صمت دولي وإسلامي عن حبس أكثر من مليون مسلم ونزع هويتهم الدينية
إعداد براهما شيلاني
اضطهاد النظام الصيني المسلمين بذريعة “مكافحة الإرهاب” وحماية مصالح الصين الاقتصادية، وسط صمت العالم ودول إسلامية.
الباحث الاستراتيجي براهما تشيلاني مؤلف كتاب “الطاغوت الآسيوي” ينقل أن المسلمين يُجبَرون على أكل الخنزير وشرب الخمر، ويقرِّب لنا الصورة.
من خلال اعتماده على سياسة الاعتقال الجماعي، يتبع الحزب الشيوعي الصيني نموذج الاتحاد السوفييتي. لكن معسكرات الاعتقال في الصين أكبر بكثير وأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية من سابقاتها السوفييتية، وقد صُمِّمت لمعاقبة -ليس فقط- المنشقين السياسيين، بل مجتمع مسلم بأكمله.
على الرغم من أن الباحثين المستقلين وجماعات حقوق الإنسان يطلعون بنشاط على الأساليب المستخدمة هناك (على سبيل المثال، يُجبر المسلمون على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول)، فإن لدى السلطات الصينية الفرصة لمواصلة هجومها على الإسلام دون عقاب. رغم قيام الأجهزة الأمنية الصينية بمطاردة الأويغور وغيرهم من المسلمين في أماكن بعيدة مثل تركيا، لم تواجه البلدان والشركات الصينية المشاركة في هذا الاضطهاد أي عقوبات دولية أو تتحمل أي تكاليف أخرى.
إجبار المسلمين على التخلي عن الهوية الإسلامية
يُعَدّ الرئيس الصيني شي جين بينغ الجاني الرئيسي، حيث أمر في عام 2014 بتغيير السياسة التي مهدت الطريق للقمع الحالي ضد الأويغور والقازاق وقبائل القرغيز وهوي والمجموعات الإسلامية الأخرى.
يبدو أن الاستيعاب القسري للمسلمين من خلال ثقافة “الهان” المهيمنة في البلاد هو أساس نظام أو “فكر شي جين بينغ” – وهي “العقيدة” الكبرى التي أدخلها شي لحجب تأثير الماركسية والماوية في الصين.
للإشراف على هذا البرنامج الضخم الهادف للتأثير على الهويات الإسلامية، قام شي – الذي حظي بقدر أكبر من السلطة من أي زعيم صيني منذ ماو تسي تونغ – بإعادة تعيين تشن تشوانجو، أبرز مسؤول في الحزب الشيوعي الصيني من التيبت إلى شينجيانغ (تركستان الشرقية)، ليلتحق بالمكتب السياسي القوي. على الرغم من أن سجل تشن في الإشراف على انتهاكات حقوق الإنسان معروف للغاية، إلا أن إدارة ترامب لم تطبق بعد توصية اللجنة الحزبية لعام 2018 بمعاقبته ومسؤولين صينيين آخرين يديرون سياسة المعتقلات الصينية. بشكل عام، فإن المصالح المالية والتجارية، ناهيك عن التهديد بالانتقام الصيني، قد منعت معظم الدول من إدانة سياسات الصين المعادية للمسلمين.
صمت دول إسلامية على معتقلات المسلمين الصينية
باستثناء تركيا، حتى الدول ذات الأغلبية المسلمة التي سرعان ما أدانت ميانمار بسبب معاملتها لمسلمي الروهنجيا، ظلت صامتة بشكل مريب حول سياسة الصين.
ومع تشجيع الاستجابة الدولية الصامتة، كثفت الصين مساعيها لإدماج إقليم شينجيانغ في النظام الثقافي الصيني من خلال هدم المناطق السكنية للمسلمين. في أورمتشي ومدن أخرى، تم استبدال مناطق الأويغور -التي كانت مزدحمة ذات يوم- بمناطق خاضعة لسيطرة الشرطة الصارمة تم تطهيرها من الثقافة الإسلامية.
المفارقة هي، أن الصين تبرر “مستشفيات إعادة التأهيل” باعتبارها ضرورية لتطهير عقول المسلمين الصينيين من الأفكار المتطرفة، التي تدعم الإرهاب الإسلاموي في الخارج بشكل فعال. على سبيل المثال، منعت الصين مرارًا عقوبات الأمم المتحدة ضد مسعود أزهر، رئيس الجماعة الإرهابية التي تتخذ من باكستان مقراً لها، والتي تعتبرها الأمم المتحدة مسؤولة عن سلسلة من الهجمات الإرهابية في الهند، بما في ذلك هجوم على البرلمان، وفي الآونة الأخيرة، على قافلة شبه عسكرية.
وكما كتب بومبيو في تغريدة له على تويتر: لا يمكن للعالم أن يتحمل نفاق الصين المخزي تجاه المسلمين. من ناحية، تنتهك الصين أكثر من مليون مسلم في بلادهم، ولكنها من ناحية أخرى تحمي الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة من عقوبات الأمم المتحدة.
الصين مصدر إلهام للعنصريين والإسلاموفوبيين
ومن المفارقات أيضا أنه بينما لا تزال الصين تعاني من قرن الإذلال على أيدي القوى الإمبريالية الأجنبية، فقد كانت تقوم بالإذلال الجماعي للأقليات في شينجيانغ والتيبت لعقود. ومما زاد الأمور سوءا، أنه من خلال اضطهاد السكان المسلمين بشكل منهجي، يمكن أن تكون الصين مصدر إلهام للعنصريين البيض وغيرهم من الإسلاموفوبيون حول العالم. على سبيل المثال، أعلن المتطرف الأسترالي الذي تم اعتقاله بسبب ارتكابه مجزرة المسجدين الأخيرة في مدينة كرايست تشيرش، بنيوزيلندا، عن إعجابه بالقيم السياسية والاجتماعية للصين.
وقد صدرت العديد من التقارير حول كيفية تحويل الصين لإقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية) إلى مختبر نزولا عند طموحات شي الأورويلية. ويُشير التقرير الأخير إلى كيفية استخدامه لمبادرة الحزام والطريق التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات كعامل مساعد في الحملة. وفقًا للسلطات الصينية، يُعد إنشاء دولة مُراقبة ضروريًا لمنع الاضطرابات في المحافظة التي تقع في قلب طريق مبادرة الحزام والطريق.
شمولية رقمية – وانهيار أكبر وأقوى وأقدم استبداد في العالم؟
مثل الماركسية اللينينية، والنازية، والستالينية، والماوية التي خلفت ملايين القتلى، تَعِد نظرية شي بفرض تكاليف طويلة الأجل على العديد من الأبرياء. إنه السبب الرئيسي وراء استهداف الصين الصارم لثقافات ومجتمعات الأقليات، وكذلك توسعها العدواني في المياه الدولية وإدخال الشمولية الرقمية.
بفضل نظرية شي، نجد أكبر وأقوى وأقدم استبداد في العالم على مفترق الطرق. مع اقتراب جمهورية الصين الشعبية من عيد ميلادها السبعين، يتباطأ اقتصادها وسط هروب رؤوس الأموال، وتعطل التجارة، وهجرة الصينيين الأثرياء. كما تبشر متاعب شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي بأوقات عصيبة قادمة.
آخر شيء تحتاجه الصين الآن هو المزيد من الأعداء. ومع ذلك، استخدم الرئيس شي سلطته لتوسيع بصمة الصين العالمية وإظهار طموحاته الإمبريالية. إن قمعه للأقليات المسلمة قد يؤدي أو لا يؤدي إلى تحرك دولي ضد الصين. لكن من المؤكد أنه سيولد جيلًا جديدًا من الإرهابيين الإسلامويين، مما سيضاعف تحديات الأمن الداخلي للصين. إن ميزانية الأمن الداخلي للصين أكبر بالفعل من ميزانية الدفاع الضخمة، مما يجعلها في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث الإنفاق العسكري. كان الاتحاد السوفييتي في الماضي يحظى بنفس المكانة – قبل انهياره.
(المصدر: تركستان تايمز)