صلاة التراويح مع إمام عن بعد؟
أ. د. أحمد الريسوني
هذه المسألة تكلمتُ فيها عدة مرات هذه الأيام، لأن السؤال عنها ملحٌّ ومتكرر، فلم أجد بدا من قول ما أراه.
ثم بعض الإخوة طلبوا أن يكون جوابي مكتوبا. فها هو مكتوب، ولكنه يبقى جوابا مقتضبا، ذا طبيعة عملية. وليس لي وقت للتفاصيل والمناقشات فيه..
أرى أن صلاة التراويح، اقتداء بإمام غائب بعيد، لا مانع منها شرعا، بل الأدلة تشهد لها. وتتأكد مشروعيتها لمن لا يحسنون قراءة القرآن، ولا يجدون من يصلي بهم، من الرجال والنساء.. فلا شك عندي أن صلاتهم وقيامهم مع إمام غائب خير من التفويت والحرمان منها، وخير من الأداء غير المرضي لهذه الصلاة، بالتعثر أو الانقطاع، أو بقراءة المعوذتين وما جاورهما طيلة رمضان. وأما من قدر أن يصلي ويقرأ لنفسه، أو مع مَن يؤمه وهو معه في مكانه، فذلك لا شك أفضلُ وأسلم من الخلاف.
وفي جميع الحالات فصلاة النوافل مع إمام غائب بعيد لا بأس بها.
والدليل على ذلك:
أن نوافل الصلاة، وغيرها من النوافل، كصيام التطوع وعقود التبرعات.. فيها تسهيلات وترخيصات شرعية معلومة، تشجيعا من الشارع الحكيم على فعلها وتكثيرها. وهي مقررة لدى العلماء.
أن الفقهاء قاسوا على سُنن الشرع المنصوصةِ، ومشَوا على هديها، فرخصوا رخصا عديدة في النوافل والقربات، مما لا يُقبل مثله في الفرائض والعزائم. والقياس في الرخص هو قول الجمهور من الأصوليين والفقهاء. قال القرافي في (النفائس): “إذا فهمنا أن الله- تعالى- منحَ عبادَه منحة لأجل معنى مشترك بينها وبين صورة أخرى، جعلنا تلك الصورة الأخرى منحةً من الله تعالى بالقياس، تكثيرا لمنَح الله تعالى، وحفظا لحكمة الوصف عن الضياع”.
صلاة التراويح، وسائر صلوات النافلة: الأصل فيها أن تؤدى منفردة، بلا إمام ولا جماعة. فليس مطلوبا فيها الاجتماع والصفوف والإمام، كصلاة الجماعة والجمعة، فلذلك لا على مصليها أن يكون منقطعا عن الإمام وعن صفوف المصلين. فهو أساسا إنما يستفيد من الإمام قراءته.
{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
أحمد الريسوني، 29شعبان1441/ 22أبريل2020
(المصدر: قناة د. وصفي عاشور أبو زيد على التيليعرام)