صمت العالم الإسلامي تجاه جرائم الصين ضد الأويغور لا يمكن فهمه
بقلم روث إنغرام – ترجمة رضوى عادل
إن الأمم الإسلامية عمياء عن تصاعد موجة الأدلة حول الفظائع المرتكبة ضد الأويغور، ليس فقط لا تزال تغض الطرف عن معاناة إخوانهم المؤمنين، بل وتثني ثناءاً هائلاً على مضطهديهم أيضاً.
إن إستيلاء طالبان على أفغانستان وتملقها للصين، ليس فقط بسبب ثروتها من الكنوز الجوفية ولكن أيضاً بسبب مصير مئات الأويغور على أراضيها، قد ألقى الضوء مرة أخرى على العالم الإسلامي وصمته على الفظائع في تركستان الشرقية.
عمياء عن تصاعد “الموجة العارمة” من الأدلة المتعلقة بالفظائع ضد الأويغور، وهي جرائم اعتبرتها العديد من الديمقراطيات الغربية أنها إبادة جماعية، تواصل الدول الإسلامية ليس فقط غض الطرف عن معاناة إخوانها المسلمين ولكن تملق مضطهديهم.
عند تقديم الأدلة لمحكمة الإبادة الجماعية الأويغورية الأخيرة في لندن، اتهم الأويغوري المسلم، عبد الحكيم إدريس، زوج روشان عباس، المدير التنفيذي لحملة الأويغور، الصين بإستخدام قوتها الإقتصادية لشراء صمت الدول ذات الغالبية الإسلامية حتى تستسلم دون صراع.
رفض القادة المسلمين إنتقاد بكين بسبب الإعتقال والإختفاء الجماعي الذي تم الإعلان عنه على نطاق واسع وأيضاً هجومها على الدين والثقافة، ويتواطأ العالم الإسلامي مع وهم الحزب الشيوعي الصيني بأن حملات القمع ضد الأويغور تتعلق في المقام الأول بمحاربة التطرف. يعتبر اللعب بورقة الإرهاب أمراً مريحاً، كما يؤكد إدريس أن هؤلاء القادة يتجنبون الإضطرار إلى عزل متبرع ثري وقوي حيث يدينون له بالفضل.
ويزعم مؤلف كتاب “الخطر”، وهو تقرير عن “إستعمار الصين للعالم الإسلامي”، يدعي إدريس أن الأساليب التي يستخدمها الحزب الشيوعي الصيني لجذب العالم الإسلامي تشمل إستخدام الجمعية الإسلامية الصينية (CIA) للقيام بعملها القذر.
وبقيادة الأئمة السياسيين الذين لا يجرؤون على التحدث ضد حكومتهم، تعقد الجمعية الإسلامية الصينية مؤتمرات صحفية وندوات في الدول الإسلامية وتستخدم الحجاج لإخماد المشاكل في الداخل. ويتم تكريم المسؤولين الحكوميين الأجانب وقادة المجتمع المدني في تركستان الشرقية، ويتمتعون بزيارة المساجد المصممة، والإستماع إلى خريجي “مدارس التدريب المهني” المفرج عنهم، الذين تغيرت حياتهم ظاهرياً بسبب التجربة.
ويقول إن سخاء بكين أدى إلى تكميم أفواه دول العالم الإسلامي. وقد تكفلت بالقروض المعطلة ومشاريع البنية التحتية الطموحة حيث ضمنت دول منظمة التعاون الإسلامي، شراء الجميع على الورق على الأقل، وتبريرات الصين لإحتجاز ما يصل إلى ثلاثة ملايين من مسلميها الأتراك، واختطاف ما لا يقل عن نصف مليون من رضعها وأطفالها، وتدمير المساجد والمواقع الدينية، وإنشاء سجن إفتراضي مفتوح في جميع أنحاء المنطقة بأكملها والتعقيم القسري لنسائها الواسع النطاق.
وفقاً لما ذكره إدريس، أن هذه الدول تواطأت مع الصين لتبرير الفظائع بإعتبارها “شأناً داخلياً” يتجاوز النقد. ويقول: إن وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم الإسلامي تلتزم الصمت عن المأساة، مستشهداً بصحيفة الأخبار المصرية التي باعت صفحة كاملة لبكين لعرضها اليومي لنسخة الصين من أخبار العالم حيث يتم تجنب قضية الأويغور أويتم تشويهها. يقول إدريس: بدلاً من الاحتجاج على الإبادة الجماعية، فإن العكس هو الصحيح والصمت يصم الآذان.
يقول عمر قانات، المدير التنفيذي لمشروع حقوق الإنسان للأويغور (UHRP)، إن منظمة التعاون الإسلامي أصبحت تلتزم الصمت منذ عام 2019 عندما تم الكشف عن الفظائع. ووصف تصريحات زعماء المسلمين رداً على الأزمة بأنها “سخيفة”.
ورد رئيس وزراء باكستان، عمران خان، في مارس 2019، عندما واجه الإعتقال الجماعي على عتبة بابه: “بصراحة، لا أعرف الكثير عن ذلك”. خوفاً من تعريض المرحلة الثانية من إتفاقية التجارة الحرة بين الصين وباكستان الموقعة في يناير 2020، وقد كرر نفيه للتقارير في يونيو 2021، عندما قال: “في محادثاتنا مع الصينيين، ليس هذا من شأننا. كانت الصين من أعظم الأصدقاء لنا في أصعب الأوقات. وقامت الصين بإنقاذنا عندما كان إقتصادنا يعاني”.
ونُقل عن رئيس إندونيسيا جوكو ويدودو، في مارس 2019، إنكاره أي معرفة بالفظائع. وقال: “لا أعرف الحقائق هناك، لذلك لا أريد التعليق”.
إن الزعماء في دول وأقاليم أخرى ذات الأغلبية المسلمة، قدموا دعمهم لسياسات الصين تجاه الأويغور في الأمم المتحدة.
ومصير الأويغوري إدريس حسن، المحتجز حالياً من قبل السلطات المغربية بعد مطالبة بكين بتسليمه، معلق في الميزان.
أعادت جامعة الأزهر المصرية عشرات الطلاب الأويغور إلى مصائر غير مؤكدة بعد إصرار بكين في عام 2017، وأعاد عددا لا يحصى من الأويغور إلى الصين من قبل طاجيكستان وأوزبكستان وقيرغستان.
وتم الكشف مؤخراً عن سجن سري مخصص للأويغور في دبي، بإنتظار تسليمهم إلى الصين.
كانت أول حالة موثقة للإعادة القسرية للأويغور الذين تعتبرهم بكين إرهابيين، في عام 1997 عندما أعادت باكستان 14 أويغورياً وتم إعدامهم بإجراءات موجزة بعد عبورهم الحدود. وقد قامت جمعية أوكسيوس لشؤون آسيا الوسطى ومشروع حقوق الإنسان للأويغور UHRP بجمع هذه القضية ومجموعة من 1546 حالة، عبر 28 دولة للاحتجاز والترحيل بين 1997 ومارس 2021، في تقرير جديد بعنوان لا يوجد مكان متبقي للهروب تم إطلاقه في يونيو من هذا العام.
وتظهر إستنتاجاتها كيف أن الحكومات من الدول ذات الغالبية المسلمة “تعاونت مع بكين لمراقبة واحتجاز وإعادة الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى من الصين الذين فروا من تركستان الشرقية”.
قال برادلي جاردين، وهو مدير الأبحاث في جمعية أوكسيوس Oxus لشؤون آسيا الوسطى والمؤلف الرئيسي للتقرير، لإذاعة آسيا الحرة “تُظهر قاعدة البيانات هذه أنه ليس مجرد نفاق من العالم الإسلامي، بل إنه تعاون نشط مع الصين”.
إدريس منزعج من إزدواجية الدول الإسلامية. يدعي أنهم بنفس واحد أقسموا بالولاء لإخوانهم المسلمين، بينما في نفس الوقت لا يزالون راضين عن تلقي مساعدات كبيرة من الصين.
أعلن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، عن حبه العميق والشخصي للمدينة خلال زيارة إلى كاشغر في قلب الأويغور، عندما كان رئيساً. قال إدريس: “إنه يعرف بالضبط ما يجري في تركستان الشرقية، لكن على الرغم من ذلك، كانت إيران سعيدة بإبرام صفقة بقيمة 400 مليار دولار مع الصين هذا العام، لبناء طرقها، وبنيتها التحتية، وتركيب شبكات الجيل الخامس من هواوي”.
كما يزعم إدريس صور قبضة بكين على العالم الإسلامي، من معاهد كونفوشيوس الإماراتية التي تنشر دروس لغة الماندرين وحافظة الإستثمار الباكستانية البالغة 150 مليار دولار إلى التعاون مع مصر في بناء رأسمالها الجديد، والضغط على تركيا للتصديق على معاهدة تسليم المجرمين مقابل لقاحات كوفيد، وعروض أخيراً لمساعدة حكومة طالبان المارقة التي تمتعت بعلاقات جيدة منذ عام 1998) وإعادة بناء البلاد في مقابل الليثيوم والأويغور.
لقد أصبح إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون في عام 2001، لضمان الأمن والإستقرار في جميع أنحاء منطقة الأوروبية الآسيوية الشاسعة في الصين يحتل المرتبة الأولى وفقاً لما ذكره إدريس وهي معادية للأويغور بشكل متزايد. تتألف من الصين والهند وكازاخستان وقيرغيزستان وباكستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان، ومؤخراً إيران، معاهدات التسليم ليست ضرورية بين الدول الأعضاء، ويتم الإمتثال لمطالب الصين بتسليم الأويغور دون هوادة. إن عروض الصين لبناء جدران حماية على الإنترنت في كل من هذه الدول ستجعلها قمعية وأورويلية كما أصبحت تركستان الشرقية.
وسط الخيانة والصفقات المزدوجة، لاحظ عمر قانات بدايات موجة من الدعم للأويغور من المسلمين على الأرض المستعدين للنهوض وتحدي قادتهم. وفي حديثه للمجلة الإخبارية الماليزية، ماليزيكيني، قال إنه في ديسمبر 2020، دعت 150 منظمة إسلامية من 15 دولة منظمة التعاون الإسلامي إلى الإلتزام بميثاقها، من أجل “الحفاظ على القيم الإسلامية السامية المتمثلة في السلام والرحمة والترويج لها وتعزيزها. التسامح والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية “وإدانة الجرائم الفظيعة التي اُرتكبت ضد الأويغور.
وقال: “أيدت المنظمات غير الحكومية من تسع دول ذات أغلبية مسلمة، بما في ذلك ماليزيا وإندونيسيا، الدعوة العالمية للعمل من أجل توقف الشركات عن الإستفادة من العمل القسري الذي تنظمه الدولة للأويغور”، وشجع المجتمع المدني المسلم على وسائل التواصل الإجتماعي والمجموعات. مثل “ماليزيا من أجل الأويغور” و “الحرية للأويغور الآن” و “إندونيسيا أنقذوا الأويغور” الذين يدعون إلى إتخاذ إجراءات عاجلة.
وقد أثلج صدره سخط المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم الذي يتزايد شكوكه بشأن النفوذ السياسي والإقتصادي الصيني في بلدانهم. وقال: “بينما تتكشف رواية الصين عن رأس المال الخالي من الشروط، والخالي من الديون، والمستدام”، فإن “الاحتجاجات في الأرجنتين، والمجر، وقازاقستان، وكينيا، وقيرغيزستان، وميانمار، وسريلانكا، وفيتنام، وغيرهم، يجب أن تعطي قادة الدول ذات الأغلبية المسلمة وقفة للتفكير، وتساءل: هل من المفيد أن نتفق مع رؤية بكين للعالم مقابل المعونة والتجارة والإستثمار عندما يتصاعد تشكيك المواطنين في هذه السياسة؟ “.
لكن لكي تكتسب الاحتجاجات قدراً كافياً من القوة لإلغاء القرارات التي اتخذها قادتها في الأمم المتحدة، كان الخوف من الإنتقام الإقتصادي يشكل عقبة كبيرة. وفي إشارة إلى قدرة بكين على كبح المعارضة لسياساتها في مختلف أنحاء العالم، وتعديها المتزايد على حرية التعبير، حذر من أن “هذا الخوف يفرض ثمناً باهظاً للغاية على شعب الأويغور، ولكن إذا أصبح الصمت عادة، فمن سيكون القادم الذي سيدفع الثمن؟
المصدر: تركستان تايمز