صفقة القرن.. وتقنين الاحتلال
بقلم محمد شعبان أيوب
كل ما ذُكر في صفقة القرن كان معروفا بل ومطبقا على الأرض فعليا، وإن أعطى الشرعية في مسألة غور الأردن من ضفته الغربية كحق لليهود في حدود واضحة لهم، يعني التماس سيكون ما بين الأردن وإسرائيل على طول الحدود (بخلاف الماضي الذي كان يعطي للفلسطينيين على الورق هذا الحق) فضلا عن نسيان عودة اللاجئين نهائيا.
المغريات هي 50 مليار دولار، يعني أقل من نصف ثروة جيف بيزوس صاحب أمازون، وهي ليست حتى في إطار مالي مباشر، وإنما من خلال “مشاريع” الله يعلم من سينفذها ومتى وهل سيقبل بها اليهود أصلا أم لا، وهو ثمن على كل حال، بخس وحقير لبيع فلسطين.
ما أعطاه ترامب في الحقيقة “لا شيء” سوى تقنين الاحتلال وشرعنته نهائيا، ثم سحق كل قرارات “الشرعية الدولية” التي انبثقت عن أوسلو أيام عرفات، بواقع جديد يفتح لليهود فيه الباب مستقبلا ربما لطرد كل الفلسطينيين من أراضيهم,
ومع ذلك ماذا سيفعلون عند رفض الفلسطينيين – وهم يعرفون ذلك – فلا حماس وأمثالها ستترك السلاح، ولا محمود عباس سيخرج علنا فضلا عن السر للموافقة على هذا الوضع، ليس لأنه شريف عفيف؛ ولكن لأنه ظهره أصبح للحيط حرفيا أمام من يصدقونه، فهل سيكون مصيره مثل عرفات.
هذه الاحتمالات والأخذ والرد، ودعم العرب العلني والواضح لهذه الخيانة، يعني أن الباب مفتوح لليهود لتحقيق ما هو أكبر وأخطر من ذلك في السنوات العشر القادمة، ربما حلمهم بسحق الوجود الفلسطيني بالكلية وهذا ما يسعون له فعليا، وربما توسيع حدودهم إلى خارج فلسطين التاريخية فيما بعد.
والحق أن كلامهم اليوم، واستشهادهم من التوارة والإنجيل، واحتقارهم العلني للمسلمين، وتأكيدهم على أن هذه دولة “يهودية” = يحسم مسألة المواجهة والصراع، ويضيقه ويجعله في إطاره الديني كما قطع القرآن الكريم، والنبي العظيم صلى الله عليه وسلم منذ قرون في هذه المسألة، وأن كل ما عدا ذلك مجرد تفاصيل لا قيمة لها ..
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)