صفقة القرن والحب من طرف واحد
بقلم مصطفى الصواف
طال الانتظار وكثر الحديث عن صفقة القرن التي أعدتها “إسرائيل” وتبنتها الإدارة الأمريكية بالكامل واتخذت خطوات عملية قبل الكشف عن الصفقة كنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والعمل على تصفية وكالة الغوث تمهيدا لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين الشاهد على أن أرض فلسطين لها اصحاب هُجروا منها قصرا من قبل عصابات صهيونية مدعومة من بريطانيا عبر مجازر ارتكبت لدفع من تبقى على الرحيل عن أرضه.
صفقة القرن الإسرائيلية الأمريكية قبلت بها “إسرائيل” التي صنعتها، وروض العرب للقبول بها والترويج لها والضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بها كحل وفق سياسة الأمر الواقع وتحت شعار ليس بالإمكان أفضل مما كان، وإذا لم تقبلوا بها لن تناول بعد لك شيئا ولن نتمكن كعرب أن نقدم لكم شيئا لأن شعار العرب اليوم أنا ومن بعدي الطوفان.
حتى اللحظة لم تعلن بنود الصفقة بشكل رسمي وإن شرحت معالمها للمنهزمين العرب المهرولين نحو القبول بها وعرض على عباس ما عرض على العرب والواضح من خلال التصريحات والمواقف المعلنة هو رفض ما عرضه العرب والإدارة الأمريكية من ملامح الصفقة عبر ما يسمى تسريبات إعلامية مدروسة من قبل “إسرائيل” وأمريكا، وفي نفس الوقت ملامح الصفقة مرفوضة من بقية القوى والفصائل الفلسطينية جميعا وقد يكون هذا الرفض من الكل الفلسطيني رغم عدم التوافق عليه هو المعلن حتى اليوم.
وحدة الموقف الفلسطيني حول ما يسرب من الصفقة رغم حالة الانقسام والخلاف بين الأطراف الفلسطينية قد تكون العائق أمام الإعلان الرسمي عن شكل وتركيبة الصفقة رغم تشكيك البعض في مواقف السلطة من الصفقة في ظل الإجراءات العقابية المفروضة على غزة من قبل محمود عباس وحكومته؛ ولكن علينا أن نحاكم المعلن مع إبقاء الشك قائماً حول الرفض من قبل عباس وحكومته للصفقة والتي نتمنى أن يكون حقيقياً وأن تتخذ السلطة خطوات تبرهن على صدقها في الرفض، وعلى أن لا يكون هذا الرفض نوع من القبول حتى يقال أننا رفضنا ولكن فرض علينا الحل، وفرض الحل كان يوماً مطلباً من قبل محمود عباس لإدارة اوباما ولكن رفضت “إسرائيل” ذلك وحاولت الإدارة الأمريكية في نهاية عهد أوباما العمل على بلورة حل يفرض على الطرفين؛ ولكن انتهى عهد أوباما وجاء ترامب بما هو عليه الآن.
ما يجري من جولات مكوكية من قبل فريق ترامب اليهودي الصهيوني واللقاءات التي جرت بينه وبين كثير من الأطراف العربية هو المحاولة الأخيرة للضغط والإغراء، الضغط على محمود عباس للموافقة على المطروح أمريكيا وبشكل علني، وإغراء غزة عبر مشاريع اقتصادية وتنفيس للحصار ولكن على الأرض المصرية وبرعاية مصرية تامة الأمر الذي ترفضه القوى والفصائل الفلسطينية على اعتبار أن هذا المشروع سيلقي غزة في حجر مصر، وأن الحديث يدور عن مشاريع عربية على الأرض المصرية والهدف تخفيف الاحتقان الناتج عن الحصار وبذلك يمكن لجم القوى والفصائل في قطاع غزة وتدجين المقاومة.
صفقة القرن والممارسات العربية دخلت من مدخلات خاطئة عندما شخصت القضية الفلسطينية في أنها قضية إنسانية، وأن هناك وضع اقتصادي مدمر في غزة، وأن هذا الوضع قد ينفجر في أي لحظة متناسين أن القضية الفلسطينية ليست قضية إنسانية وأنها عبارة عن ناس جوعى تريد سد الرمق والانتعاش متناسين مرة أخرى أن القضية قضية حقوق وقضية سياسية في المقام الأول وأن المدخل الإنساني لن يقدم حلا بل سيزيد الأمور تعقيدا ولن يؤدي إلى إحلال السلام في المنطقة وينهى الصراع الفلسطيني الصهيوني.
صفقة ترامب مرفوضة فلسطينيا، وهذا يشكل العقبة الأساس في تنفيذها حتى ولو فرضت بالقوة الغاشمة وبالتواطؤ العربي؛ ولكن إلى متى؟ هذا السؤال الذي لا يعرف ترامب له إجابة، سيمضي ترامب بعد عامين أو ستة أعوام وسيمضي رؤساء عرب وملوك وسيبقى الفلسطينيون على رفضهم، وهذا سر القوة للفلسطينيين، فلو وافق الفلسطينيون على المطروح لانتهى الأمر ولكن الرفض الفلسطيني سيبطل الصفقة وأن أي حل لا يحقق حقوق ومصالح الفلسطينيين لن يكتب له النجاح.
خلاصة القول وهذا نقوله للفلسطينيين لو بالفعل أنتم ترفضون صفقة القرن فما عليكم إلا الوحدة بها تكونوا العنصر الأقوى من ترامب ونتنياهو و(هلافيت) العرب وستحققون ما تريدون، ألا يكفيكم هذا، انزعوا الخوف من بعضكم وأقبلوا على المصالحة لو بالفعل كنتم ضد صفقة القرن.
(المصدر: موقع بصائر)