ الصبر العمليات الاستشهادية، وكانت حينها عمليات موجعة، وذلك عندما كانت غزة محتلة، وكانت قوات الاحتلال الصهيوني تجوب مدن غزة وقراها وشوارعها، وكانت المقاومة تستطيع آنذاك أن تطولها، فيفجر الاستشهاديون أنفسهم في جموع القوات الصهيونية.

وعلى الجانب المقابل كانت المقاومة في الضفة على أشدها، وكانت العمليات الاستشهادية تأتي تباعاً، في جموع القوات الصهيونية في الضفة، وفي المستوطنين داخل الخط الأخضر.

وكانت الصواريخ البدائية قد بدأت في الظهور، وكانت قدراتها محدودة، وكان قادة المقاومة يؤكدون حينها على أن الصواريخ هي السلاح الاستراتيجي الذي سيُطور ليكون السلاح الحاسم للمعارك القادمة، وقد كان ذلك حقاً.

استطاعت “إسرائيل” بعد ذلك أن تُحكم على نفسها حدودها المصطنعة، وأن تمنّع نفسها داخل أسوارها وحصونها، واستطاعت كذلك أن تقضي- إلى حد كبير- على حركة المقاومة المسلحة في الضفة، ثم انسحبت من غزة، ولم تعد تطالها يد المقاومة.

وأصبحت المواجهات بين المقاومة والصهاينة تنحصر في المواجهات الشعبية بين عموم الفلسطينيين والقوات الصهيونية في الضفة والقدس، وهي مواجهات تظاهرية احتجاجية، أو فدائية بالسكاكين كما حدث مؤخراً في انتفاضة الضفة الأخيرة.

وهناك المواجهات الأخرى، والتي تأتي عبر الحروب الصهيونية على غزة عاما بعد عام.

وهي المواجهات الأكثر دموية، والأكثر مقاومة، والأكثر كلفة على الفلسطينيين، والأكثر كلفة كذلك على الإسرائيليين.

ولكن، يثار السؤال: لماذا تُقدم “إسرائيل” على هذه الحروب حربا بعد حرب؟

من مصلحة “إسرائيل” شن هذه الحروب على غزة مرة بعد مرة، وذلك لهدف استراتيجي كبير، وهو كسر شوكة المقاومة عندما تشتد وتقوى، وتقليم أظافرها، لتبدأ المقاومة بعد كل حرب في لملمة الجراح وبناء المتهدّم وتقوية الساعد، حتى إذا تم كل ذلك، تكون الحرب التالية لكسر الشوكة، والعودة إلى المربع الأول، وهكذا.

من مصلحة “إسرائيل” شن هذه الحروب على غزة مرة بعد مرة، وذلك لهدف استراتيجي كبير، وهو كسر شوكة المقاومة عندما تشتد وتقوى، وتقليم أظافرها

كما أن “إسرائيل” في حروبها على غزة، وقصفها وتدميرها وقتلها لعموم الناس تُحدث- من وجهة نظرها – حالة من السخط والكره من عموم الناس للمقاومة، وللحالة التي أصبحت عليها غزة -بعدما حكمتها حماس- من حصار شديد وحروب كثيرة متتالية.

لكن هناك بعض الرؤى التي تذهب إلى أن حروب غزة يدفع إليها بعض العرب، وهم ما أصبحنا نطلق عليهم اصطلاحا (صهاينة العرب).

– فمن هم صهاينة العرب؟

الصهيونية عموما هي هذا التيار العالمي الذي يعمل لخدمة دولة “إسرائيل”، وهم من اليهود والنصارى.

وصهاينة العرب هم الذي يعملون لخدمة “إسرائيل” من العرب.

– وما الذي يدفع العرب للتصهين؟

بعض العرب علمانيون حاقدون على الإسلام ومشروعه الحضاري المعاصر، ولذلك فإنهم يصطفون مع كل أعدائه، وفي مقدمتهم أمريكا ومن ورائها “إسرائيل”، فينادون بالتطبيع مع “إسرائيل”، وإعلان حالة السلام الشامل معها، بل ويمدحون تفوقها على البلاد العربية في كافة المناحي، ويقومون بزيارتها في السر وفي العلن.

وهناك الكثير من الأنظمة العربية الحاكمة التي أصبحت أنظمة صهيونية في الحقيقة، تعمل لخدمة دولة “إسرائيل”، إما رغبا وإما رهبا؛ إما لعلمانية حقيقية حاقدة على المشروع الإسلامي تسيّرهم وتحكمهم، أو لعمالة حقيقية مباشرة للإسرائيليين والأمريكيين، أو رهبا من أمريكا وإسرائيل، وخوفا على كراسيهم الحاكمة، والتي لا يرون بقاءها إلا بالخنوع التام لإسرائيل وأمريكا والسير في ركابهما والمسارعة في إرضائهما.

هناك الكثير من الأنظمة العربية الحاكمة التي أصبحت أنظمة صهيونية في الحقيقة، تعمل لخدمة دولة “إسرائيل”، إما رغبا وإما رهبا؛ إما لعلمانية حقيقية حاقدة على المشروع الإسلامي تسيّرهم وتحكمهم، أو لعمالة حقيقية مباشرة للإسرائيليين والأمريكيين، أو رهبا من أمريكا وإسرائيل، وخوفا على كراسيهم الحاكمة

-وما مصلحة صهاينة العرب هؤلاء في إشعال حروب غزة؟

تثار بعض الرؤى التي تقول إن صهاينة العرب يدفعون لحروب غزة، وذلك لأن علمانيتهم الحاقدة تجعل من المشروع الإسلامي والذي تأتي المقاومة الإسلامية في فلسطين على رأسه أكبر أعدائها، وإن “إسرائيل” ومشروعها الاحتلالي الاستيطاني التوسعي لأحب إلى هذه الأنظمة من الحركة الإسلامية ومشروعها الإسلامي الحضاري الكبير ، وإنا لنذكر في ذلك قولة أحد ملوك العرب عندما وافق على وقف إطلاق النار في حرب 1948م ( لأن تقع فلسطين في يد الإسرائيليين خير لنا من أن تقع في أيدي الإخوان المسلمين).

ثم إن بعض الرؤى لتؤكد على أن بعض الأنظمة العربية المتصهينة تدفع أحيانا إلى حروبٍ إسرائيلية على غزة من أجل أن تشغل الرأي العام العربي والعالمي عن قضاياها الداخلية أو الخارجية .

وليس هذا مستبعدا على الإطلاق، فإن الطغاة ليرون كراسي سلطانهم هي الحياة بالنسبة لهم، وليس غيرها سوى الموت، ولذلك فإن الواحد منهم ليعمد إلى إحراق الأرض كلها بمن عليها- إن قدر على ذلك- من أجل أن يبقى له كرسيه، وإن رائدهم في ذلك نيرون الذي حرق عاصمته بمن فيها، غير أن نيرون قد حرق روما من أجل أن يتركها الناس ويذهبوا لعاصمته الجديدة التي كان قد بناها، أما هؤلاء فلو كان إحراق فلسطين كلها وبلاده كلها هو الثمن الذي يجب أن يكون لبقائه وبقاء سلطانه فسيفعل بلا أدنى تردد.

بل إن هذه الرؤى التي تقول بذلك، لترى أن بعض هذه الأنظمة تمول هذه الحروب من أجل دفع “إسرائيل” إليها، وأن “إسرائيل” تذهب في بعض هذه الحروب مكرهة غير راضية، أو على الأقل غير راضية تمام الرضا.

وهذه أيضا غير مستبعدة تماما، وإن التسريبات التي تؤكد على أن بعض الأنظمة العربية تساعد “إسرائيل” بالدعم المادي تسريبات مقبولة جدا، وإن شراء رجالات بعض الأنظمة العربية لمنازل في القدس من أجل إخلائها وبيعها بعد ذلك لليهود لم يعد سرا خافيا.

وإنها لصورة عجيبة بالغة في العجب، عندما نجد أن بعض العرب هم من يدفعون “إسرائيل” للحرب على عرب آخرين، وإنهم يدفعونها حرب شاملة كاملة تنهي إلى الأبد قصة غزة ومقاومتها، غير أن “إسرائيل” في النهاية هي التي تسعى من أجل إنهاء هذه الحروب، وتستجدي من أجل ذلك، وذلك للثمن الباهظ الذي تدفعه من خوف ورعب مستوطنيها، حيث إن صواريخ المقاومة لتصل الآن إلى آماد بعيدة جدا في داخل الأرض المحتلة، حتى تجعل الملايين من المستوطنين الإسرائيليين يختبئون في مخابئهم أياما وليالي، ويسيرون في شوارعهم فزعين خائفين مهرولين.

هذه الحرب الأخيرة، والتي انتهت قبل أن تبدأ، ثم استقال على أثرها وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان، لتؤكد يقينا أن “إسرائيل” هي التي تستجدي إنهاء الحروب، أو بعضها على أقل تقدير.

وأنه كلما كانت كلفتها أبهظ، من صواريخ المقاومة وقدرتها التدميرية ، كلما كان استجداؤها وانكسارها أكبر.

غزة هي المنطقة العربية الوحيدة المحررة في الوطن العربي اليوم، ومقاومتها الإسلامية هي فخر الأمة العربية والإسلامية، والتآمر عليها وعلى مقاومتها من بعض العرب والمسلمين هو التآمر الأكثر خسة وعارا في تاريخ العرب والمسلمين .

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى